لا تخذلوا الصناديق بعد أن اكتسبتم بها احترام العالم - محمد محمود الإمام - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 3:33 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لا تخذلوا الصناديق بعد أن اكتسبتم بها احترام العالم

نشر فى : الأربعاء 6 يونيو 2012 - 8:45 ص | آخر تحديث : الأربعاء 6 يونيو 2012 - 8:45 ص

فى الثلاثين من الشهر الماضى نشرت جريدة «الشروق» خبرا مفاده أن بحثا قدّر نسبة من أصيبوا بما يسمى «كرب الصدمة» بسبب توالى أحداث العنف بعد ثورة 25 يناير، بـ60% من الشعب المصرى. ولم تمض سوى ثلاثة أيام حتى انضم إلى المكروبين نسبة أخرى صدمتهم أحكام ما أسمى «قضية القرن» اعتبرها البعض نكسة 2 يونيو. أطلق البعض طلقات نارية ابتهاجا بمؤبد المخلوع ووزير داخليته، ثم ساد الذهول لتبرئة من ساد اعتقاد أقرب إلى اليقين أنهم من سيتحقق فيهم قول المولى عز وجل «ولكم فى القصاص حياة».

 

●●●

 

لقد قاد تتابع الأحداث إلى تغلب مشاعر الإحباط والخوف من أن يتبدد 25 الضوء الذى أنهى يناير حالة الضياع فى ظلام نفق على مدى أربعة عقود، تاركا إيانا فى نفق أشد إظلاما. فإما ثورة سلمية أخرى منظمة من البداية، أو ثورة مسلحة تجسد تجارب الجيران أمام أبصارنا وأسماعنا وعقولنا عواقبها ودور عوامل خارجية تتربص بنا. ساهم فى ذلك طول الفترة الانتقالية التى تحولت إلى فترة انتظارية لا تتخذ قيها قرارات حاسمة بدعوى الانتظار لحين استكمال مؤسسات النظام الجديد الذى اتفق الجميع على أن يكون ديمقراطيا قادرا على تحقيق أهداف «العيش والحرية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية». ولم ندرك بعد أن تعريفنا لتلك الفترة بهذه الصورة، أفضى إلى تأجيل إقامة النظام الذى حلمت به الثورة لحين الانتهاء من استكمال المؤسسات وفى مقدمتها الدستور، لتبدأ بعد ذلك مرحلة انتقالية تستكمل بناء الدولة والمجتمع بجميع فاعلياتهما القادرة على وضع السياسات والبرامج والخطط التى تبلور معالم جمهورية ثالثة ننعم بالعيش فيها نحن وذريتنا فى عزة ورخاء.

 

●●●

 

دعونا لا نتوقف عند ما فات ونتوهم ما ينتظرنا من ملمات، فالطريق الصحيح هو الذى يبنى فيه الإنسان على نجاحاته ويسعى إلى تفادى أخطائه حتى لا تثنيه عن مقاصده. من هذا المنطلق حاولت فى مقالى السابق أن أرصد ما نقبل أن يدخل فى رصيد المستقبل. وأوضحت أننا سجلنا لحظات رفع العالم كله قبعاته تقديرا وانبهارا بقدرة شعب ترتفع فيه نسبة الأمية إلى 30% ونسبة الفقر إلى 40% واستأثر بالسلطة فيه والثروة 1%، على أن يسجل رجاله ونساؤه إقبالا وانتظاما فى صفوف استفتاء أتى بنتائج تأباها مقتضيات اختصار الطريق إلى استكمال معالم الدولة الجديدة، ومع ذلك حرص العقلاء على التسليم بها حتى لا يؤدى العناد إزاءها إلى إغلاق المنفذ الرئيسى للخروج من براثن أشلاء النظام القديم. ثم تكرر الأمر عندما جرى التخويف من فلول ذلك النظام للتشكيك فى الانتخابات النيابية فإذا الشعب يلفظهم، وإن اقتنص الفرصة فصيل طالما ذاق العذاب من آلته الجهنمية، بينما ظهر على السطح فصيل يشاركه نفس الأسس لم يكن هناك ما يوحى بوجوده بهذه الكثرة العددية. ورغم أنه كان يرفض التنظيم الحزبى لإنكاره مفهوم الديمقراطية، إلا أنه سرعان ما عاد إلى الملعب قابلا الشروط الأساسية للعبة وإن ظل يرفض قواعدها وأحكامها.

