النظام مش كويس - خالد الخميسي - بوابة الشروق
الإثنين 6 مايو 2024 2:41 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

النظام مش كويس

نشر فى : الأحد 10 أكتوبر 2010 - 10:10 ص | آخر تحديث : الأحد 10 أكتوبر 2010 - 10:19 ص

 النظــــــام مــــــش كويــس ورئيس الوزراء لا يفقه فى السياسة شيئا، والاقتصاد تعبان، والطماطم بقت بعشرة جنيه، والمرتبات متهالكة، والشعب بيشحت، ولا الجمهوريات الملكية، والأهلى ضيع الفرصة من بين إيديه، والحزب الوطنى مستمر فى غيِّه، والبرادعى يدافع عن إبراهيم عيسى، وأحمد عز شغال فى البيزنس الله ينور، والانتخابات الجاية مزورة مزورة، وصفوت الشريف بيهندس الانتخابات التشريعية الجاية فشر استيفان روستى، ومدينتى مش مدينة كويسة لأنها طلعت بترشى ناس بطالين، وعلينا مقاطعة الانتخابات، ومسلسل الجماعة كان غير موضوعى البتة يا جماعة، وتفرد جريدة «الشروق» صفحات طويلة لمناقشة هذه القضية الخطيرة، والحل العادل للقضية الفلسطينية هو همنا الأول، والقضاء على الفتنة الطائفية هو همنا قبل الأول على طول ونحن سائرون نياما، والديمقراطية هى الحل. هذا هو موجز عناوين الأخبار الآن ومنذ سنوات طويلة بتغيير بعض الأسماء.

ألم نمل بعد من قراءة نفس الكلام منذ سنوات وعقود من إعلامنا الموقر؟ لو تتبعنا ما كتبته الصفحات الأولى للصحف المصرية عن القضية الفلسطينية منذ خمسين عاما فسوف نجد نفس المصطلحات ونفس المعانى تتكرر يوميا منذ هذا التاريخ. فالعالم يتحدث عن حل عادل وشامل للقضية. وإسرائيل مستمرة فى سياستها الاستيطانية والغرب مستمر فى دعم هذه الدولة. وسوف نجد مثل هذا الأمر متكرر فى معظم القضايا، فتحطيم خط بارليف والسلام هما موضوعات الإنشاء المفضلة لمدرسى اللغة العربية منذ خمسة وثلاثين عاما وحتى الآن. والرؤساء يلتقون يوميا برؤساء آخرين لمناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك. وكلام عن الدين والجنس والفتنة الطائفية وبعض الحوادث والكثير من الرياضة وكلام نجوم التمثيل لزوم توزيع الصحف.

كل هذا لا يساعد فى الحقيقة إلا على هدم الجهود الرامية لإحداث نهضة ثقافية فى الوطن العربى. فمعرفة خبر بعينه لا معنى له إن لم يكن لدينا منهجية واضحة وعلمية ومرتكزة على حقائق معرفية وثقافية عامة تسمح لنا بتلقى الخبر ونقده وتفنيده على أسس سليمة. لا معنى للخبر دون أن يكون لدينا معرفة بحقائق الأرقام والإحصائيات السليمة التى تسمح لنا بوضع الخبر فى إطاره السليم والقيام بالمقارنات اللازمة لتحليل هذه الاحصائيات، كثيرا ما تطالعنا الصحف بإحصائيات مبتورة، كسيحة، لا معنى لها، ودون أن نعرف مصدر المعلومة ومدى مصداقية هذا المصدر. هذا الغياب المنهجى المتكامل فى إعلامنا المرئى والمقروء يساعد فى توطيد حالة الغموض المعرفى أكثر من أى شىء آخر.

ما نحتاجه اليوم أكثر من أى شىء آخر هو تشييد حياة ثقافية تسمح بتشكيل ذهنية منهجية للمواطن المصرى والعربى. نحتاج أن نبنى قاعدة ثقافية ومعرفية حقيقية وليس أن نعرض فتات المعارف من فوق سطح الإعلام الساخن. كيف يمكننا الحديث عن الديمقراطية والنضال من أجلها فى مجتمع تم دك أسسه الديمقراطية منذ فترة طويلة.

الملاحظ بوضوح فى النقاشات الدائرة الآن فى مصر أن السياسى ينتصر على المجتمعى وعلى الثقافى. تتركز معظم الجهود النضالية فى اتجاه سياسى. حركات سياسية تطالب بتعديلات دستورية وتناقش الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة للبحث عن سبل لتطبيق أسس الديمقراطية. كل هذا جميل رغم أننى أرى أن مصير هذه الجهود فى الأفق الزمنى القريب إلى فشل، لأننى أخشى أن تتراجع هذه الجهود بعد انتهاء جولتى الانتخابات التشريعية والرئاسية والتى أرى أن الحكومة سوف يكون لها الكلمة العليا فيها. لا أشكك فى أن من يعمل بالسياسة يجب أن يستمر فى نضاله السياسى. ولكن علينا أن نعى أن نضالنا من أجل إرساء قواعد عقلانية وقواعد ديمقراطية فى المجتمع المصرى لن يكون إلا بالتنمية الثقافية الحقيقية والمتكاملة. وعلى حملة المشاعل أن يكونوا على وعى أن التلازم بين الطريقين المجتمعى الثقافى من ناحية والسياسى من ناحية أخرى إجبارى.

تشييد مدينة الفكر التى يحكمها العقل هو الحل.

خالد الخميسي  كاتب مصري