الذهب الأسود - كمال رمزي - بوابة الشروق
الثلاثاء 30 أبريل 2024 4:46 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الذهب الأسود

نشر فى : الأربعاء 14 ديسمبر 2011 - 1:00 م | آخر تحديث : الأربعاء 14 ديسمبر 2011 - 1:00 م

تهيأت نفسيا أن أرى عملا سينمائيا مبهرا، فالأخبار، والتنويهات، وبعض المقالات، تشيد بالفيلم الذى تكلف 40 مليون يورو، وحشد له 300 حصان، و500 جمل، و10000 كومبارس، بالإضافة لإقامة 700 ديكور، ووزعت بطولته على نخبة من نجوم كبار، على رأسهم أنطونيو باندرياس والجزائرى الأصل طاهر رحيم والهندية فريدا بنتو والبريطانى مارك سترونج، وتم تصويره فى تونس والدوحة، وأسند إخراجه للفرنسى جان جاك آنو، وشارك فى إنتاجه عدة دول فى مقدمتها.. قطر.

 

موضوع الفيلم، كما قيل، يدور حول ملابسات اكتشاف آبار النفط فى شبه الجزيرة العربية، قبل الحرب العالمية الثانية.. وفعلا، يبدأ «الذهب الأسود» بمندوبين من شركات أجنبية، يتحدثون مع رؤساء قبائل عن الخير الذى ستجنيه المنطقة من اكتشاف واستخراج ذلك المعدن الثمين، ثم تنطلق نافورات السائل الأسود السميك من سطح الصحراء. وسريعا، تختفى تماما مسألة «الشركات الأجنبية» ليتابع الفيلم، بخمول، الصراع الذى لا يتوقف، بين قبيلتين عربيتين افتراضيتين. واحدة اسمها «حبيقة»، يتزعمها رجل داهية، يؤدى دوره بندرياس، والثانية اسمها «سلامة»، يقودها المتجمد فكريا، المعادى للتطور، المسمى «عودة»، بأداء الأمريكى مارك سترونج.. وبعد حوارات طويلة، تبعث على الملل، تستغرق ثلث الفيلم، تندلع المعارك الصحراوية، بين القبيلتين.

 

«الذهب الأسود»، يتجاهل صراع الدول الغربية، فيما بينها، للحصول على حق التنقيب واستخراج النفط، ويتناسى قضية ملكية هذه الآبار، وعائداتها، وينغمس، متعمدا، فى تصوير الحروب بين القبيلتين المتنافستين على «المنطقة الصفراء» التى يوجد بها حقول النفط.. بعبارة أخرى، يجعل الصراع قبائليا، بل شخصيا، فبينما يرفض أحدهما كل ما يأتى من الغرب، يرى الثانى أن النهضة ستقترن بالاكتشافات البترولية التى ستنقل المنطقة من حال لحال.. وفيما يبدو أن المخرج، وهو نفسه كاتب السيناريو، حاول، ونجح فى مسعاه، أن يضفى على عمله نوعا من الجمالية المستوحاة من لوحات المستشرقين، فأخذ يصور الجبال والصحراء الممتدة على طول الأفق والكثبان الرملية، فضلا عن مصادمات الخيول ووقوع الجمال، ولم يفته الاهتمام بالصقور، يطلعها هذا، حاملة رسالة، إلى ذاك.. وهذه المشاهد واللقطات، إجمالا، تبدو كمحاكاة مكررة، لأفلام من طراز «لورانس العرب» لدافيد لين، مع الفارق الشاسع بين الأصل والتقليد.

 

ينسج الفيلم قصة حب بين أبناء الجيل الثانى، فبعيدا عن «جيل الانتقام»، يأتى «جيل التفاهم»، الأمير المتفتح يخفق قلبه بحب الأميرة «ليلى» ــ الممثلة الهندية السمراء ــ ابنة الزعيم المنافس، ويتزوجها، وتؤول له السلطة، ويقدم وعدا بتحقيق المساواة والسلام، ويرسل بالرجل الداهية، المعزول، ليفاوض الشركات فى شروط تقسيم عائدات النفط.

 

«الذهب الأسود»، فخر الإنتاج السينمائى المبكر لقطر، مع بلجيكا وفرنسا، يأتى مشوشا، مرتبكا، مزدحما، ينخفض فيه الأداء التمثيلى المتعجل، بما فى ذلك باندرياس، على نحو يوحى أن الكل اعتبر المسألة مجرد غنيمة، عليه أن ينهل منها ويرحل.. إنه فيلم مخيب للآمال.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات