ارفعوا أيديكم عن.. عادل إمام - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأربعاء 1 مايو 2024 1:45 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ارفعوا أيديكم عن.. عادل إمام

نشر فى : الأربعاء 8 فبراير 2012 - 9:15 ص | آخر تحديث : الأربعاء 8 فبراير 2012 - 9:15 ص

لم أصدق، حتى الآن، خبر إدانة عادل إمام، فى قضية رفعت ضده، تتهمه ــ والعياذ بالله ــ بازدراء الأديان، واتخذت من بعض أعماله، دليلا على ذلك، مثل مسرحيته الكوميدية الجميلة، الفانتازية، «الزعيم» التى تنتقد، بسخرية مليئة بالمفارقات، نمط حكام العالم الثالث، وحاشياتهم الفاسدة، ويقال إن فيلمه المهم «طيور الظلام»، الذى يرصد، بوعى، تيارات المجتمع المتصارعة، فى بدايات الألفية الثالثة.. وحسب ما جاء فى الصحف، أن فيلم «الإرهابى» بالتحديد، هو الذى أثار حفيظة رافع القضية، الذى  فيما يبدو ــ اكتشف فجأة، بعد ثمانية أعوام من عرضه، علما أنه ــ الإرهابى ــ شأنه شأن «الزعيم» و«طيور الظلام»، تحتفى به قنوات التليفزيون، ليس فى مصر فقط، بل فى معظم البلدان العربية.. وبعيدا عن مسألة، أو فزورة القضية، وقاعات المحاكم، وجدل القانونيين، يليق بنا أن ننظر لـ«الإرهابى» كعمل أصبحت ملكيته لكل من شاهده، وأن نرى الأثر الذى يتركه فى قلوب وعقول المتلقين، من دون الدخول فى تفاصيل الفيلم التى يعرفها المتفرج والقارئ.

 

لو اختير للفيلم عنوان آخر، لكان «قلب يتفتح للحياة»، فبقدر كبير من رحابة الأفق، عالج «الإرهابى» موضوعه الجاد، الصعب. وهذا ما جعل الفيلم عملا رقيقا، شفافا، برغم ما فيه من طلقات رصاص ودم وعنف. ابتعد كاتب السيناريو لينين الرملى، عن الخطابية الرنانة، وعن الجفاف الذى كان من الممكن أن يقع فيه إذا اتجه إلى إدانة هذا الطرف لحساب الطرف الآخر، فالكاتب الكبير، هنا، يرد، بمنطق الحياة، وصدق العواطف، ودفء العلاقات الإنسانية، على التعصب المقيت، والكراهية المرة، والنزعة الجنونية لتكفير الآخرين، ويحسب للفيلم الشجاع، أنه جاء إبان انتشار الإرهاب، متجسدا فى السطو على محال الذهب، وحرق دكاكين الفيديو، واغتيال أصحاب الأفكار المستنيرة، أو المختلفة مع حاملى السكاكين والمسدسات، الذى قتلوا الشيخ الذهبى والكاتب فرج فودة، وحاولوا ذبح أديبنا الأثير، المعبر عن ضمير مصر، نجيب محفوظ، بالإضافة لإطلاق رصاصات الغدر، على السياح، فى القاهرة وأسوان.

 

على عبدالظاهر، بأداء موفق من عادل إمام، شاب فقير، أغلقت أمامه نوافذ الأمل، والمستقبل، وبالتالى وجد بغيته فى جماعة تكفر المجتمع، ويضطر، فى مأزق وعر، أن يختبئ عند أسرة مصرية طيبة، متحابة، دافئة العلاقات، وهنا يكمن جوهر الفيلم، فالإرهابى، ليس مجرد وحش، أو كائن بلا قلب، فبطلنا، يدرك شيئا فشيئا، أن الحياة متنوعة الألوان، والأفكار، وأن العنف ليس سيد الأخلاق، ولكن اسوأها، ويتحول إلى إنسان جديد، بفضل حنان ربة البيت، وما يعايشه من نزاهة الطبيب، رب البيت، الذى يخرج فى منتصف الليل، لإنقاذ مريض.. وإذا كان ثمة بعض المآخذ الفنية التى قد تؤخذ على الفيلم، فإنها لا تقلل من قيمته كعمل بنَّاء وممتع، حققه المخرج الكبير نادر جلال، يستحق الاحترام، بصرف النظر عن مدى صحة الأخبار المبهمة، عن وقوعه فى قبضة غامضة، حيث لا يستطيع المتابع إلا أن يعلن، بضمير مستريح: ارفعوا أيديكم عن.. «الإرهابى».

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات