ماركيز.. فى عالم الأطياف - كمال رمزي - بوابة الشروق
الثلاثاء 14 مايو 2024 8:05 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ماركيز.. فى عالم الأطياف

نشر فى : الإثنين 8 ديسمبر 2014 - 8:35 ص | آخر تحديث : الإثنين 8 ديسمبر 2014 - 8:35 ص

ناقدنا اللامع الذكاء، صاحب الأسلوب الرشيق، المهتم، الملم، بعشرات القضايا، والمجالات، عصام زكريا، وقع، مستمتعا، فى شباك صاحب «مائة عام من العزلة»، ملك الواقعية السحرية، جارسيا ماركيز، ولم يستطع أن يتخلص من غوايته، حتى بعد الانتهاء من الطواف بعالمه، فى الكتاب الصادر من مهرجان القاهرة السينمائى.

منذ الصفحات الأولى، لا ينظر عصام زكريا للروائى كواحد من أفضل كتاب أمريكا اللاتينية، ولكن يراه، وعنده الأسباب، كاتبا عربيا.. وكاتبا حميما أيضا، والواضح أن ماركيز، أثر، بعمق فى ناقدنا، ذلك أن الكتاب، بتفريعاته، ونقلاته، واتساع اهتماماته، وامتزاج الخاص بالعام، وتعرضه، بعمق، لرواياته، وسيناريوهاته، وأحاديثه، وما كتب عنه، يبدو كأن ماركيز، ترك بصمته على صفحات الكتاب، حيث يعترف الناقد أنه كمن دخل قصرا مسحورا، أو مغامرة على بابا، وجد عشرات الجواهر القيمة، التى قد لا تخطر على بال.. فى المقدمة، يقول عصام، بصدق، إن الشىء الوحيد السلبى بخصوص عمله فى الكتاب، أنه اضطر للانتهاء منه.

يتابع الكتاب «109» صفحة، علاقة ماركيز بالسينما، منذ طفولته، مشاهدا شغوفا، إلى أن أصبح كاتبا للسيناريوهات، وناقدا، و«كومبارسا»، وفى كل مرحلة، تتجلى خصوصية ماركيز، فى نظرته للأحداث، وللأمور الشخصية والعامة.. ويعتمد ناقدنا، فى معلوماته، على حوارات الروائى، ومقالاته، وما كتب عنه، فضلا عن تقييمات عصام، للأفلام التى كتبها ماركيز، أو التى أخذت عن أعماله الأدبية.

من ذكريات الطفولة، يروى ماركيز عن تعلقه بالسينما، بسبب تعرض أخيه للجلد بقسوة على يد والده لأن الأخ اختفى، فى إحدى الليالى فجأة، وبعد البحث المضنى، القلق، عنه، ضبط فى دار العرض، يشاهد فيلم «دراكيولا».. تابع ماركيز «الجلدة التاريخية»، وتركت أثرا، قد لا يتأتى إلا لمن هو على شاكلة ماركيز ــ وهم قلة ــ ذلك أنه يتمثل فى التقدير الرفيع لسلوك أخيه الاستقلالى، وإقدامه، بإرادة كاملة، على ما يريد فعله، مهما كان الثمن.. بالإضافة، طبعا، للشغف بعالم الأطياف، الذى من أجله، وقع على الغاوى ذلك العقاب القاسى.

فى الكتاب، نتبين أن جذور «الواقعية السحرية» التى برع فيها ماركيز، ترجع، فى بعد من أبعادها، إلى ما تتضمنه بعض أفلام المخرج الإيطالى فللينى، والإسبانى لوى بونويل.

تمتد نظرة ماركيز، التى قد لا تخطر على بال، إلى الأعمال الأدبية، وربما كانت نظرته، الأكثر إثارة للدهشة، تتمثل فى رؤيته لـ«أوديب ملكا» لسوفكليس، التى حولها ماركيز إلى سيناريو عصرى، بعنوان «العمدة أوديب»، وقام بإخراجه الكولومبى خورخى ألى تريانا 1996.. ماركيز، يرى أن «أوديب ملكا»، هو العمل المفضل له، وأنه من أكثر الأعمال البوليسية ــ نعم البوليسية ــ اكتمالا.. فهنا، نكتشف، ويكتشف المحقق، أوديب، أنه هو.. القاتل.

ماركيز، يفضل الأدب على السينما، وبطريقته الماركيزية ــ إن صح التعبير ــ فى صياغة التشبيهات، يقول ان كتابة الرواية كالعشيقة، مبهجة وممتعة، بينما السينما، وكتابة السيناريو، مثل الزوجة، محبوبة، ولا يمن الاستغناء عنها.

اشترت شركات الإنتاج الكثير من قصص ماركيز، وصل بعضها لمليونى دولار، لكنه رفض تماما، بيع «مائة عام من العزلة».. وفى هذا الشأن، يقول «انا اعتقد أن من يقرأ رواية هو أكثر حرية ممن يشاهد فيلما. قارئ الرواية يتخيل الأمور مثلما يشاء. أما مشاهد السينما فليس أمامه مفر من تقبل الصورة التى تعرضها عليه الشاشة.. أتعرفون، لماذا لا أسمح بأن تنقل «مائة عام..» إلى السينما؟ لأننى أريد احترام مخيلة القارئ ــ حقه السامى ــ فى تخيل وجه الخالة أورسولا أو وجه الكولونيل مثلما يشتهى».

يتابع ناقدنا، مشاهدا، الأفلام المأخوذة عن قصص ماركيز، مثل «لا يوجد لصوص فى هذه المدينة» الذى أخرجه البرتو إيزاك 1965، و«سرد أحداث غير معلن» الذى حققه فرانشسكو روزى 1987، أو «ليس لدى الكولونيل من يكاتبه»، بإخراج أرتورو ريبستين 1999.. أو تلك التى كتب لها ــ ماركيز ــ السيناريو.. وسواء هذه أو تلك، تتجسد فى سطور ناقدنا، روح تلك الأفلام ووقعها، راصدا تأثير أقوى مشاهدها.. أسوأ ما فى الأمر، هو، الانتهاء من متعة قراءته.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات