اتخاذ المبادرات - امال قرامى - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 6:40 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

اتخاذ المبادرات

نشر فى : الإثنين 6 يونيو 2016 - 11:40 م | آخر تحديث : الإثنين 6 يونيو 2016 - 11:40 م

لطالما انتقد المحللون السياسيون والمعارضة والمتابعون للشأن السياسى غياب المبادرات فى المجال السياسى، وخاصة لدى من هم فى مواقع السلطة، والحال أن الشباب المبدع لا ينفك عن إدهاش العالم؛ يبتكر وينتج الأفكار ويقطع مع الاجترار والقديم والمألوف.


وسرعان ما جاء الرد من حزب النهضة الذى أطلق مبادرة الفصل بين النهضة والإخوان من جهة، والسياسى والدعوى من جهة أخرى، فضلا عن الترويج للإسلام الديمقراطى. وفى الأسبوع الفارط تقدم حزب المسار بمبادرة جديدة اقترح من خلالها جملة من الحلول للخروج من الأزمات الخانقة التى تمر بها البلاد. وقد سعى قياديو حزب المسار إلى تكوين جبهة ائتلاف مع الجبهة الشعبية علهم بذلك يؤثرون فى تغيير الوضع. وها هو اليوم رئيس الجمهورية يطرح مبادرة تشكيل حكومة وطنية تتضمن الأحزاب المشكلة للتنسيقية الحزبية وعددا من المستقلين والمنتمين إلى الاتحاد العام التونسى للشغل والاتحاد الوطنى للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية.


***


وبقطع النظر عن نوايا الرئيس ومقاصده من وراء هذه المبادرة: الاعتراف بفشل حكومة الصيد فى فرض تطبيق القانون ومواجهة أزمة البطالة والحد من التهميش ومقاومة الفساد والتفاوض مع اتحاد الشغل الذى بات فى نظر البعض، يتمتع بسلطة تواجه الدولة.. فإن عرض المبادرة خلق ردود فعل متفاوتة وأحدثا دينامكية جديدة فى مجال عرض المبادرات وأثبت أن الباجى قائد السبسى له برنامج واضح لحكومة الوحدة الوطنية يلخص فى مراكز مهمة؛ محاربة الإرهاب ومحاربة الفساد الذى تمكن من عدة قطاعات ودعم المسار الديمقراطى والحد من تهميش الجهات والشباب مع التأكيد على المضامين الاجتماعية التى لابد لهذه الحكومة أن تعمل من أجل تكريسها.


ولا يذهبن فى الظن أن مختلف مكونات المجتمع تكتفى برد الفعل على ما يطرح من مبادرات بل إنها تحاول، من موقعها ابتكار الأفكار وصياغة المقترحات. وبناء على ذلك أقدمت مجموعة من الجمعيات بإطلاق مبادرة تهدف إلى حماية حق المفطرين فى شهر رمضان من الانتهاكات التى تلحقهم. وتعد هذه الاستراتيجية الاستباقية محاولة للفت انتباه السلطات المعنية حتى تحترم المواد التى تضمنها الدستور بشأن المساواة وعدم التمييز بين المواطنين على أساس الجنس أو اللون أو الدين وضمان الحريات الفردية لكل المواطنات والمواطنين وحرية المعتقد وحرية الضمير والحق فى ممارسة الشعائر. وليست هذه المبادرة إلا محاولة للتعبير عن تمسك المروجين لها بمبدأ العيش معا فى ظل قيم احترام الحق فى الاختلاف.


وفى المقابل لم يتأخر حزب «تونس الزيتونة» عن الإعلان عن مبادرته الجديدة. فقد توعد أنصار الحزب المجاهرين بالإفطار فى رمضان بالملاحقة وتصويرهم للتشهير بهم على صفحات المواقع الاجتماعية. وحذر هؤلاء المفطرين من العقوبات التى تنتظرهم إذ إن عناصر الحزب أو «العيون التى لا تنام» لن يتوانوا عن اقتحام المقاهى والمطاعم المفتوحة فى رمضان وتصوير روادها وتوثيق هذه «التجاوزات» فى شكل تقارير ترفع لاحقا إلى السلطات الرسمية فى البلاد، وعلى رأسها وزارة الشئون الدينية.. وبذلك تتعاون الوزارة مع مكونات المجتمع المدنى، أى «الأمن الموازى» أو «الشرطة الدينية» من أجل تأديب المفطرين.


***


يبدو أننا إزاء موسم إطلاق المبادرات وابتكار الأفكار وإنتاج البدع والتصورات الفردية وأحيانا الجماعية التى تعبر عن قلق الهويات ومحنة البحث عن المخارج ومحاولات الإفلات من أسر الصور المنمطة.. ولكن إلى أى مدى تعكس هذه المبادرات مطالب الجماهير وانتظاراتهم فى هذا السياق التاريخى؟ وهل تعبر هذه المبادرات عن قدرة فعلية على فهم الواقع المتغير وتحليل التحولات التى يعيشها التونسيون على مستوى البنى الذهنية والنفسية والثقافية؟
وبما أننا بصدد رصد هلال شهر رمضان فلا مانع من إطلاق مبادرة «متى يهل هلال حكومة الوحدة الوطنية» فى محاولة للضغط على أصحاب سلطة القرار علهم يفرجوا كربنا.

التعليقات