الأهرام - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 7:15 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأهرام

نشر فى : الأربعاء 7 يناير 2015 - 8:30 ص | آخر تحديث : الأربعاء 7 يناير 2015 - 8:30 ص

ينتمى هذا الفيلم الحديث إلى مدرسة الرعب السقيمة، ويحتل مكانا ضئيلا مع ركام الأعمال المعتمدة على الفرعونيات، وتدور فى المعابد والمقابر القديمة، لا نكترث بأى معلومات ثقافية، لكن يجنح نحو خرافات أقرب للشعوذة، حيث المومياوات التى لا تزال روح الحياة تدب فيها، والأرواح الشريرة القابعة فى الأقبية، بالإضافة لثعابين سامة تخرج من جحورها، وأسراب وطاويط من الممكن أن تنطلق فى أى لحظة، ولا بأس بفئران قميئة، متعددة المهارات، ذات طابع وحشى، تجرى بجوار الجدران.. من ناحية اللغة السينمائية، توارثت أجيال المخرجين مفردات الظلال والإعتام، المباغتات، المطاردات، تشويه الوجوه والأجساد، الموسيقى ذات التأثير الإرعابى، الممزوجة بالصراخ والرياح والعواصف الرملية.

«الأهرام»، بإخراج جريجوى ليفاسور، الفرنسى المولد، يبدأ باكتشاف، عن طريق قمر صناعى، لهرم مدفون تحت رمال الصحراء المصرية.. إحدى الجامعات ترسل مجموعة من علماء الآثار لمعرفة الأمر. القمر الصناعى يتبع وكالة ناسا، وطبعا، الجامعة أمريكية، والإنتاج هوليوودى لشركة فوكس.. من بين العلماء واحد من أصول مصرية، اسمه «زهير»، يتولى، بعربية مهشمة، التفاهم مع ضابط مصرى، ضخم الجثة، ملتحٍ، اسمه «شديد»!، وهو شديد فعلا، يطالبهم، المرة تلو المرة، بمغادرة المكان، كى لا يفقد رتبته.. الأحداث تدور فى الحاضر، فإدارة الجامعة تبعث برسالة للفريق، تأمره بالعودة فورا، لأن الأوضاع فى المدن المصرية غير مستقرة، ذلك أن الجيش يصطدم مع الشعب، فى الشوارع. الأثريون يرفضون الانصياع، ويعلقون: نحن فى مأمن، لأننا فى الصحراء، بعيدا عن فوضى المدن.

أول الغيث قطرة، ما أن يفتح مدخل الهرم، تحت الرمال، حتى يهب من الداخل ما يشبه الدخان، يفزع الجميع، ويصاب أحدهم بجروح ويفقد بصره.. رئيس البعثة، العلمانى، العاقل، يطلب من بطلة الفيلم «نورا» ــ بأداء أشلى هنشاو ــ عدم الحديث الممجوج، الخرافى، عن «لعنة الفراعنة».

المشاهد السابقة لا تستغرق سوى عدة دقائق.. الفريق يدخل من الفجوة، يسير تباعا فى ممرات ضيقة، معتمة، وتتوالى المخاوف. الجدران، آيلة للسقوط. الأرض تطقطق تحت الأقدام منذرة بالتشقق والتداعى.. أحد أعضاء الفريق يتوه فى دهاليز مظلمة. صرخات ألم واستغاثة. «نورا»، بالكاد، ترى المختفى قتيلا، حوله بقعة دم.. تدرك، مع من معها، إنهم وقعوا فى فخ.

كاتبا السيناريو، دانييل مارسيل ونك سيمون، تعلما من هيتشكوك، صاحب «الطيور»، وستيفن سبيلبرج، صاحب «الفك المفترس»، وغيرهما، سحر التشويق، كلما تأخر سر الخطر.. فى «الأهرام» لا يتجسد السر إلا فى الثلث الثالث من الفيلم.. فما هو؟
تأتيك الإجابة بعد طول تلكؤ.. إنه «أنوبيس»، إله الموتى فى الميثولوجيا الفرعونية، يشغل العديد من الوظائف وتتنوع أدواره وتتغير فى الحقب المصرية القديمة، فهو دليل الموتى فى الآخرة، حارس الجبانات، حامى المومياوات، المسئول عن الميزان الذى يوضع فى حدى كفتيه قلب المتوفى، قبالة ريشة فى الكفة الأخرى.. وهو، فى الرسوم والمنحوتات، له جسم بشرى برأس ابن آوى.. الجسم، ممشوق القوام، يمسك إما بمفتاح الحياة، أو صولجان، أو عصاة طويلة، وملامح وجهه على قدر كبير من الحياد.

«أنوبيس»، يظهر فى الفيلم كوحش شرس، قاتل، دميم، أقرب إلى المسخ، أشبه بدراكيولا، عظامه بارزة تحت جلده، أظافره أقرب للمخالب، طويلة، قذرة.. لا يمتص دماء ضحاياه، ولكن ينزع القلوب من الأحياء.. وها هو، فى لقطات متعمدة التشوش، يقضى على فرد تلو الآخر، إلى ألا تتبقى إلا «نورا»، حيث يطاردها من ممر إلى دهليز، وحين يظفر بها، تحلو، فيما يبدو، فى عينيه. يتلمس صدرها بأصابعه الفظيعة، ويلتصق بها على نحو م ريب.. لا نعلم إن كان قد قضى وطره منها أم لا، ذلك أن الاعتام يسدل على المشهد.

يتابع الفيلم، على نحو سقيم، مطاردات المسخ للرقيقة «نورا»، تكاد تصل إلى فوهة الهرم. نصفها العلوى فى الخارج، لكن قوة ما تسحبها للداخل، صراخه يتعالى.. ما الذى فعله الوحش «أنوبيس» بها؟.. عموما، ها هى تخرج من جديد، إلى ضياء الشمس، يقترب منها طفل وديع، يلتفت له، إحدى عينيها مشوهة، وثمة من يطبق، من الخلف، على الطفل البرىء، ومع إطباقته، ينطبق الظلام، وينتهى «الأهرام»، منذرا بجزء ثان من الفيلم النمطى، التجارى، الهزيل، المشبع بالاستخفاف.. والجهل

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات