الشركات الأمنية الخاصة الصينية.. خطر لا تنتبه له أمريكا - العالم يفكر - بوابة الشروق
الأحد 12 مايو 2024 12:05 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الشركات الأمنية الخاصة الصينية.. خطر لا تنتبه له أمريكا

نشر فى : الإثنين 14 فبراير 2022 - 8:55 م | آخر تحديث : الإثنين 14 فبراير 2022 - 8:55 م
نشر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بتاريخ 12 يناير 2022 مقالا لماكس ماركوزن تناول فيه قلة عدد الدراسات والتقارير التى تتناول الشركات الأمنية الخاصة الصينية ودورها فى تأكيد القوة الصينية فى أجزاء كثيرة من العالم، وما يمكن أن تشكله من تحديات على الولايات المتحدة فى تنافسها مع الصين... نعرض منه ما يلى:
لعبت المرتزقة قديما دورا مهما فى الحروب، أما الآن فالشركات الخاصة هى التى تلعب هذا الدور المهم؛ إذ توفر الشركات العسكرية الخاصة وشركات الأمن الخاصة لواضعى السياسات طرقا جذابة لعرض قوتهم، وبدائل منخفضة التكلفة عن الاستخدام العسكرى. علاوة على ذلك، فإن الصراع على النفوذ، وخاصة فى عصر المنافسة الاستراتيجية الحالى بين الولايات المتحدة والصين وروسيا، يتم بشكل متعمد على مستويات لا تتطرق إلى المستوى العسكرى، وبالتالى تصبح هذه الشركات أداة مفيدة فى يد الدول لتوسيع نفوذها الإقليمى والعالمى، أو حتى خلق معضلات جديدة لمنافسيها.
أجريت أبحاث مكثفة حول استخدام الولايات المتحدة للشركات العسكرية والأمنية الخاصة، ووثق الاستخدام الروسى لمثل هذه الشركات بشكل جيد فى وسائل الإعلام. ومع ذلك، فإن استخدام الصين لمثل هذه الشركات لم يتم توثيقه بشكل كاف.
يغيب عن التقارير الحكومية الأمريكية دور الشركات الأمنية الخاصة الصينية فى تعزيز القوة الصينية فى وقت يتساءل فيه صناع السياسة فى الولايات المتحدة عن كيفية إعادة توجيه الصين. أصدرت وزارة الدفاع الأمريكية تقريرها السنوى عن القوة العسكرية الصينية فى 3 نوفمبر 2021، وأصدرت لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية الأمريكية الصينية تقريرها لعام 2021 إلى الكونجرس فى 17 نوفمبر 2021. بينما يتضمن كلا التقريرين تحليلا عن القطاع الخاص الصينى، لا يقدم أى منهما أى إشارة إلى الشركات الأمنية الخاصة الصينية والدور الذى تلعبه.
• • •
استخدام الدول لقوات عسكرية وأمنية خاصة هى ظاهرة تاريخية ومستمرة. عملت الشركات العسكرية والأمنية الخاصة فى الآونة الأخيرة نيابة عن الحكومات لتحقيق أهداف فى الخارج مثل توفير الأمن للبعثات الدبلوماسية فى مناطق الحروب، والقتال إلى جانب الحكومتين السورية والروسية فى سوريا، وتدريب القوات العسكرية فى إفريقيا.
يمكن لكل من الشركات العسكرية والأمنية الخاصة تقديم خدمات للعملاء الحكوميين وغير الحكوميين، ويقدم كلاهما خدمات مسلحة وغير مسلحة. ومع ذلك، فإن أحد الاختلافات الرئيسية بين الشركات العسكرية والأمنية هو أنه يمكن استخدام الشركات العسكرية الخاصة لتدريب القوات العسكرية أو للقيام بعمليات قتالية، بينما تُستخدم الشركات الأمنية الخاصة فى المقام الأول فى المهام غير القتالية مثل حماية الأفراد وأمن المواقع. ومع ذلك، قد تنخرط الشركات العسكرية والأمنية الخاصة بحكم طبيعة عملهم فى نزاعات مسلحة بدون قصد.
التمييز بين الشركات العسكرية والأمنية الخاصة مهم فى السياق الصينى. تمارس الصين رقابة صارمة على قطاعها الأمنى، وتفرض قيودا على الخدمات العسكرية والأمنية التى تقدمها شركاتها الخاصة محليا وخارجيا. يعد هذا اختلافا رئيسيا بين الشركات الأمنية الصينية والشركات العسكرية الخاصة الأخرى ــ بما فى ذلك الشركات الروسية. فبينما تحظر الصين صراحة الشركات العسكرية الخاصة، قامت الصين بإضفاء الشرعية على الشركات الأمنية الخاصة فى سبتمبر 2009. ومنذ ذلك الحين، انتشرت الشركات الأمنية الخاصة الصينية بسرعة وحجبت الخط الفاصل بين الخدمات الأمنية والعسكرية.
وجدت دراسة أجراها معهد مركاتور للدراسات الصينية (MERICS) عام 2018 أن أكثر من 7000 شركة خاصة أمنية صينية تعمل محليا، وتعمل نحو 20 شركة أمنية صينية فى الخارج، بينما تشير دراسات أخرى إلى أن ما بين 30 و40 شركة أمنية صينية تعمل فى الخارج، فى آسيا الوسطى وإفريقيا. يشير استخدام الصين الكبير للشركات الأمنية محليا إلى احتمالية استخدام المزيد منها فى السياق الدولى، مما يعزز إظهار القوة الصينية فى الخارج.
