قمة المنامة.. والأسئلة الصعبة - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 4:50 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قمة المنامة.. والأسئلة الصعبة

نشر فى : الجمعة 9 ديسمبر 2016 - 10:30 م | آخر تحديث : الجمعة 9 ديسمبر 2016 - 10:30 م
القمة الخليجية رقم ٣٧ التى استضافتها العاصمة البحرينية المنامة يومى الثلاثاء والأربعاء الماضيين قد تصبح قمة غير تقليدية لمجلس التعاون ــ الذى عقد أول قممه فى العاصمة الإماراتية أبوظبى شهر مايو ١٩٨١ ــ لكن بشرط أساسى أن تتمكن بلدان الخليج من الإجابة عن الأسئلة والتحديات والأخطار الرئيسية والصعبة وبصورة صحيحة.

المواطنون البسطاء فى الخليج يعتقدون أنه يجب إعلان الاتحاد الخليجى فورا، وهم متأثرون بحملة علاقات عامة ضخمة فى معظم وسائل الإعلام الخليجية تتبنى وتدعو لهذا الاقتراح. وظنى الشخصى أن أى عروبى عاقل يتمنى ويفرح لأى اتحاد حتى لو بين إمارتين أو حتى مدينتين صغيرتين، فما البال بإعلان الاتحاد الخليجى. السؤال الرئيسى هو: هل الظروف ناضجة لقيام هذا الاتحاد الآن؟.

نظريا نعم، لأن الأخطار غير المسبوقة التى تهدد منطقة الخليج ــ كما قال ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى فى كلمته الافتتاحية بالقمة ــ تفرض على بلدانه الست البحث عن كل الفرص للتعامل الموحد لمواجهة مثل هذه الأخطار، أو على الأقل تقليل كلفتها وفاتورتها الباهظة. ليس سرا أن سلطنة عمان تعارض إعلان الاتحاد، وترفض العملة الخليجية الموحدة، ولها رأى مختلف فى معظم قضايا المنطقة خصوصا اليمن وسوريا والعلاقات مع إيران، إضافة بالطبع إلى أن قوى إقليمية ودولية لن تكون سعيدة بأى صيغة للاتحاد الخليحى فى المستقبل وتسعى لعرقلته بكل السبل.

دبلوماسى خليجى قابلته فى المنامة قال لى إن القضية الأساسية هى توافر الإرادة والرغبة والقدرة الخليجية على العمل المشترك والاستغناء عن الخارج.

الكلام السابق هو جوهر السؤال الثانى، أى هل بلدان الخليج أو معظمها قادرة على بلوغ مرحلة الفطام، وعدم الاعتماد على الفتوة الأمريكى أو الأوروبى لحمايتها من أى غول محلى أو إقليمى أو حتى دولى؟!

منذ سنوات طويلة اعتمدت غالبية بلدان الخليج على راعى البقر الأمريكى وأحيانا البريطانى وفى مرات قليلة الفرنسى لحماية أمنها، من أول توفير الحراسة الخاصة لكبار المسئولين ونهاية بالتنسيق الأمنى والمخابراتى على أعلى مستوى. وفى المقابل تلتزم بلدان الخليج باستيراد الأسلحة المستمرة وشراء معظم السلع ومستلزمات الإنتاج الأساسية من الشركات الأمريكية والأوروبية، وتلتزم بانتظام توريد البترول إلى الغرب.

الآن اختلف الوضع تماما منذ وقعت أمريكا والغرب الاتفاق النووى مع إيران قبل عامين فى عهد أوباما الذى وجه انتقادات لاذعة للخليج خصوصا السعودية فى حواره الشهير مع أتلانتك مونثلى قبل شهور. ثم جاء فوز ترامب ليزيد من كوابيس عواصم كثيرة فى العالم ومنها الخليج. لأن ترامب يريد أن يحصل على عمولة علنية مقابل حماية المنطقة مقارنة بأسلافه الذين كانوا يفعلون ذلك بصورة ناعمة. ورأينا فى الجلسة الختامية للقمة الخليجية الأخيرة رئيسة الوزراء البريطانية وهى تعلن التضامن الكامل مع الخليج ضد إيران فى اطار شراكة استراتيجية.

السؤال بصيغة أخرى ما هى الطريقة التى سترد بها بلدان الخليج على مطالب ترامب الفظة؟!. هل ستقبل بتهديداته، حتى لا تجد نفسها فى مواجهة مفتوحة مع إيران على اكثر من جبهة من اليمن إلى العراق وسوريا ولبنان، إضافة إلى مواجهة غير مباشرة مع روسيا فى سوريا؟! أم سترفض؟ وفى هذه الحالة فإن سؤالا مهما يبرز فورا، وهو ما هى قدرة هذه البلدان على صياغة منظومة أمن حقيقية تردع إيران عن المضى قدما فى مشروعها الرامى للهيمنة على كل المنطقة؟!

أم أن هناك طريقا ثالثا يمزج بين الطريقين الأول والثانى، ويعتمد على البدء فى تنويع سلة الخيارات الخليجية وعدم إلقاء كل البيض فى جيب الحليف الأمريكى، وذلك عبر اقامة شبكة علاقات متنوعة إقليميا ودوليا يكون عمادها الأساسى هو تنسيق خليجى على اعلى مستوى وتمتين العلاقات مع الدول العربية خصوصا الكبرى منها، ومواجهة ثقافة إذكاء الصراع الطائفى والمذهبى، والرهان على أن الأمن القومى الحقيقى للخليج يتطلب الاستثمار فى الامن القومى العربى الشامل، والتوقف عن ثقافة المنح والمساعدات، والتكامل العربى الشامل، الذى ينعكس لاحقا بصورة إيجابية على الجميع.

 

عماد الدين حسين  كاتب صحفي