 

ولكن هذا بحد ذاته مكسب لكل من ينطلق من الفكر الديمقراطى السليم الذى يريد احتواء الجميع ورفض منهج الإقصاء المتبادل. ولأول مرة تتبلور فى أذهان العامة والخاصة فكرة المواطنة التى أضيفت ذرا للرماد فى العيون إلى دستور 1971.

 

ثم جاءت الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة التى دفعت الراغبين فى توليها إلى طرق أبواب الكفور والنجوع، لتنتهى فكرة الوالى الذى يتشدق برعاية المواطن البسيط بعد أن يمتص دماءه ويجفف منابع رزقه. ويصف حمدى قنديل نتائجها بأنها بمثابة كوميديا سوداء تعبيرا عن حالة يعانيها كثيرون يحارون بين المر والأمر منه. غير أن عدم حصول مرشح للثوار على أصوات تجعله يزاحم على المواقع الخمس الأولى يظهر أن القضية ليست عسكر ومدنيين. وإذا غاب العسكر فمن يأتى بمن يرضاه الشعب أو الغالبية؟ وما هو سنده الدستورى؟ لقد دعانى ذلك لأن أقترح فى 8 فبراير لجنة تسيير من ثلاثة مدنيين ومثلهم عسكريين تمر من خلالهم قرارات المجلس العسكرى. غير أننا نواجه الآن واقعا جديدا فيه يحصل كل مرشح على أصوات من يرغبونه، وعلى أصوات من يرونه الأقل سوءا.

 

فالفريق اختل ميزانه الزمنى: اعتذر علنا عن الترشح لأنه بلغ من العمر عتيا، ولكنه يسابق الزمن الآن قبل أن يرتد به إلى الطفولة؛ وهو يعد باسترداد الأمن فى 24 ساعة، بينما الذى تولى الأمن فى عهده اللجان الشعبية، وكان وزير داخليته وجدى هو من حمى قتلة الثوار بإزالة أدلة الإثبات بعيدا عن أيدى قضاة التحقيق، وهو الذى سيجعل الشعب إيد واحدة لأنه سيأمر الجيش بقطع الثانية فى 5 دقائق كما حدث فى العباسية. ولم يترك لنا مجالا للشك أن وراءه الفلول الذين روعوا الأمن وصرفوا على حملته ما ينوون استرداده من قوت الشعب. أما منافسه فقد أقدّر له أن يظل على مبادئه التى أبلغته موقعا متقدما فى صفوف الإخوان. ولكن هذه المبادئ هى المشكلة لأنها تتسلط على غيرهم من المسلمين فى وجدانهم الإيمانى، وتهدد غيرهم فى وجودهم. ولا أراه سيقف على حياد إذا لم يخالف ضميره، من مؤسسات بيد حزب تتابعت تحركاته على نحو يشير إلى تكرار سوء التقدير، هذا حتى لا نتهمهم بالكذب والتضليل.

 

●●●

 

هناك من يرى الامتناع عن التصويت، ولكن هذا سيقلل من تقدير العالم ولا يضيف إلى راحة البال. وحتى لا أتهم بكتمان الشهادة، فسوف أمارس حقى فى الانتخاب. وكما رفضتهما فى الجولة الأولى واخترت حمدين لإيمانه بالثورتين يوليو ويناير، سأرفضهما بالشطب على اسميهما، حتى تحسب نسبة المؤيدين للفائز إلى مجموع المصوتين فتتراجع مشروعيته فى أعين المصريين والعالم، وأجنبه إغراءات الاعتداد فالاستعباد

محمد محمود الإمام وزير التخطيط الأسبق
التعليقات