مخيون - كمال رمزي - بوابة الشروق
الثلاثاء 30 أبريل 2024 12:17 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مخيون

نشر فى : السبت 11 سبتمبر 2010 - 12:45 م | آخر تحديث : السبت 11 سبتمبر 2010 - 12:45 م

 فى الحلقة «26» من «شيخ العرب همام»، يعبر عبدالعزيز مخيون، بكل طاقته الكبيرة، عن ذلك الإحساس الذى يمتزج فيه الندم بالأسى، والذى يتلخص فى ثلاث كلمات، هى «عمرى راح هدر».. كان من المنطقى، والملائم تماما، أن يفرد الكاتب، عبدالرحيم كمال، شطرا من حلقته لمنولوج داخلى، يردده مخيون بصوت مبلل بالألم، يظهر أثره على ملامح وجهه.. المنولوج، عادة، يأتى فى لحظات الحيرة، ومواجهة الذات، وتأمل مشوار الحياة، وربما يمهد لقرارات ما، ربما تكون على قدر كبير من الخطورة.

 

هنا «الشيخ إسماعيل»، المرتبط مولدا ومصيرا بـ«شيخ العرب همام». أولاد عمومة، كلاهما تزوج من شقيقة الآخر، قضيتهما واحدة: استقلال الصعيد.. وثمة ما هو أعمق من الصداقة يربط بينهما، فعندما تعرض «همام» للاغتيال، افتداه «إسماعيل» بلا تردد، مما أدى إلى بتر إصبع من كف الأخير، الأمر الذى أكد دور «إسماعيل» كرجل ثانٍ فى المنطقة والذراع اليمنى لشيخ العرب وموضع سره الموثوق فيه تماما، وتصل رهافة «الأخذ والعطاء» بين مخيون والفخرانى إلى درجة عالية من الصفاء وقوة الإقناع، ومخيون يسير إلى جانب الفخرانى كأنه ظله، يحميه ويحتمى به، ويتجلى فى عيون الفخرانى حين يقبل عليه مخيون.

 

. لكن «الشيخ إسماعيل» يعانى من مشكلتين بلا حل. إحداهما واضحة، تعلن عن نفسها، تتعلق بابنته التى خفق قلبها بحب «جابر»، قاطع الطريق سابقا، الذى يتمنى الاقتران بها، الأمر الذى لا يمكن أن يتحقق فى مجتمع يمنع «الهمامية» من الزواج بشاب غير «همامى». الابنة الوحيدة، المظلومة، المتمردة، تحاول الهرب المرة تلو المرة. والدها، ينهال بعصاه على رجلها كى يكسرها. وبأداء عبدالعزيز مخيون، حيث يمتزج فى عينيه الغضب بالألم، يبدو كما لو أنه يعاقب نفسه، بل يهشم عظام رجله.. من قبل، ومن بعد، يعطى مخيون إحساسا أنه وحيد، ينظر داخل ذاته، فلا يجد إلا ما يبعث على كدر متواصل.

 

أما المشكلة الثانية عند «الشيخ إسماعيل»، ذات الطابع المراوغ، التى يعلوها ضباب، فتمتمثل فى وضع الرجل الثانى، خاصة حين يتسرب له الإحساس بأنه مجرد مخلب فى كف الرجل الأول، وأنه تابع، يسير ويتصرف حسبما يراه الرجل الأول صوابا. وما يؤجج هذا الإحساس تلك الاشارات الذكية فى المسلسل التى توحى، وتكاد تصرح، بأن «همام»، فى جانب من جوانبه، أقرب للطغاة. نعم، هو يستشير، ويستمع، ويعقد الاجتماعات، ولكن الكلمة الأخيرة لابد أن تكون له، وما على الآخرين إلا الإذعاد والتنفيذ.

 

وربما، بسبب التآخى بين «إسماعيل» و«همام»، لم ينتبه الأول لهذه الحقيقة إلا فى لحظة تنوير موجعة، لذا فإنه فى مونولوجه الداخلى، الأقرب لرثاء الذات، يتحدث عن عمره الذى ضاع هدرا.. وطبعا، المماليك الأوغاء، بما جبلوا عليه من تآمر يدركون التناقض بين الرجل الثانى والرجل الأول، وبالتالى يحاولون التسلل من هذه الثغرة.. عبدالعزيز مخيون، تفَّهم عناء الشخصية التى يؤديها، وعبر عنها ببراعة، حتى إن «همام»، يسأله عن وجهه الذى بدا أصفر، كما لو أنه أصبح عجوزا. مخيون، جعلنا نتذوق طعم الحقيقة

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات