يا نساء مصر تقدمن - مصطفى النجار - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 5:35 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

يا نساء مصر تقدمن

نشر فى : الجمعة 14 سبتمبر 2012 - 7:55 ص | آخر تحديث : الجمعة 14 سبتمبر 2012 - 7:55 ص

تلقيت ردود أفعال مختلفة عقب نشر مقال (كيف نمكن المرأة فى البرلمان القادم؟) بجريدة الشروق الاسبوع الماضى وتفاوتت وجهات النظر ولكن آلمنى للغاية ما تأكد لدى من شيوع حالة الانهزام الذاتى والاحباط لدى شرائح مختلفة من المواطنات المصريات.

 

●●●

 

كتبت لى سيدة قالت إنها فى أوائل الأربعينيات: كيف نتحدث عن تمكين المرأة السياسى وهى لا تأمن على نفسها وهى تسير فى الشارع، بل لا تأمن على نفسها فى عملها وهى تعانى من التحرش الجنسى باللمس وبالكلام والنظرات مما يهدر كرامتها ويؤذى مشاعرها النفسية ويجعلها تفضل الاختباء والابتعاد عن هذا المجتمع الذى لا تشعر فيه بالأمان.

 

كيف نتحدث عن المشاركة السياسية للمرأة وكل الأحزاب بلا استثناء بما فيها الأحزاب الليبرالية التى تدعى مناصرة المرأة قامت بتهميش المرأة مثلها مثل الأحزاب الدينية وأبعدتها عن صدارة القوائم الانتخابية، انهم يقولون ما لا يفعلون.

 

وكتبت طالبة جامعية قائلة: إن الحديث عن تمكين المرأة سياسيا هو رفاهية وتضييع وقت وعدم احساس بالواقع الحقيقى للمرأة المصرية التى تهان كل يوم فى مواصلات عامة لا تحترم آدمية البشر ولا حياء النساء.. إن أكثر من ثلث نساء مصر يعملن يوميا من أجل البحث عن لقمة العيش لأبنائهم ومساعدة أزواجهم على تخطى قسوة الحياة وسوء الظروف الاقتصادية، هل تتخيل أن هؤلاء سيهتمون بالسياسة أو سيحلمون بدخول البرلمان، انكم تنظرون فى الفراغ وتستمرون فى الانفصال عن المجتمع وعدم ادراك الواقع المرير الذى لن يغيره ما تتحدثون عنه!، بينما قالت أخرى لن أنتخب أى امرأة فى الانتخابات لأن السيدات لا يملكن الخبرة السياسية وأرفض فكرة الكوتة لأنها ستفتح الباب لدخول سيدات للبرلمان ربما يكن غير مؤهلات لهذه المهمة ويتم ارغامنا على اختيارهم.

 

●●●

 

آلمتنى هذه التعليقات التى فتحت عيوننا على مشاكل أخرى تعانى منها المرأة المصرية وتمثل عائقا أساسيا لها عن ممارسة العمل السياسى والتفكير فى خوض هذه التجربة ولكن هذا ليس وليد اليوم، انه حصاد تجريف كامل نال من المواطن المصرى بشكل عام رجلا كان أو امرأة وان كانت المرأة قد دفعت الثمن الأكبر.

 

ولكن فى نفس الوقت كما نحمل المجتمع بتشوهه الفكرى والثقافى والسلوكى المسئولية لا بد أن تتحمل الطليعة النسائية المصرية مسئوليتها فى تغيير الوضع الراهن، إن تعفف كثير من المصريات القادرات على تقديم نماذج ايجابية عن خوض معترك العمل السياسى المباشر واحجامهن عن التقدم لهذا المضمار ــ هو أحد أهم أسباب الانهزام الذاتى لدى المرأة المصرية.

 

ان النماذج الناجحة التى تمتلك المضمون والمعرفة والقدرة والاخلاص تنأى بنفسها عن ساحة العمل السياسى المباشر، ثم تشتكى بعد ذلك من تهميش المرأة وضعف دورها وتمثيلها.

 

من أهم وسائل تغيير القناعات السلبية والقيم المعطلة هو وجود نماذج فذة تستطيع كسر هذه الصور النمطية وازاحتها من العقول، عبر نجاح وانجاز يرسخ هذه القدرة ويكون الهاما لكل امرأة انكسرت أو انهزمت نفسيا بفعل المجتمع الضاغط والثقافة السائدة. أعرف كثيرا من هذه النماذج الملهمة التى تستطيع نقل قضية المرأة فى المجتمع الى الأمام بقفزات وطفرات هائلة ولكنهن اما مشغولات بالتدريس الاكاديمى أو مشغولات بالفكر والتنظير، أو من تعمل ولكن على نطاق ضيق للغاية لا يستفيد منه سوى بضعة أشخاص أو من تركز فى العمل المدنى التنموى فقط أو من تخشى على نفسها من تلوث الفضاء السياسى وتشوهه فتفضل أن تظل بعيدة عنه حتى تتغير الصورة. مهما تحدثنا عن أهمية دور الرجل فى مساندة المرأة وتمكينها سياسيا لن يمكن المرأة الا المرأة نفسها، وواجب الوقت وفقه الأولويات يفرض الآن على من حباهن الله بالقدرة أن يتقدمن وينزلن الى المعترك السياسى مهما كانت قسوته وضراوته. ان المجتمع المصرى يعمل سياسيا بنصف قوته لأنه يفتقد وجود المرأة ولا يوجد مجتمع يسعى للنهضة يحكر العمل السياسى وتمثيل الشعب على الرجال دون النساء.

 

●●●

 

فلتتكاتف الآن كل الجهود من أجل أخذ خطوات عملية فى هذا الاتجاه، ولتتوقف بعض الناشطات الحقوقيات النسويات عن الانفصال عن الواقع ورفض مبدأ الكوتة الانتخابية المؤقتة للمرأة المصرية التى ستصنع تمييزا ايجابيا لفترة، ما يساعد المرأة المصرية على التقدم والنجاح فى الوصول لتمثيل الشعب والتعبير عن هموم وآلام أكثر من نصف المصريين.

 

لن تتحسن ظروف المرأة المصرية المعيلة ولن يتوقف التحرش ولن يتغير التمييز فى العمل بين المرأة والرجل واهدار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمرأة الا اذا ظهرت مقاتلات مخلصات يدوى صوتهن تحت قبة البرلمان، ليصنعن واقعا تشريعيا جديدا يليق بالمرأة المصرية التى شاركت فى بناء الحضارة الانسانية منذ فجر التاريخ. وبالتوازى مع هذا الاتجاه لا بد من مراجعة الخطاب الدينى المخالف للفهم الصحيح للدين والذى يسىء للمرأة بشكل عام ويساهم فى تحجيمها وتثبيط همتها فى العمل العام والمشاركة المجتمعية.

 

إن إنسانية المجتمعات وتحضرها تقاس بمدى تمكين الفئات الضعيفة والمهمشة فيها واعطاءهم حقوقهم ومصر الثورة لا بد أن تشعر بهذه المشكلة وأهميتها، إن نساء مصر بحسهن الوطنى الرائع الذى ألهم الثورة وشارك فى صنعها وحافظ عليها فى كل تعثراتها يستطعن أن يشاركن فى بناء مصر وصناعة نهضتها.

 

●●●

 

أطلقوا للمرأة المصرية العنان وسترون منها ما يذهلكم، ارفعوا الخوف عن نفوسهن، وأضيئوا المظلم فى عيونهن، وارسموا لهن طريق التمكين، مصر تستحق نساءها وبناتها وهن يستطعن كسر المستحيل.

 

يا نساء مصر تقدمن فلا نهضة إلا بكن.

 

 

مصطفى النجار عضو مجلس الشعب السابق
التعليقات