تكبيرات العيد شعيرة وشعار - جمال قطب - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 8:07 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تكبيرات العيد شعيرة وشعار

نشر فى : الجمعة 9 أغسطس 2013 - 10:40 ص | آخر تحديث : الجمعة 9 أغسطس 2013 - 10:40 ص

1-

هذا عيدنا يتوج طاعتنا وصيامنا، ويبدأ بـ«تكبير الله»، وتكبير الله يعنى «تحجيم النفس»، والمباعدة بينها وبين أسباب الغرور والكبر. ويخرج الناس صباح العيد إلى المصلى العامة أى الخروج من الذات إلى الآخر، ومن الخاص إلى العام، ومن الفردية إلى الجماعية. لذلك أمر الشرع بترك المساجد صباح العيد لتجتمع أعداد كبيرة، وأذواق متعددة، وطبائع مختلفة، فيتقابل الجميع تحت مظلة العيد وفرحته وابتسامته.

ولا تبدأ شعائر صلاة العيد إلا بعد انتهاء المسلمين من إخراج صدقة الفطر وتوصيلها لمستحقيها، وتوصيلها باعتبارها «حق معلوم» فرضه الله كما فرض الصلاة.

إن صدقة الفطر واجب شرعه الرسول وجاء تشريع صدقة الفطر بطريقة أخرى غير طريقة الزكاة، فالزكاة فريضة على كل من يمتلك قدرا من المال يفيض عن حاجته ويكون قد مر على ذلك المال عام كامل، أما صدقة الفطر فإن الرسول قد فرضها ليس على من يملك مالا زائدا، بل على كل شخص يملك ما يزيد على طعام يوم العيد، فانظر كيف وسع الشرع وعاء الإخراج ليصل إلى من يملك طعاما زائدا عن يوم العيد. هل نتعلم من رسولنا كيف نصنع الأعياد؟ وكيف نحقق وحدة الأمة.

إن الرسول أمر الذين حضروا إلى صلاة العيد فقال (ومن جاء من طريق فليرجع من آخر).. هكذا تكون رسالة العيد الحرص على الالتقاء بأكبر عدد من الناس، وتبادل التهنئة، وتجديد التعارف وفتح منافذ للتواصل بين الناس.

-2-

وصلاة العيد رسالة إعلامية صادقة يبعثها المسلمون مباشرة إلى جميع الناس من غير المسلمين يقولون فيها ها نحن أمامكم لا يشغلنا غير «تكبير الله» وغير توسيع الصلات وامتداد التعارف.

والعيد بهذا الشكل; شكل الخروج الكثيف إلى الفضاء يؤكد أنه هو عيد للأمة جميعها من صام ومن لم يصم، والكبير والصغير والقريب والجار، بل المسلم وغير المسلم، فإن التكبير والتهليل لا يحمل شعارا خاصا بل يحمل شعار المساواة والاجتماع مع جميع الناس.

-3-

هل فكرت مرة فى معانى التكبير المأثور عن الرسول «الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله اكبر الله أكبر ولله الحمد»، هذه هى كلمات التكبير ولا شك أن معناها يحتاج التأمل، فقولنا «الله أكبر» ثلاث مرات تأكيد من المسلم بعبوديته لـ«الإله الواحد» عبودية تفرض رعاية جميع «الخلق» وحبهم لأنهم «خلق الله» وخلفاء آدم فى الأرض، فلا يقبل التكبير من متكبر أو من طاغية يطغى على حقوق الإنسان أو من مغرور يبالغ فى تكبير نفسه مع رفع صوته بتكبير الله.

أما «الجملة الثانية»: «الله أكبر الله أكبر ولله الحمد» فهى تؤكد تكبير الله وحده، ثم تعلن «الرضا القلبى» للمسلم على أنه عبد للواحد الأحد. فما رأيك إذا سمعت الناس يعلنون تكبيرهم لله وليس لأنفسهم ثم يعلنون رضاهم وحمدهم لله على هذا الاعتقاد

فإذا جعلت شعارك «الله أكبر» فتتذكر دائما أن الجميع وأنت فيهم لا يحق لهم الكبر والنظر إلى الناس على أنهم أدنى منك، فتكبير الله يفرض تواضع النفس وتفكيرها دائما.. كيف يتقارب جميع الخلق ليجتمعوا على «تكبير الخالق».

أما إذا جعتت شعارك «لله الحمد» فلابد أن تكون راضيا وحامدا لربك على كل ما تحب وما لا تحب، ألم تسمع قول الصالحين «لا يحمد على مكروه سواه».

لماذا؟ لأن ما قد تكرهه قد علم الله به، وأذن له فوجد، فكيف لا تصبر ولا تطيق ما أراده الله؟!

أما إذا جمعت طرفى شعيرة العيد وجعلتها شعارا لك فى حياتك «الله أكبر ولله الحمد» فأنت دائما تتهم نفسك وتراجعها، ودائما الآخر وتسمع منه. وكل عام وأنتم بخير

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات