السيسى والأحزاب.. من ظهير من؟! - عصام شيحة - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 10:56 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

السيسى والأحزاب.. من ظهير من؟!

نشر فى : السبت 13 يونيو 2015 - 9:40 ص | آخر تحديث : السبت 13 يونيو 2015 - 9:40 ص

فى اللغة، الظَّهيرُ: المُعين، وسياسيا ووفق ما تروج له أحاديث القوى والأحزاب السياسية المصرية المعاصرة، باتت الكلمة مفردة سياسية شديدة الدلالة على ما بلغته التجربة المصرية من خطوات على طريق التحول الديمقراطى؛ إذ خلف الظَّهير تختبئ الكثير من سوءات العملية السياسية.

فليس إلا «الظَّهير» صيغة مشتركة جامعة مانعة، توافقت عليها القوى والأحزاب السياسية فى إطار السباق المحموم والمتدافع، سعيا إلى مواقع «أفضل» داخل أوساط الرأى العام؛ ومن ثم إلى أروقة السلطة التنفيذية، ومقاعد السلطة التشريعية.

وبالنظر إلى ما لم تقدمه تلك القوى والأحزاب السياسية، وهو كثير، يبدو الشعب بآماله وآلامه الحقيقية، لا يملك نصيبا ملموسا إزاء ما هم به «يتظاهرون»، ولا امتداد كذلك ملحوظا لقضايا الوطن الأساسية، إذ هم على هذا النحو «يتطوعون»؛ وعليه.. فلا سبيل إلى اللحاق بمنتهى ندائهم «بالمظاهرة» إلا هناك على أعتاب قصر الاتحادية، حيث الرئيس السيسى!.

فإذا لم نكن أمام محاولات جادة لإعادة إنتاج نماذج مُصغرة من الحزب الوطنى، فليس الأمر يتجاوز إحدى المغالطات شديدة الانتشار فى المرحلة الانتقالية من عمر عملية التحول الديمقراطى، بموجبها تطغى على المجتمع حالة من عدم اليقين، فليس لنظام مبارك الفاشى أن يؤكد عودته زحفا عبر ثورة يونيو، ولا تملك الثورة المصرية إمكانية التراجع عن الاحتفال بالنصر، ولا هى تدرك سبيلا باتا إلى دفع نظام مبارك إلى الخلف، بعيدا عن مسارها الطبيعى، حيث الطموحات المشروعة فى حياة كريمة حرة.

فبينما تشكو الأحزاب من طول وقسوة استهدافها من جانب الأنظمة السابقة، وهذا صحيح، وتقر بضعفها وتطالب بدعمها، وذلك حق لا جدال فيه، تبيع الأحزاب وهما، لم يعد الشعب راغبا فى شرائه، إن هى ادعت ملكيتها لدعم يمكن أن تقدمه للرئيس السيسى، وقد حاز الرجل شعبية كاسحة، مقابل فراغ الحياة السياسية برمتها، والأحزاب ضمنا، ما دفع بالشعب إلى الاحتماء بمؤسسته العسكرية، مناديا بالسيسى رئيسا.

من جهة أخرى، لم تنتج القوى والأحزاب السياسية أثرا يُذكر، يُتبع فتهتدى به الثورة إلى طريقها صوب تحقيق أهدافها ومبادئها، ولم تقدم نموذجا داخليا يشير إلى قدرتها على إدارة شئون الدولة؛ إذ هى فشلت حين غرقت فى إدارة مشكلاتها الصغيرة، فلا تكاد تنهض «دعائيا»، حتى ترتد إلى مصالحها الذاتية الضيقة، لا يشغلها كثير عن السعى إلى نصيبها فى مقاعد البرلمان، ذلك الكيان الدستورى المُهمل تحت وطأة المتاجرة بالثورة، وما هم إلى الثورة ينتمون؛ إذ بقيم نظام مبارك المستبد يندفعون.