من المهم أيضا التمييز بين الشركات الأمنية الخاصة الصينية التى تعمل بشكل مستقل، والتى تتلقى تمويلا أو عقودا من الدولة، والشركات الصينية الخاصة الخاضعة للسيطرة المباشرة للحكومة الصينية، وأفراد التعاقد الأمنى الذين يعملون بشكل مباشر فى الشركات الصينية المملوكة للدولة.
قد يقل التوزيع الجغرافى للشركات الأمنية الصينية فى الخارج عن الشركات العسكرية الخاصة الغربية، إلا أن الشركات الأمنية الصينية تستعد لتوسيع أعمالها، لا سيما بالنظر إلى استثمارات مبادرة الحزام والطريق وضرورة تأمين المشاريع فى مناطق النزاع وحولها.
تواجه الصين تحديات وفرصا لنشر شركاتها الأمنية فى الخارج. تصعب القوانين المحلية والاتفاقيات الدولية من استخدام هذه الشركات. يمنع القانون الصينى الشركات الأمنية الصينية التى تعمل فى الخارج من استخدام القوة، فى حين أن هذه القيود لا تفرض على الشركات الأمنية المحلية. قد يغير الحزب الشيوعى الصينى من سياساته للسماح لتلك الشركات باستخدام القوة فى الخارج، وهو ما تسعى إليه هذه الشركات التى تعد سوقا جذابة لتوظيف المتقاعدين من جيش التحرير الشعبى. إلا أنه مازال هناك عائق دولى. تخضع أنشطة الشركات العسكرية والأمنية الخاصة لاتفاقية غير ملزمة لعام 2008 تُعرف باسم «وثيقة مونترو»، والتى نتجت عن عملية دولية قادتها الحكومة السويسرية واللجنة الدولية للصليب الأحمر. الصين هى أحد الموقعين الأصليين على هذه الوثيقة، التى تحدد الالتزامات والممارسات الجيدة لاستخدام الشركات العسكرية الخاصة فى مناطق النزاعات.
من مصلحة الصين نشر الشركات الأمنية الخاصة فى الخارج والاستفادة منها فى عدة مواقع مثل؛ مبادرة الحزام والطريق، وبحر الصين الجنوبى، وتأمين مجال الشحن على مستوى العالم وحمايته من القرصنة، حماية كبار الشخصيات أثناء السفر والاستجابة لعمليات الاختطاف والفدية، وتدريب الشرطة والأمن القوات فى الخارج، ومواجهة تهديدات الإرهاب الدولى والمشاعر المعادية للصين. تؤكد الحوادث الدولية التى تؤثر على المواطنين الصينيين، مثل أزمة الرهائن فى عام 2012 فى السودان وهجوم 2018 على القنصلية الصينية فى كراتشى بباكستان، الخطر المحتمل على الأفراد والمنشآت الصينية. قد تلعب الشركات الأمنية الخاصة الصينية دورا حيويا فى حماية رعاياها العاملين فى الخارج.
قامت الصين على سبيل المثال بتفويض الميليشيات البحرية، التى يشار إليها أحيانا باسم «الرجال الزرق الصغار»، لحماية أساطيل الصيد والأقاليم التى تدعى الصين أنها تابعة لها، خاصة فى بحر الصين الجنوبى. ويمثل بحر الصين الجنوبى فرصة للصين للتوسع فى استخدام الشركات الأمنية وإبراز قوتها ونفوذها، بما فى ذلك مناطق مثل تايوان وإقليم جوام.
يوفر تدريب القوات العسكرية الأجنبية فرصة أخرى أمام الشركات الأمنية الخاصة الصينية فى الخارج. سلط تقرير إعلامى حديث الضوء على القوات شبه العسكرية الصينية المعروفة باسم الشرطة المسلحة الشعبية. استخدمت هذه القوة تكتيكات عنيفة لقمع الاحتجاجات فى شينجيانغ وهونغ كونغ، بل وتم نشرها فى كوبا لتدريب الشرطة على تدابير مكافحة الشغب. تدير المجموعة حاليا أكاديمية تدريب فى كونمينغ، حيث قاموا بتدريب الشرطة فى أكثر من 60 دولة.
• • •
تواجه الولايات المتحدة العديد من التحديات فى تنافسها مع الصين، وتشكل الشركات الأمنية الخاصة الصينية أحد مكونات هذه المنافسة. ستواصل الصين تأكيد نفوذها فى الخارج من خلال وسائل غير تقليدية وغير علنية، والتعتيم الصينى على قواتها الخاصة سيعيق قدرة الولايات المتحدة على فهم التأثير الأمنى للصين على المصالح الأمريكية. إلى جانب هذا يهدد انتشار الشركات الأمنية الخاصة بإزاحة الولايات المتحدة كشريك أمنى مفضل؛ فالشركات الأمنية الخاصة الصينية تضم نطاقا أوسع من الحكومات التى من الممكن أن تتعامل معها الولايات المتحدة، ويرجع ذلك إلى القيود السياسية والمحلية على الولايات المتحدة. هناك العديد من الخيارات السياسية التى قد تستخدمها الولايات المتحدة فى رصد وتخفيف انتشار الشركات الأمنية الخاصة الصينية فى الخارج منها: زيادة الدراسات حول الشركات الأمنية الصينية، توفير بدائل أمريكية أو حليفة لأمريكا لشركات الأمن الخاصة الصينية، تقليل الثقة فى الشركات الأمنية الصينية من خلال كشف وفضح الانتهاكات التى تقوم بها.
إذا سعت الولايات المتحدة وحلفاؤها وشركاؤها إلى ردع الشركات الأمنية الخاصة الصينية عن توسيع النفوذ الصينى فى آسيا الوسطى وإفريقيا وأجزاء أخرى فى العالم، يجب عليهم اتخاذ خطوات ملموسة وتوفير بدائل مناسبة لهذه الشركات.

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى
النص الأصلي

التعليقات