أيها الفلسطينيون.. قاوموا إسرائيل والعرب أيضًا! - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 5:45 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أيها الفلسطينيون.. قاوموا إسرائيل والعرب أيضًا!

نشر فى : الأحد 10 ديسمبر 2017 - 10:10 م | آخر تحديث : الأحد 10 ديسمبر 2017 - 10:10 م
لأول مرة منذ بداية الصراع العربى ــ الإسرائيلى يجد الفلسطينيون أنفسهم ليسوا فقط فى مواجهة الاحتلال الإسرائيلى وأطماعه فى أرضهم ومقدساتهم، بل وفى مواجهة مشاريع عربية رسمية متماهية مع الرؤية الإسرائيلية للإجهاز على القضية الفلسطينية. تستهدف هذه المشاريع العربية ــ الصهيونية تفريغ الوطن الفلسطينى من أرضه وحدوده ومقدساته، تحت لافتات وعناوين براقة مثل «التعايش السلمى بين شعوب المنطقة» وإنهاء كامل لصراع دام لنحو قرن من الزمان، منذ أطلق وزير خارجية بريطانيا آرثر جيميس بلفور وعده بإنشاء وطن قومى لليهود فى فلسطين سنة 1917م.

كان الفلسطينيون طيلة ذلك القرن يستغيثون بالحكومات العربية عند كل مواجهة مع الاحتلال، لكن هذه المرة ثبت لهم أن الكثير من هذه الحكومات قد باعت القضية؛ ففور إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الأربعاء الماضى عن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ــ ما يعنى نسف أى هوية عربية أو حق عربى فى المدينة المقدسة التى صارت عاصمة لإسرائيل – خرجت البيانات العربية خجولة جدا.. متوارية جدا.. صدرت فقط لذر الرماد فى العيون، بل إن بيانات دول أوروبية ودول فى أمريكا اللاتينية وفى شتى بقاع الأرض كانت أكثر جرأة وحدة فى الدفاع عن الحق الفلسطينى فى القدس من تلك التى صدرت عن الحكومات العربية.

هذا الوضع جعل الفلسطينيين مطالبين اليوم ليس فقط بمواجهة إسرائيل وسلطات الاحتلال، بل ومواجهة المشاريعه العربية – الصهيونية التى يحاول عرب كبار فرضها عليهم تحقيقا لترتيبات داخل الإقليم لا ناقة للفلسطينيين فيها ولا جمل. 

«Paul Pillar» المسئول السابق فى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) عبر عن هذا الوضع المأساوى الذى يواجه الفلسطينيين اليوم فى مقالة نشرت على موقع «National Interest» يوم 6 ديسمبر الجارى قال فيها «إن الرئيس الامريكى ترامب وبدلا من أن يقدم ما هو عادل فى الملف الفلسطينى، فإنه يعمل على جعل أطراف خارجية تفرض صيغة على الفلسطينيين، يكون لحكومات عربية معينة دور أساسى فى تمرير هذه الصيغة». موضحا أن هذه المقاربة أصبحت تعرف بمقاربة «من الخارج إلى الداخل»، والتى تعنى أن «أنظمة عربية ستعمل على فرض إرادتها على الفلسطينيين».

ملامح هذه المشاريع العربية ــ الصهيونية التى امتلأت تسريباتها فى الصحف ووكالات الأنباء العالمية طيلة الأسبوع الماضى تطلب من الفلسطينيين القبول بسيادة «محدودة» فى الضفة الغربية والتنازل عن القدس، فضلا عن عبث فى خريطة المنطقة عبر تمرير خطة قديمة لتبادل الأراضى، ستكون بمثابة السم الذى سيتم تغليفه بقطعة من سكر الاستثمارات الضخمة التى ستنهال على المنطقة وعلى دول بعينها، وهو ما يذكرنا بوعود الرخاء التى بشر بها الرئيس أنور السادات الشعب المصرى عند توقيعه على اتفاق السلام مع إسرائيل سنة 1979، والتى لم يتحقق منها شيئا. 

كم كان مشهد وزراء خارجية الدول العربية الذين اجتمعوا فى القاهرة مساء أمس الأول مثيرا للشفقة؛ فالعديد من هؤلاء الوزراء يعلمون يقينا أن خطوة إعلان القدس عاصمة أبدية للدولة اليهودية هو جزء من مشروع أو صفقة أكبر وأن بلادهم متورطة فيها حتى بالصمت العاجز قليل الحيلة، وأن بداية هذه الصفقة بالقدس، التى هى «قدس الأقداس» فى وجدان المواطنين العرب.. مسلمين ومسيحيين، مقصود حتى يهون على أى مواطن عربى التنازل عن أى بقعة أخرى فى أى بلد آخر «ما القدس نفسها راحت». 

بموجب كل هذه المعطيات نقول إن الفلسطينيين يخوضون معركتهم على أكثر من جبهة هذه المرة.. على جبهتم التقليدية، وهى جبهة عدوهم التقليدى، الذى يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، وعلى جبهة بعض الأشقاء من دعاة الهزيمة الذين يسعون لتثبيت عروشهم على حساب الحق الفلسطينى والأرض الفلسطينية والشعب الفلسطينى.
التعليقات