لم تخل قضية تنظيم حزب الله من بعض الفكاهة والمسخرة، فاقت بكثير مساخر ما تخطه أقلام كتيبة الأنفار المنتفخين جهلا ضد كل من يحاول التعامل بعقل مع الموقف الراهن.

من هذه المضحكات المبكيات ما اعتبره بعض البلهاء كشفا خطيرا بورود أسماء فنانات شهيرات فى القضية متهمات بنقل صورة الوضع الاجتماعى فى الشارع المصرى إلى حسن نصر الله، وهى المعلومة التى نفتها مصادر التحقيقات جملة وتفصيلا.

غير أن هذا النوع من العبث الإخبارى يحول القضية برمتها إلى مناسبة لممارسة أنواع من الدجل على اعتبار أن أحدا لن يتوقف ليعمل عقله فى هذا التسابق المجنون على إضفاء جو من الإثارة والسخونة على مجريات التحقيق، فيما اعتبرها البعض فرصة سانحة لتصفية الخصوم.

كما أن بعضهم وجد أن إقحام أسماء فنانات مصريات ولبنانيات فى القصة سيعطيها مزيدا من التوابل، وحين لم يعثروا على أى خيوط تخدم هذه الرواية العبيطة استداروا إلى هيفاء وهبى وإليسا وزميلاتهما ليطالبوهن بإعلان موقفهن من حسن نصر الله.

فيما هبط منظرون ومدعون آخرون إلى مستوى صبية يجرون فى الشوارع خلف سيارات الرش وهم يدعون جموع الشعب للهو معهم وهم يتسلون بمشاهدة الفأر فى المصيدة.

وإذا كان هؤلاء مصنفين أساسا فى قائمة محترفى الدجل فإن الأمر يدعو للرثاء حين تجرى هذه الخزعبلات على ألسنة مسئولين رسميين وجدوها أيضا فرصة للنيل من خصومهم.. ومن هؤلاء محافظ القليوبية رجل القانون المحترم المستشار عدلى حسين الذى طالب فى اجتماع لمجلس محلى المحافظة بالكشف عن أسماء النواب الذى قابلوا حسن نصرالله فى أوقات صعوده الشعبى والإعلامى بعد الانسحاب الإسرائيلى من لبنان، وبعد الانتصار الذى حققته المقاومة على الجيش الإسرائيلى فى عدوان يوليو 2006.

ولا أدرى هل يملك السيد المستشار المحافظ الشجاعة لكى يطالب أيضا بمحاسبة مسئولين رسميين سعوا للقاء حسن نصرالله فى أوقات سابقة؟ وهل يستطيع أن يطالب بمحاسبة الخارجية المصرية على دعوتها وفدا من قيادات حزب الله إلى القاهرة العام الماضى؟.

مأساتنا الحقيقية أننا نتعامل فى السياسة بمنطق عمال اليومية، نتحرك عشوائيا بلا أى استراتيجية أو منطق وبلغت بنا قلة الحيلة أننا صرنا نخترع كل يوم عدوا جديدا كى نلهى الناس عن العدو الحقيقى.. إنها قمة الإفلاس أو بالأحرى قاع العجز.