الإسلام كما أدين به - 22 - المسلم مع دائرة الجوار - جمال قطب - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 6:09 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإسلام كما أدين به - 22 - المسلم مع دائرة الجوار

نشر فى : الخميس 7 يوليه 2016 - 9:20 م | آخر تحديث : الخميس 7 يوليه 2016 - 9:30 م
كما فرض الله على المسلم أن يعيش حياته مع أفراد أسرته وعائلته وجعل لصلة القربى وصلة الرحم ثوابا عظيما يلى ثواب البر السارى بين «الأصول والفروع» (الوالدين والأبناء)، فرض الله على الجميع إقامة وتحسين جميع صلات الجوار.

ــ1ــ

والجوار لا يعنى مجرد تلاصق أو تجاور البنيان.. بل الجوار أنواع متوازية، فهناك جوار السكن الدائم والمعروف، وجوار السكن المؤقت مثل سكن المصايف والمشاتى والنجوع والمزارع.. إلخ.

كما أن هناك الجوار العارض مثل مجاورتك لنزلاء الفنادق وأمثالها.. فكل تلك الأنواع جوار يجب مراعاته، والحرص على راحته، بل من حسن إسلام المرء أن يهتم بتنمية علاقة الجوار وتحسينها تأسيسا لوجهة الإسلام العام فى ضرورة تقارب البشر (فى الأمم والدول) «لتعارفوا».. فهل ينشأ التعارف العالمى ويستقر إذا كانت علاقات الجوار الملاصقة لك فى مدينتك أو فى وطنك علاقة قلقة أو متوترة أو مقطوعة؟

ــ2ــ

فحينما يقرر القرآن التوصية بعد عبادة الله وبر الوالدين فيقول: «واعْبدوا الله ولا تشْركوا به شيْئا ۖ وبالْوالديْن إحْسانا وبذى الْقرْبىٰ والْيتامىٰ والْمساكين والْجار ذى الْقرْبىٰ والْجار الْجنب والصاحب بالْجنب..»، فهنا يفهم المسلم الأنواع المختلفة للجوار، ثم أنواع الصحبة التى يمكن أن تتحول إلى صداقة دائمة ومستقرة.

فـ«الصاحب» من يقترب معك فى طريق أو (وسيلة مواصلات)، أو من يشاركك زمالة الدراسة أو زمالة العمل.. وقس على ذلك كل المناسبات والظروف التى تفرض على الناس مجاورة بعضهم لو لمدة زمنية قصيرة لكنها متكررة ومتجددة ودائمة. فلا يصح شرعا أن يلتقى الناس بحكم الظروف ثم تتقطع العلاقات أو يشوبها الفتور وعدم الإحساس.

ــ3ــ

وقد لا يهتم الفرد بشريعة الجوار خصوصا مع مجاوريك فى المواصلات العامة أو السفن والطائرات فى تلك المسافات التى تطول وتمنح الإنسان فرصا ذهبية للتعارف المباشر.. ذلك التعارف المباشر غير المزيف برغبات وتفاهات الإعلام.. وإذا لم تكن مهتما بالتعارف، فلا تنس أن الشريعة قد فرضت عليك عدم إقلاق الجار (فى الطائرة.. إلخ) ولا مضايقته بكثرة الضوضاء وكثرة الحركة فى مساحة ضيقة.. والحرص على نظافة مكانك وعدم حمل مواد خطرة.. وأنا شخصيا أرى أن «غسل الجمعة» يحمل فى أهدافه الحرص العالى على عدم تضرر مجاورك من أى رائحة ومن أى مظهر مزعج، فإذا كان اللقاء لمدة لا تزيد عن نصف ساعة يستلزم «الغسل» و«العطر» و«بشاشة الوجه»، فكيف برحلة سفر تتجاوز الساعات؟!

ــ4ــ

فإذا قرأت أو سمعت وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجار فى قوله: «ما زال جبْريل يوصينى بالْجار حتى ظننْت أنه سيورثه»، تذكر دائما أنواع الجوار التى أشرنا إلى بعضها، وانظر فى نفسك كيف تحسن مجاورة كل هذه الأنواع وكيف تنال رضا الله ومحبة الرسول فى كل تلك الأحوال؟ وفكر أيضا ماذا تستفيد أنت حين يلتزم غيرك بحقوق الجار. علينا أن نفكر جميعا فى الموطن الذى نقيم فيه (الحي/ المدينة/ المحافظة/ الوطن) .. كل ذلك بحاجة إلى اهتمام ورعاية حتى يستفيد الجميع من نعم الله المتاحة لنا فى الأرض تحت أقدامنا.. أما هؤلاء الذين فيرددون «أنت فى حالك وأنا فى حالى» دون اهتمام بحقوق الآخر، فهؤلاء محرومون من الكثيرمن سعادة الدنيا ورضوان الله فى الآخرة.
جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات