تفجير «البطرسية».. أسئلة مشروعة - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 2:57 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تفجير «البطرسية».. أسئلة مشروعة

نشر فى : الإثنين 12 ديسمبر 2016 - 9:55 م | آخر تحديث : الإثنين 12 ديسمبر 2016 - 9:55 م
بعيدا عن بيانات الشجب والادانة التى باتت عملا روتينيا عند كل مصاب أليم يضرب هذا الشعب الطيب أهله من وقت إلى آخر، يفتح حادث التفجير الجبان الذى استهدف المصلين داخل الكنيسة البطرسية بالعباسية، بعد يومين من التفجير الذى ضرب كمين الشرطة قرب مسجد السلام بالهرم، أبوابا واسعة للتساؤلات، التى يبدو أننا سنحتاج وقتا للرد عليها.

طبعا الرسالة المستهدف توصيلها بالتفجيرين اللذين وقعا فى أجواء الاحتفال بالمولد النبوى الشريف، لا تحتاج إلى كبير عناء لفهمها، فقد وصلتنا عبر العديد من الاعتداءات على دور العبادة من قبل، ومفادها أنه كلما ضاقت الحلقة على الإرهاب سارع صناعه إلى استخدام الورقة الطائفية لإشعال الموقف، وتمزيق جزء جديد من النسيج الوطنى، وضرب الاستقرار، وجرنا إلى المزيد من الأزمات.

قد يسارع البعض إلى صب جام غضبه على الإرهابيين ويتهم هذا الطرف أو ذاك، قبل التوصل إلى الأدلة الاحترافية على هذه الاتهامات، وربما نتفهم لبعض الوقت المشاعر الجياشة التى تقودها العواطف لحظة وقوع المصاب الجلل الذى قد يفقد الانسان توازنه، لكن ما أن تهدأ المشاعر، وترتاح الأعصاب، على العقل أن يطرح أسئلته بلا خجل أو وجل، ولا يجب أن يرهبنا إعلاميو التهليل والتطبيل عن ضرورة الصمت، وعدم إثارة مثل هذه التساؤلات فى هذا الوقت.

نعلم أن وزارة الداخلية تتحمل عبئا كبيرا فى تأمين الشعب المصرى، وأنها تواجه تحديات جمة، غير أن ذلك لن يمنعنا من سؤالها عن التقصير المتكرر فى الأيام الأخيرة، فى مواجهة الاحترافية العالية لمنفذى مثل هذه التفجيرات الغاشمة، ولماذا لا لم نر احترافية مماثلة للشرطة فى حادث مسجد السلام فى الهرم؟، أين كان الحس الأمنى لحظة الوقوف فى المكان؟، لسنا طبعا خبراء أمنيين لكن السؤال البسيط: ألم يكن بوسع الأمن «تأمين» مكمنه، فى ظل حرب الإرهاب المعلنة من قبل العناصر التكفيرية التى لا تتوانى عن القتل والتدمير؟!

فى شهر ديسمبر الذى يوافق مواسم دينية معروفة سلفا، كيف تسللت هذه الكمية الكبيرة من المتفجرات إلى داخل قاعة الكنيسة البطرسية؟، أليس معلوما لدى الشرطة، وأمن الكنيسة، الظروف التى نمر بها، وأين كانت اليقظة، وأين ذهب الحذر؟.

لا يجب الاستسلام لفرضية واحدة فى التفجير الجبان الذى استهدف الكنيسة، ولا العدوان الغاشم الذى استهدف رجال الشرطة فى الهرم، وتعليق الفشل الأمنى على مشجب واحد ومتكرر.. يجب أن ننقب عن كل كبيرة وصغيرة تعطينا إجابة شافية عما يحدث، بعد أن اختلطت الأمور على الناس وبدا التشكك فى قمة حالاته، لدرجة أن البعض يوزع الاتهامات، بلا دليل، تجاه الأمن نفسه سواء بالتقصير أو التواطؤ، مستدعيا ما وقع أيام الرئيس المخلوع حسنى مبارك مع كنيسة القديسين.

من السهل إطلاق الاتهامات لهذا الطرف أو ذاك، غير أن الإثبات، فى غياب الشفافية من جانب، وحالة الغضب والاحتقان فى الجانب الآخر، تجعل الأمر فى غاية الصعوبة، ما يزيد من اختلاط الأوراق، والريبة واتساع مساحة التشكك لدى الناس فى كل ما يطرح عليها من تفسيرات، أو معلومات ناقصة، أو مجهولة المصدر، وبما يعطى فى نهاية المطاف للشائعات فرصة كبيرة للانتشار، وإثارة البلبلة.

نعم نحن فى وقت أحوج ما نكون فيه للاصطفاف الوطنى، وتماسك الجبهة الداخلية، فى مواجهة إرهاب يقف خلفه إياد محترفة، لا يمكن استبعاد الدعم الخارجى لها، لكن كل ذلك لا يمنعنا من المطالبة بمحاسبة الفشلة مهما كانت مواقعهم، وإعادة النظر فى المنظومة برمتها، والبحث الموضوعى عن أسباب التقصير الذى يتسع فى هذا الجهاز أو ذاك.

«مطبلية» الإعلام، والمتحمسون لتكميم الأفواه بالقوانين، رجاء يمتنعون، فالوقت لم يعد يحتمل الرقص فوق جثث الأبرياء.

 

التعليقات