وظيفة بـ400 جنيه يوميًا - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 5:48 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وظيفة بـ400 جنيه يوميًا

نشر فى : الإثنين 12 سبتمبر 2016 - 9:30 م | آخر تحديث : الإثنين 12 سبتمبر 2016 - 9:30 م
يوم الاثنين ٥ سبتمبر الجارى تقدم رجل أعمال مصرى بطلب رسمى إلى هيئة البترول طالبا الموافقة على التعاقد مع ٧٠٠ لحام من اندونيسيا للعمل فى أحد مشروعاته فى مصر.

الرجل واحد من اكبر وأهم خمسة رجال أعمال فى مصر. أعرفه شخصيا منذ فترة. هو حزين لهذا الطلب، لكنه لم يكن لديه أى خيار آخر.

لم أكن أصدق أن بعض المهن الفنية، صارت نادرة فى مصر، وعندما ناقشته فى التفاصيل قال لى: إذا لم تكن تصدق أحضر لى أى فنى لحام مؤهل، وسيكون راتبه اليومى من ٣٥٠ إلى ٤٠٠ جنيه.

الطلب الذى قدمه المستثمر المصرى البارز يأتى فى إطار قانون يسمح للشركات الكبرى بأن تتعاقد مع عمالة أجنبية فى حدود ١٠٪ من حجم عمالتها.

تفسير هذه الكارثة، أننا لا نملك لحامين، أو عددا مؤهلا قليلا منهم، والبقية التى تقول عن نفسها إنها لحامون غير مؤهلة أو غير كفؤة بالقدر الكافى، وبالتالى فإن العدد القليل يجعل الطلب عليهم كبيرا.

هل المشكلة فقط فى اللحامين؟! بالطبع لا، لأنها متكررة فى مهن فنية وحرفية كثيرة.

عندما استوعبت كلام رجل الأعمال تذكرت أن رئيس الجمهورية سبق أن اشتكى أن بعض الشركات التى تنفذ مشروعات كبرى طلبت منه السماح بجلب عمالة أجنبية خصوصا فى الجانب الفنى، لكنه طلب منهم ضرورة البحث فى السوق المصرية. عرفت أيضا أن قطاع الغزل والنسيج يطلب عمالة متخصصة من بنجلاديش أو من الهند.

السؤال كيف لا يمكن العثور على ٧٠٠ لحام مؤهل فى بلد يعيش فيه أكثر من ٩٠ مليون نسمة؟!.

سيقول البعض إن نقص اللحامين قد يكون ناتجا عن التوسع فى أعمال المقاولات والمشروعات القومية الكبرى، وبالتالى فهناك طلب كبير على هذه الفئة. قد يكون هذا تفسيرا جزئيا، لكن السؤال الأكبر هو ما الذى يجعل غالبية المستثمرين يشكون من نقص العمالة المدربة؟!

هذا الأمر هو إعلان واضح عن فشل كامل من الدرجة الأولى لكل المجتمع، للحكومة ولرجال الأعمال والمجتمع المدنى، حينما يعجز عن ايجاد عمالة فنية تتقاضى أجرا يصل إلى تسعة آلاف جنيه شهريا.

ما سبق مفجع وكارثى بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وقد يكون معروفا للبعض أو للجميع، لكن كيف السبيل للبحث عن حل لهذه المشكلة؟!.

تتحمل الحكومة دورا رئيسيا فى المشكلة، لأنها المشرفة على التعليم، وتركت ملايين الشباب يذهب زورا إلى ما يسمى بالدبلومات الفنية، التى يفترض أن تكون ورشة لتخريج كل الفنيين، وهى تدرك أن غالبية خريجيها لا يعرفون حتى كتابة اسمائهم بصورة صحيحة، ناهيك عن تعلم حرفة بصورة متقنة.

هى مسئولية القطاع الخاص والمجتمع المدنى ايضا، الذى فشل فى إقامة مدارس ومعاهد، تقوم بتأهيل الحرفيين، وفضل أن ينافس الحكومة فى إقامة معاهد وكليات تقوم بتخريج محامين ومحاسبين ومهن يملك منها المجتمع ما يفيض عن حاجته، وللأسف فمعظمهم أيضا غير مؤهل.

لا نريد أن نكتفى باللطم والصراخ وشق الجيوب. ونسأل اذا كان الدخول لمدارس التمريض الآن بمجموع يفوق الثانوية العامة، لأن خريجيها يجدون عملا بمجرد تخرجهم، فلماذا لا يتبارى البعض فى إقامة معاهد لتخريج اللحامين وفنيى التكييف وسائر الحرف التى تحتاجها السوق ولا يجدها، أو هى موجودة اسما ولا تملك أى مهارة.

معظمنا يعانى من «صنايعية آخر الزمن» الذين يعملون يوما وينامون فى بيوتهم أسبوعا حتى ينفقوا ما كسبوه على المقاهى.

والسؤال مرة اخرى: لماذا لا نسارع إلى تأهيل الشباب، حتى يحصل على الفرص التى يأخذها شباب من جنوب شرق آسيا.. بدلا من أن نستمر فى لعن البطالة والحكومة والزمن؟!.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي