سيناريوهات المستقبل السورى - صحافة عربية - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 5:54 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سيناريوهات المستقبل السورى

نشر فى : الخميس 12 أبريل 2018 - 10:15 م | آخر تحديث : الخميس 12 أبريل 2018 - 10:15 م

بعد سيطرة النظام السورى على الغوطة تبدو سيناريوهات المستقبل السورى مختلفة تماما عن تلك التى رسمت فى العامين 2012 و2013، خصوصا بعد التدخل العسكرى الروسى المباشر فى أيلول (سبتمبر) 2015، الذى لعب دورا حاسما فى قلب الموازين لصالح النظام السورى، حيث تمكن بعدها من السيطرة على ثلاث مناطق استراتيجية كانت تحت سيطرة المعارضة، هى حمص وحلب ثم الغوطة الشرقية. نجاح قوات الأسد المدعومة من قبل المليشيات الإيرانية والقوات الروسية سمح لنظام الأسد بتغيير الخريطة على الأرض تغييرا كبيرا بعد هزيمة تنظيم «داعش» فى الشمال وفى الشمال الشرقى فى سوريا، تلك المناطق التى تخضع الآن لسيطرة القوات المتحالفة مع الولايات المتحدة متمثلة فى قوات وحدات الحماية الكردية، وعلى ذلك يمكن رسم عدة سيناريوهات للمستقبل السورى أو توقع كيف ستؤول الأمور إليه فى سوريا فى المستقبل القريب.
فإذا تمكن النظام من استعادة السيطرة على كل المناطق عسكريا، بما فيها التى ما زالت الآن خارج سيطرته مثل إدلب وريف حلب وريف حماة الواقعة تحت سيطرة المعارضة السورية المسلحة المدعومة فى شكل جزئى من قبل تركيا، ومناطق أخرى ما زالت تحت سيطرة قوات الحماية الكردية مثل الرقة وعين العرب (كوبانى) والقامشلى والمدعومة فى شكل جزئى من قبل الولايات المتحدة، وبالتالى نجاح هذا السيناريو يعنى تقريبا اصطدام نظام الأسد ومن خلفه القوات الروسية والإيرانية مع تركيا، فى حال قرر نظام الأسد السيطرة على تل رفعت ومنبج وغيرها من المناطق التى تقع تحت سيطرة المعارضة السورية المسلحة ممثلة فى الجيش السورى الحر بدعم مباشر من قبل الجيش التركى، كما تعنى اصطداما عسكريا مع الولايات المتحدة فى حال قرر نظام الأسد السيطرة على الرقة والمناطق المحيطة بها فى الشرق السورى والتى تخضع لسيطرة قوات الحماية الكردية، أعتقد أن هذا السيناريو مستبعد فى الوقت القريب، إذ لا تجد روسيا لها مصلحة فى التصعيد العسكرى المباشر مع تركيا أو الولايات المتحدة على الأرض السورية، حتى لو كان النظام الأسد يردد باستمرار رغبته فى السيطرة الكاملة على الأراضى السورية، وبالتالى لن نتوقع أن يتمكن الأسد من هذه السيطرة على جميع الأراضى السورية، بل ستبقى جيوب وأحيانا جيوب بحجم مدن ومحافظات كاملة خارج سيطرته كما هى حال الرقة وإدلب وريف حلب وريف حماة، وبالتالى يمكن وصف هذا السيناريو بأنه يمثل الحلم بالنسبة للنظام السورى، لكنه الأكثر لا واقعية بالنظر إلى طبيعة الخرائط الإقليمية والدولية المحيطة بسوريا اليوم.

ويمكن توقع تقسيم سوريا بالاعتماد على مناطق النفوذ المذكورة فى السيناريو الأول، يقوم على أساس المركز أو الداخل بيد النظام السورى متقاسما النفوذ مع روسيا فى الساحل، مع ضمان استمرار القواعد العسكرية الروسية فى حميميم وطرطوس وغيرها من مناطق الانتشار كما فى حلب والآن الغوطة الشرقية.

بينما يبقى الجنوب السورى فى يد المعارضة السورية المسلحة بالاعتماد على التفاهم الأردنى ــ الروسى ــ الأمريكى بعدم التصعيد فى الجنوب السورى، وبقاء خطوط التماس كما هى فى عام 2014 ومعابر الحدود السورية ــ الأردنية مغلقة أو معلقة.
أما الشمال السورى ممتدا من القامشلى إلى إدلب، فإنه يتحول من اللون ألأصفر وهى مناطق سيطرة قوات الحماية الكردية إلى اللون الأخضر تدريجيا، وهى تعنى سيطرة المعارضة السورية المسلحة بدعم من القوات التركية والتى تمكنت من طرد قوات الحماية الكردية من عفرين وفى طريقها للقيام بنفس الأمر فى منبج. ووفق تصريحات الرئيس التركى أردوغان فإن القوات التركية تتجه نحو طرد قوات الحماية الكردية فى كل مناطق الشمال السورى.

أما الشرق السورى فتحتفظ فيه الولايات المتحدة بنفوذ قوى خصوصا فى الرقة والمناطق المحيطة بها، وقد أعلنت الولايات المتحدة على لسان وزير الدفاع جيمس ماتيس ووزير الخارجية الأسبق ريكس تيلرسون، أن الولايات المتحدة ستحتفظ بقواتها العسكرية فى سوريا لفترة ليست بالقصيرة حتى تأمين وتحقيق الانتقال السياسى بعد الأسد، وضمان عدم ظهور تنظيمات متطرفة تستفيد من الفوضى السورية اليوم، وبالتالى سيبقى الشرق السورى لفترة تحت النفوذ الأمريكى ولقوات الحماية الكردية التى يتقلص نفوذها فى الشمال السورى بسبب التمدد التركى.

وفق هذا السيناريو فإن القوى الدولية والإقليمية ستتقاسم النفوذ فى سوريا وستتغير خرائط النفوذ هذه وفق تغير علاقاتها مع القوى الأخرى، ووفق تغير مصالحها أو خريطتها السياسية الداخلية، طبعا لن يكون هناك تغير فى الخارطة الداخلية فى إيران أو روسيا خصوصا بعد الانتخابات الأخيرة، لكن مع المشكلات الداخلية التى تعترض إدارة ترامب فى الولايات المتحدة، ربما تغير موقفها فى سوريا، إذ أشار تقرير فى صحيفة الواشنطن بوست أن الولايات المتحدة تفاوض خروجها من سوريا مع السعودية العربية مقابل بعض الامتيازات المالية، وإذا صح هذا التقرير يعنى أن إدارة ترامب ربما تسحب قواتها كليا من سوريا لحساب روسيا والنظام السورى.

فهذا السيناريو إذا يبدو الأقرب لمستقبل سوريا اليوم مع تغييرات طفيفة فى خرائط النفوذ وفق تغيير موازين القوى على الأرض وعلاقاتها مع القوى الأخرى، لكن فى الوقت نفسه هذا السيناريو يبدو عرضة لتغيرات جوهرية فى حال قررت الولايات المتحدة الانسحاب كليا من سوريا، أو فى حال قررت تركيا السيطرة الكلية على الأراضى التى تخضع لقوات الحماية الكردية فى الشرق السورى.

رضوان زيادة
الحياة ــ لندن

التعليقات