وإزاء ما يشيعه البعض من بطولات زعموا أن لها الفضل الكبير فى إسقاط الرئيس المعزول محمد مرسى، تجدر الإشارة إلى أن مجابهة حكم الإخوان، لا تُعد سبيلا كافيا تحوز به القوى والأحزاب السياسية أرضا واسعة داخل الرأى العام، فإسقاط نظام لا يعنى القدرة على بناء آخر بديلا عنه!. فضلا عن أن ثورة يناير المجيدة نهضت شعبيا، تلاحقها على استحياء وخجل مُبرر ومقبول، أصوات حزبية تكاد تعزف منفردة، وكذلك اندلعت ثورة الثلاثين من يونيو من قلوب الملايين الباحثة عن ثورتها التى اختطفها الإخوان فى غفلة من القوى والأحزاب السياسية، وقد راح الكثير منهم فى مشاركات مرئية ومسموعة مع «الجماعة»، وما خفى منها كان أكثر، وما البرلمان الإخوانى ببعيد، وحكومتهم لم تغب بعد عن الذاكرة، ولقاءات قصر الاتحادية ماثلة فى الأذهان، ولنا هنا أن ندرك أن فروقا جوهرية ينبغى ملاحظتها بين انخراط مطلوب فى منظومة الدولة، وبين انصياع لمقتضيات المواءمات السياسية، ثم الارتداد عنها إذا ما عاود الشعب ثورته!.

كذلك فى السباق نحو البرلمان، سقطت دعاوى التميز بين القوى والأحزاب السياسية، إذ راحت لهفة «التوافق» تحيط بالكل، كاشفة عن غياب أيديولوجيات حقيقية ومتباينة، يمكن الانطلاق منها باتجاه استراتيجية وطنية، تفرز خططا وبرامج محددة وواضحة يمكن من خلالها صياغة مقومات التنمية الشاملة والمستدامة المعبرة عن خصوصية التجربة المصرية، فيما كان يمكن أن يمثل دعما حقيقيا للرئيس السيسى؛ وبالتالى فأى دعم سياسى يمكن أن تقدمه القوى والأحزاب السياسية للرئيس السيسى إن هى افتقدت على هذا النحو أهم معايير العمل الحزبى الجاد!.

والحال كذلك، راحت القوى والأحزاب السياسية تعرض «خدماتها» على الرئيس السيسى، ففى البرلمان، وليس خارجه، يمكن أن يمثلوا «ظهيرا» للرئيس!، والحق أن الشعب أجدر بدعم اختياره الثورى، ومحاسبته ومساءلته، على نحو ما عليه أن يحاسب قواه وأحزابه السياسية، وله أن يُسائلهم.. أى دعم يملكونه للرئيس السيسى، وهم فى موقع قصى عن الشعب وآماله وآلامه!.

وفى مواجهة من يظاهرون السيسى إن كانوا جميعا على تلك «المظاهرة» أحرص!، أيظاهرونه فى مواجهة شعبه الذى اختاره!، أم فى مواجهة جماعة إرهابية يواجهها الشعب بعزم وبصدره مفتوحا!.

ولما كانت الثورة ما هى إلا قيم جديدة تسود؛ فتحدث تغييرات جذرية تطال جميع أوجه الحياة فى المجتمع؛ فإن مفهوم المشاركة السياسية ينبغى أن يحظى بأولوية فى أجندة العمل الوطنى، الأمر الذى يحتم على الدولة المصرية فى نسختها الجديدة دعم القوى والأحزاب السياسية، على نحو يدفع بها إلى إعادة البناء الداخلى على قواعد ديمقراطية سليمة، لتنهض بمسئولياتها الوطنية كقنوات سياسية مشروعة، يعبر تنوعها الفكرى عن ثراء المكنون الحضارى للشعب المصرى، لتنهض أحزاب حقيقية، يستبقى منها الشعب، عبر الانتخابات البرلمانية، ما ينبغى أن يكون الرئيس السيسى «ظهيرا» له.

التعليقات