سلامة أحمد سلامة.. المعارضة التى نحتاج - أيمن الصياد - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 8:03 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سلامة أحمد سلامة.. المعارضة التى نحتاج

نشر فى : الجمعة 13 يوليه 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 13 يوليه 2012 - 8:00 ص

ربما يحتاج كثير من معارضى هذه الأيام أن يقرأوا سلامة أحمد سلامة، ليعرفوا كيف يمكن للمعارضة أن تكون منضبطة وراقية ومهذبة ومهنية. يعرفُ الجميع فى وسطنا الصحفى أن الراحل صاحب التاريخ المهنى الحافل، لم يصل إلى كرسى «رئيس تحرير الأهرام». رغم أن لا أحد يعرفه فى الأهرام أو خارجها يجادل فى أن الرجل؛ مكانة وقلما وأستاذية، كان يستحق المكان بلا أدنى شك. ولكنه، كما بعض من أبناء جيله، حيل بينهم وبين ما يستحقونه لا لسبب إلا لأن أقلامهم كانت تُصنَّف تقليديا بين أقلام المعارضة. ولطالما أزعج قلمه، وعموده اليومى من كان بيده مقاليد اختيار هذا وإبعاد ذاك.

 

معارضا كان إذن.. ولكن لا أحد بإمكانه مهما حاول أن يلتقط من بين آلاف الأعمدة التى كتبها، لفظا تجاوز فى حدته أو اشتط فى أسلوبه. ولهذا يعرف الذين اقتربوا من مكتبه مهنيا أنه كان المرجع والحكم حين يستشعر المسئول عن النشر حرجا فى التعامل مع مقال لكاتب كبير قد يجلب بعض ما فيه مشكلة هنا أو هناك. وكان لرأيه دائما الاحترام الكفيل بتجنب أى صدام أو أزمة.

 

لم يكن الرجل مختلفا فقط فى أسلوب كتابته، بل أيضا فى أسلوب اختاره لحياته. بدءا من حرصه على الابتعاد بولديه عن ميدان عمله، حتى لا يكون هناك مجال لأى مزايا تفضيلية لأبناء «الكاتب الكبير» فى المؤسسة «الكبيرة». وليس نهاية بما فجأنى به يوما بعد أن شرفت بعده بتولى رئاسة تحرير «وجهات نظر» ــ فإذا به يرسل لى بقيمة اشتراك فى المجلة كان يريده لشقيقه الأستاذ الجامعى، فى وقت لم نكن نتردد فى إرسال نسخ منها مجانا لأكاديميين مثل شقيقه يطلبونها أو يحتاجونها.. ولكنه سلامة أحمد سلامة.

 

لا يمكننى أن أنسى أيضا أننى شرفت بأن جمعنا مكتب واحد سبعة أعوام كاملة، دون أن أعرف أنه يدخن.

 

 وحين زرته بالمصادفة فى مكتبه بالأهرام فوجئت بالمطفأة مليئة بأعقاب السجائر، وعندما استنكرت «بعبارات لاذعة» أن يقدم أحد ضيوفه على تلويث جو الغرفة بكل هذه الكمية من السجائر، فاجأنى بأنها له هو.

 

وعندما أبديت له استغرابى من أننى لم أعلم أبدا بأنه يدخن رغم تشاركنا فى غرفة واحدة كل هذه الأعوام، كانت إجابته لى آخذا فى الاعتبار فارق السن والمكانة شديدة البساطة عظيمة الدلالة: «أعرف أنك لا تدخن.. وحرصت أن أتجنب مضايقتك».

 

سبع سنوات كاملة (!).. هذا هو

 

سلامة أحمد سلامة.

أيمن الصياد  كاتب صحفى
التعليقات