إبداع اللحظة - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأربعاء 1 مايو 2024 3:26 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إبداع اللحظة

نشر فى : السبت 11 فبراير 2012 - 9:15 ص | آخر تحديث : السبت 11 فبراير 2012 - 9:15 ص

لو أن مشهد رفع الأذان داخل مجلس الشعب، أثناء انعقاده، جاء فى فيلم، بالضرورة كوميدى، لاعتبر عملا هابطا، فجا، يزدرى الأديان، يسخر من مقدساتها، ويستحق من قام به أشد ألوان العقاب.. لكن، حمدا لله، لم تكن الواقعة من خيال عالم الأطياف، ولكن من واقع رأيناه، يحدث أمامنا، رأى العين. والحق أن متابعة ما يجرى فى مجلس الشعب، لا يخلو من متعة وطرافة، بل يحقق بامتياز، ما كان يوصى به مخرج الروائع، حسن الإمام، حيث تتوافر فيه بسخاء مفاجآت لا تخطر على بال، وانفعالات حادة، متضاربة، ونماذج بشرية متناقضة، شكلا ومضمونا، ومواقف محزنة، تستدر الدموع، وأخرى مرحة، تثير الضحكات، ويستحسن، أن تكون النهايات سعيدة، بالتوافق والمصالحة، ولابد أن يلتزم كل مؤدٍ بالدور المسند له، مع التسامح المحسوب، لإبداع اللحظة، الذى ينتاب هذا النموذج أو ذاك.

 

هكذا بدا لى مجلس الشعب فى نسخته الجديدة بما فى ذلك جلسة ما قبل البداية أثناء تلاوة القسم، فقد حلا للبعض، إضافة عبارات ليست موجودة بالنص، الأمر الذى أزعج رئيس الجلسة، العاقل، الأكبر سنا، الذى طالب بضرورة الالتزام بالنص.. ومع هذا، وبوحى من إبداع اللحظة، أضاف أحد الأعضاء ذات الجملة الزائدة، فى بداية القسم وليس فى نهايته. وانتهت الجلسة بالوئام والعناق والقبلات، وفوز الدكتور الكتاتنى بمقعد الرئاسة.

 

لو لم يكن الكتاتنى سياسيا، لأصبح مخرجا يتمتع بأعصاب من حديد، تذكرك بأعصاب أستاذنا الكبير، كمال الشيخ، وإن كان الشيخ يتعامل عادة مع فريق متجانس بينما الكتاتنى يعمل مع كتيبة متنافرة، متوجسة، وهذا أمر طبيعى، ولكن ما ليس طبيعيا، أن هستيريا «إبداع اللحظة» يداهم بعض الأعضاء، فى وقت واحد، فتنطلق الأصوات، صاخبة صارخة فيبدو العمل خارجا عن السيطرة، وإذا كان من حق المخرج فى حالة مثل هذه أن يقول «فركش»، فإن الكتاتنى إزاء خمسمائة عبقرى، يبذل جهدا مضنيا يتضح فى لمعة عينيه التى يمتزج فيها الغيظ بالأسى كى يسيطر على الانفلات التام، وبدلا من أن يعلن «فركش»، يهدد هذا ويهدهد ذاك، يلوح بعصا القانون مرة، ويلقى بحبات الحلوى مرة أخرى. وأحيانا، يكاد يتحول إلى مخرج بالفعل، حين يستبد بهذ الضيق، فيقول «لماذا هذا ـ الشو ـ يا فلان»، أو «هل أنت فى حاجة إلى هذا «الشو» يا علان».

 

تأمل الأعضاء لا يقل متعة، فنية، عن مشاهدة الكتاتنى. من الناحية الشكلية، عدد كبير منهم من ذوى اللحى، أشكال وألوان، من بينها المرسلة، المشعثة، والمهذبة «المتأنقة»، السوداء، البيضاء، المضمخة بالحناء، وللسكسوكة أيضا حضورها، وطبعا، يوجد من هو حليق الذقن، ذات لمعان شديد.. وأما عن الطباع، فثمة المشاغب، والممتثل، والمتحفز، والذكى، والمهاتر، وواسع الأفق، والمجادل، والمتوتر، والمندهش.. تشكيلة تساهم فى صنع ما يشبه الفيلم السينمائى، حسب مواصفات عمنا الجميل حسن الإمام، فالنائب أكرم الشاعر أبكانا، حين تحدث، بصدق، عن ابنه، الثائر المصاب ـ شفاه الله ـ وكاد النائب الذى ارتفع صوته بالأذان ـ من دون مقدمات ـ أن يثير ضحكات زملائه، وبينما أثار البعض اهتمامنا، بحماسهم، واستعدادهم للنزال، حالا، التزمت النساء بدورهن ككومبارس صامت.. عليك بمتابعة الجلسات كبروفة لعمل فنى مرتبك، لم ينضج بعد.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات