رمضان قاعود - أحمد مجاهد - بوابة الشروق
الإثنين 20 مايو 2024 1:21 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رمضان قاعود

نشر فى : الإثنين 7 سبتمبر 2009 - 10:07 ص | آخر تحديث : الإثنين 7 سبتمبر 2009 - 10:07 ص

 صباح الفل.. اسم مجلة شعرية ساخرة دأب الشاعر فؤاد قاعود على إصدارها أسبوعيا داخل مجلة صباح الخير لعدة سنوات. ويحرر هذه المجلة ثلاث شخصيات متخيلة يرتدى الشاعر أقنعتهم أسبوعيا وهم: فرقع لوز، وجوعان بن هفتان، ونكد الدولة سخطان، وسوف نرى سويا حال هذه الشخصيات فى شهر رمضان الذى تعاقب على المجلة لأكثر من عام.

شخصية فرقع لوز شخصية تعتد بنفسها، وتميل إلى النقد الاجتماعى اللاذع، ولهذا يمكن تلخيص موقفها من شهر رمضان فى المقطع التالى:

بصوم وبفطر ع الأبصال
وعلى الأفوال
والحمد لله المتعال
أنا مش زعلان
*
ما دمت ماشى دماغى لفوق
وما فيش مخلوق
له عندى بل أنا ليا حقوق
وبقى لها زمان

أما شخصية جوعان بن هفتان فهى شخصية معدمة منسحقة، تبتذل نفسها بحثا عن الطعام، ولهذا فإن علاقته بالصوم علاقة خاصة جدا، حيث يقول:

الصوم خلاف الخلايق عندى شىء عادى
وإرث من عهد آبائى وأجدادى
صاموا جميع عمرهم وبشكل لا إرادى
من فقر أزلى ودا خلانى ما اتجوزش
لأنى ما رضيتش أحكم بيه على ولادى!

أما مكانة الشهر الكريم لديه فمستمدة من نبع آخر لا علاقة له بالتدين، حيث يقول فى نص آخر:

شهر الصيام جوه قلبى له مكان محجوز
فيه أستطيب البتلو وأمضغ الكندوز
وعندى ميت ألف صاحب لما أنوى وأعوز
أخش على أى واحد ألتقيه طابخ
ده غير كنافة وقطايف حشوها باللوز!

وعلى الرغم من الكرم المألوف فى الشهر الكريم، فإن القدر الذى يترصد جوعان
بن هفتان لا ينفك ينغص عليه حياته أحيانا حتى فى هذه الأيام المفترجة، حيث يقول فى نص آخر:

رمضان كريم والله أكرم بس أنا امبارح
عدا عليا ونا طول النهار سارح
القلب يائس وفى بطنى عذاب جارح
كل الصحاب اختفوا وسابوا مساكنهم
فهل ألاقى لتلك الظاهرة شارح!؟

أما شخصية نكد الدولة سخطان فهى شخصية حكيمة ومثقفة، دفعها بؤس الحياة وشقائها إلى النكد الدائم، والفقرة الخاصة بها تبدأ دائما بحكمة شعرية، تتبعها عدة أسطر من السجع على طريقة المقامات، يتبعها بيت شعرى على لسان شاعر متخيل، يتبعه قصيدة لنكد الدولة على نفس الوزن والقافية، بعدها ترد سطور قليلة من السجع تكون بمثابة خاتمة المقامة، وقد اخترت منها هذا النموذج الرمضانى:

ظهر الهلال وغاب قمرُ الدينِ
أفهل نصوم بغيره والتينِ؟!

يتكلف شهر رمضان. أكثر من الشهور العادية بزمان. ويعتقد البعض أن الصيام بدون ياميش. مسألة ما تجيش. وكأن الياميش شعيرة من الشعائر. ومن لم يشتره سيحتسب فاطر. وقد ارتفعت أسعار هذه الحاجات. حتى فاقت كل القدرات. ولكنها يطلبها الأولاد بالبكا. فيضطر الآباء إلى جلبها شككا. حتى لا ينظروا لما فى أيدى أولاد الجيران. فيشعروا بالامتهان. وقد أحضرت نصف لفة من قمر الدين. ونصف كيلو تين. وكيلو من البلح كامل. ورَوَّحت وأنا لكل هذا حامل. فهلل الأولاد وقالوا حاجات رمضان. وشهقت زوجتى شهقة الفرحان.

وبعد أن فتحت زوجتى اللفافات. ورأت قلة الكميات. زاغت منها النظرات وبدأت المشاجرات وقالت هذا قليل. ولن يبقى لبكره بالليل. فقلت احمدى الله ولا تطمعى. فما كنت حتى بهذا ستطلعى. لأنى كنت قررت ألا أحضر شيئا هذا العام. لأن الفلوس فى مثل هذا حرام. لكنى أردت أن أمنع القيل والقال. فأحضرت شيئا على قد الحال.

واعلمى أن هذا القدر الذى تحتقريه. قد وصل ثمنه مائة جنيه. وأنى لو أحضرت الكميات التى فى بالك. لأصبح كل المرتب فى حقها هالك. ولكنَّا سنفطر كل يوم بالبلح والتين. ونتسحر بقمر الدين. فلا نقود لشراء لحم أو خضار. فاهدئي وأعدى لنا الفطار.

وإلى النكدية الثالثة والستين. فى غلو الياميش والقمر الدين.
قال وزير التموين:
إن الياميش أراه بالمتوفرِ
وعلى المواطن أن يروح ويشترى!
وقلنا:
جننت فجأة يا سعاد فسنكرى
باباً علىَّ ولا تخافى منظرى
الأمر فك صمولة أصلية
فى عقل زوجك فالطمى وتحسَّرى
إن الياميش بكل بوتيك بدا
بالكوم بين ملفلف ومطرطر
ولقد هممت بأن أخش فردنى
سعرٌ قرأته فاق حد تصورى
أأخانق التموين أم أغشى الوغى
وأدين بياعاً غليظاً مفترى
لم أستطع شيئاً وعدت بخيبة
يا رحمة لأبى العيال المعسر
إن الحياة تلعثمت وتلجلجت
وبدت تتهته كالعبيط المحصرِ
زمن به الأعوام سريالية
وامتد لا معقوله في الأشهر
وكتاب أيام ردىءٌ جَمْعُهُ
ولقد عراه تلخبطٌ فى الأسطر !

وقد استطعت أن أحصل فى مستشفى المجانين على سرير. ولن أخرج إلا بعد العيد الكبير. وهذا من باب التوفير!

وإحقاقا للشهر الكريم فإننى لم أتدخل فى هذه المقامة إلا بتعديل تسعير عينات الياميش من خمسة جنيهات إلى مائة جنيه، نظرا لمراعاة فروق التوقيت، حيث كتب الشاعر هذا النص عام 1982، وكل عام وأنتم بخير.

التعليقات