البحث العلمى والصناعة.. رؤية مختلفة - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 3:41 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

البحث العلمى والصناعة.. رؤية مختلفة

نشر فى : الثلاثاء 13 سبتمبر 2022 - 6:55 م | آخر تحديث : الثلاثاء 13 سبتمبر 2022 - 6:55 م
يكاد يكون هناك إجماع عالمى على أنه لا يمكن لأمة أن تنهض وتتقدم من دون نهضة صناعية حقيقية.
هذا الكلام نسمعه ونكرره دائما لكن كيف نشجع الصناعة على أرض الواقع، وكيف نتمكن من الإجابة على السؤال الأزلى فى تحقيق الترابط والتشابك والتكامل بين الصناعة والبحث العلمى خصوصا فى الجامعات؟.
الدكتور أشرف منصور رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية قدم رؤية مختلفة وجديدة خلال دردشة غير رسمية مع نحو ١٥ كاتبا وإعلاميا مصريا مساء يوم الخميس الماضى فى العاصمة الألمانية برلين فى أعقاب الاحتفال بمرور عشرين عاما على إنشاء الجامعة الألمانية بالقاهرة وعشر سنوات على افتتاح فرعها فى برلين.
البعض يعتقد أن ربط البحث العلمى بالصناعة هو مجرد قرار إدارى أو حكومى، ولكن الأمر ليس كذلك، وهو أعقد مما يتصور كثيرون، لأنه ببساطة نتاج منظومة متكاملة من الرؤى والأفكار والتعاون بين كل أطراف هذه المنظومة.
فى هذه الجلسة غير الرسمية كان هناك العديد من الأسئلة للدكتور أشرف منصور من المتواجدين، ومنهم عبدالمحسن سلامة وعلاء ثابت ومحمود مسلم ونشأت الديهى وخيرى رمضان وعمرو عبدالحميد وماجد منير ومحمد هانى وأحمد فايق ومحمود المملوك ومحمد عبدالنور.
جوهر الأسئلة تركز على السؤال الخالد والأزلى وهو كيف نحقق هذا التشابك بين الصناعة والبحث العلمى؟.
الدكتور أشرف منصور قدم خطوطا عريضة ومهمة وعلينا جميعا أن نفكر فيها حتى نبدأ التحرك الجدى وننطلق من أرضية محددة، بدلا من الكلام المكرر والروتينى حول هذا الموضوع منذ عشرات السنين.
منصور يقول إن وظيفة الجامعة الرئيسية هى العلم والتعليم والبحث العلمى، ولكى نحقق التشابك يفترض أن تكون الخطوة الأولى من الصناعة وليس العكس.
البعض يتعامل مع القضية وكأننا فى سوبر ماركت بمعنى أن رجل الصناعة لديه مشكلة، وسيأتى إلى الجامعة وسوف يجد حل مشكلته جاهزا على الرف ويأخذه وينصرف!
الأمر أكثر تعقيدا من ذلك بكثير وهناك تداخلات وتشابكات متعددة.
فى غالبية دول العالم المتقدم، فإن رجل الصناعة إذا صادفته مشكلة يفترض أنه يأتى للجامعة والمجتمع الأكاديمى والبحثى، ويقول لهم عندى هذه المشكلة، فكيف يمكنكم أن تساعدونا؟. وهنا يبدأ البحث العلمى فى التفكير والتحرك والبحث عن حلول، ويتولى رجل الصناعة الإنفاق على كل هذه العملية، وبعدها تبدأ عملية بناء الحلول خطوة خطوة وليس بصورة آلية فورية بل عبر عملية تراكمية.
الدكتور أشرف منصور يؤكد أكثر من مرة خلال حديثه على أن الوظيفة الأساسية للجامعة هى التعليم والتأهيل. وبعدها يمكن لها أن تساعد كثيرا فى البحث العلمى، ويضرب مثالا بالجامعة الألمانية التى قدمت أكثر من خمسة آلاف حل لمشاكل عرضها المجتمع الصناعى عليها.
نوعية التعليم التى تقدمها الجامعة هى التى جعلت الآلاف من طلابها يلتحقون بوظائف فى أكبر الشركات الصناعية بألمانيا، وليس فقط فى الشركات المصرية.
منصور قال خلال الاحتفال الرسمى إن الجامعة الألمانية صارت مركزا للعلم والبحث العلمى عالميا، هى أيضا ملتقى اقتصادى صناعى وتكنولوجى عابر للدول حيث شكلت الجامعة جسرا ممتدا بين مصر وولاية بادن فورتمبرج، وهى قلعة الصناعة الألمانية فى قلب أوروبا، ممثلة فى الجامعات المؤسسة وهى «أولم وشتوتجارت وتوبنجن ومانهايم ولايبزج» وكذلك مع الجهات والهيئات والوزارات العاملة بالمقاطعة، وصولا للمستوى الفيدرالى والحكومى والهيئات الداعمة وهم يمثلون ركيزة قوية فى تطوير المناهج وتبادل الطلاب وابتعاث الأساتذة والأبحاث المشتركة.
وبالطبع فإن كل ذلك يقود إلى تطبيق النموذج الألمانى فى الربط بين البحث العلمى والصناعة.
خلال الجلسة غير الرسمية كان هناك تأكيد على أهمية وجود الدائرة الكاملة بأن يعمل الجميع فى منظومة متكاملة حتى لا نظل ندور فى حلقة مفرغة. هذا الأمر يحتاج إلى إرادة سياسية واضحة من الحكومة، وأظن أنها موجودة، ويسبقها بالطبع رؤية عامة وشاملة، وبعدها أن يكون لدينا آليات عملية للتنفيذ. وحينما تجد الصناعة حلولا لمشاكلها فى البحث العلمى الجامعى فسيزيد الاعتماد عليه، وهكذا تكون لدينا دائرة مكتملة ويكتسب الخريجون والأساتذة تجارب عملية على أرض الواقع بدلا من الدراسة النظرية فقط.
أظن أن لدينا نماذج مبشرة وناجحة فى مصر بدأت فى هذا الطريق، وكل الأمل أن يتعزز ويتوسع، حتى نخرج من هذه الشرنقة التى نعيش فيها منذ عقود، فى حين سبقتنا أمم كثيرة كانت أقل منا منذ سنوات قليلة.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي