مصر فى طنجة - كمال رمزي - بوابة الشروق
الإثنين 6 مايو 2024 8:39 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصر فى طنجة

نشر فى : الثلاثاء 11 مارس 2014 - 6:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 11 مارس 2014 - 6:00 ص

أينما ذهبت، ستحمل مصر معك، وإذا حاولت التخفف من حضورها، فإن طيفها وصوتها لن يغيبهما البعاد أو طول السفر.. خلال عشرة أيام فى المدينة العصرية، طنجة، ذات التاريخ العريق، أقيم «المهرجان الوطنى للفيلم المغربى»، وداخل الصالة الصغيرة، المخصصة للجنة التحكيم ــ على أبوشادى عضو فيها ــ توالى عرض أفلام التسابق، بلغاتها العربية والأمازيجية والفرنسية. الأعمال متنوعة الاتجاهات، شديدة الطموح، كما وكيفا، لكن، برغم «مغربيتها»، فإن عبق السينما المصرية، يتجلى على الشاشة، من هذا الفيلم وذاك.

«سارة»، كوميديا كتبها وأخرجها وقام ببطولتها سعيد الناصرى، الممثل المتسم بحيوية الأداء، ويقظة الانفعالات، بسيط وعميق وصادق، ينفذ إلى القلب بمجرد ظهوره. لا يذكرنا بالنجم أنور وجدى بسبب طريقته المنطلقة فى الحركة المتسارعة وحسب، بل لأن فيلمه، على نحو ما، يحاكى، ويسير على هدى «ياسمين» و«دهب»، اللذين حققهما أنور وجدى، وتقاسمت معه الطفلة «فيروز»، البطولة.. هنا فى «سارة» يطالعنا السجين السابق، عباس ــ بأداء سعيد الناصرى ــ المفلس، الصعلوك، شأنه فى هذا شأن «الفونس» ــ أنور وجدى ــ وكما يلتقى الفونس، الوليدة، فيروز، ويرعاها ويعاملها كطفلته، ويعلمها التسول، يلتقى «عباس»، الطفلة الشريدة، بأداء الموهبة، إيمان نخاض، يحنو عليها، ويعلمها أساليب النصب والاحتيال.. ثم يلتقيان بسيدة محترمة، ثرية، تنتشلهما من القاع.. «سارة»، يحظى بنجاح كبير فى دور العرض المغربية، فالجمهور هناك، يعشق الكوميديا، وإذا كان أنور وجدى، يقف خلف نجاح «سارة»، فلا يمكن إغفال الكبير، شارلى شابلن، الشريد، الملهم الأصلى للفنان المشرقى، والمغربى.

فى حواراته، يتحدث الروائى، المخرج، عبدالله الطايع، عن الأفلام المصرية، كمصدر وحيد للبهجة والمعرفة، حين كان فى الثالثة عشرة من عمره، وهى التى أججت رغبته فى الدخول إلى عالم السينما، فكان يكتب سيناريوهات نهايات أفلام نادية لطفى وعمر الشريف ولبنى عبدالعزيز، بطريقة تختلف عن النهايات التى يراها على الشاشة.

عشق الطايع للسينما تجلى بوضوح فى فيلمه المزعج، القاتم، الكتيب «جيش الإنقاذ»، الذى يدور فى أجواء تغلفها التعاسة، لا يخفف من وطأتها إلا ذلك المقطع المبهج، الرقيق، الذى يتهاوى، صوتا وصورة، من شاشة التلفاز، ليلا، وقد اجتمعت الأسرة، صامتة، يعمها السلام، وهى تتابع، أغنية «أنا لك على طول» لعبدالحليم حافظ، فى «أيام وليالى» لهنرى بركات 1955، المقطع الذى يورده الطابع طويل نسبيا، لكن الغريب أنك تتمنى أن يستمر، بالقارب الذى يحمل عبدالحليم على صفحة النيل، ليلا، ووجه حبيبته إيمان، بسمرته ونضارته، يطل عليه من نافذة العوامة التى تسكنها.

إنها تحية، بالغة الرقة والعذوبة، من المغرب العربى إلى «هوليوود» الشرق.

بعيدا عن الشاشة، وانخراطا فى الواقع، تلمح أثناء دخولك القاعة الصغيرة، الملحقة بـ«سينما الريف» التى تعرض أفلام المهرجان، لافتة مكتوبا عليها، بالعربية والفرنسية «الخزانة السينمائية بطنجة»، وأول ما يلفت نظرك، ذلك «الأفيش» الكبير لفيلم «عنتر بن شداد» وقد كتب عليه اسمى بطليه كوكا وفريد شوقى والمخرج نيازى مصطفى، باللغة الفرنسية، وبخطوط أوضح من الخطوط العربية، فورا.. تدرك أن «الأفيش» جرى تصميمه وطبعه فى المغرب، شأنه فى هذا شأن عشرات «الأفيشات»، لأفلام مصرية قديمة، تم توزيعها وعرضها فى المغرب، محاطة ببراويز من خشب ملصق عليها أغلفة شفافة، للحفاظ عليها.. وثمة صور، معلقة على الجدران، لنجوم مصريين: نجيب الريحانى, يوسف وهبى، ليلى مراد، أسمهان. «خزانة السينما» هنا، لا تقوم بعمل أقرب للأرشيف وحسب، بل تعقد دورات تدريبية، وورشا، للمدرسين وطلبة المدارس والمعاهد، وتنظم العروض السينمائية.. إنه، بإنصاف، لا شبيه له فى مدننا المصرية ولا حتى فى القاهرة، علما بأن عندنا ما يستحق أن نحافظ عليه.. هكذا، قلت لك إن الأطياف المصرية، ستتراءى لك، حتى فى طنجة.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات