دوافع العنف لدى الشباب - العالم يفكر - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 4:36 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دوافع العنف لدى الشباب

نشر فى : الأربعاء 15 يونيو 2016 - 9:25 م | آخر تحديث : الخميس 16 يونيو 2016 - 12:18 ص

نشرت مبادرة الإصلاح العربى دراسة للباحث «شريف محيى الدين» تتناول الأسباب والدوافع التى تؤدى إلى انضمام الشباب المصرى إلى العنف المسلح، سواء داخل مصر أو خارجها، أو تأييدهم للعنف مع إحجامهم عن الفعل. وتوضح الدراسة أن قرار اللجوء إلى العنف المسلح يرتبط ويتشابك بالعديد من التعقيدات والأبعاد التى لا يمكن حصرها فقط فى دوافع أيديولوجية أو ظروف اجتماعية واقتصادية.



يبدأ الباحث هذه الدراسة بالحديث عن موجات الصعود والهبوط للجهادية المصرية وذلك على مدى الخمسة أعوام التى أعقبت ثورة 25 يناير. ويشير «محيى الدين» إلى أن ساحات الصراع الرئيسية قد تمثلت داخل مصر فى المناطق الشمالية من سيناء، فى حين كان السفر والانضمام للقتال الدائر فى سوريا هو الساحة الأقرب خارجيا. وفيما يلى أهم ما أشارت إليه الدراسة:


الجهاديون وثورة 25 يناير:
يشير الباحث هنا إلى الوضع الخاص بشمال سيناء والذى لم يقتصر فقط على الأيام الأولى لثورة يناير ولكنه تجاوزها. وقد شهدت مدينة الشيخ زويد سقوط أول شهيد تم تصويره بالكاميرا فى الثورة المصرية، وخلال مكالمة تليفونية مع أحد شباب الشيخ زويد قام بها الباحث عقب ذلك الحادث، أكد ذلك الشاب أن الشرطة بعد يوم واحد لن يكون لها تواجد بالشكل القمعى الذى اعتادت عليه فى سيناء وذلك بعد اتفاق قبلى لم يحدد طبيعته.

ويشير «محيى الدين» إلى تحقق ذلك بالفعل ليس فقط فى شمال سيناء ولكن فى عموم مصر وذلك مع غروب شمس يوم جمعة الغضب 28 يناير 2011، ولكن المختلف فى شمال سيناء تمثل فى اللجوء المكثف إلى الأسلحة النارية والصاروخية من أجل تحقيق ذلك الهدف «القضاء على الشرطة».


ورغم هشاشة الدولة فى تلك الفترة عقب سقوط الشرطة لم يتجه الجهاديون إلى شن عمليات مسلحة، بل شارك بعضهم فى التظاهرات بميدان التحرير. ويرى الباحث أن تلك المرونة حدثت نتيجة لتغير السياق؛ فالنظام البوليسى الذى يراه الجهاديون نظام كفر قد تهاوت قوته خلال بضعة أيام وتحقق الهدف الرئيسى الذى كانوا يريدون تحقيقه ــ بتغييره بالعنف والقوةــ من خلال نزول المواطنين إلى الشوارع بالملايين.



تصدير الهجمات ضد إسرائيل والنظام السورى:
يشير الباحث هنا إلى تصاعد الهجمات الجهادية ضد إسرائيل خلال عامى 2011 و2012، وكانت أنصار بيت المقدس آنذاك المتمركزة شمال سيناء تعلن مسئوليتها عن تلك الهجمات.

فى الوقت نفسه التحق العشرات من الشباب المصرى بجماعات مسلحة ضمن الصراع الثورى والثورة ضد بشار الأسد، ولم يتضح موقف الدولة المصرية من مسألة السفر للقتال فى سوريا آنذاك، رغم مشاركة محمد مرسى فى مؤتمر «الأمة المصرية لدعم الثورة السورية» باستاد القاهرة يونيو 2013 وهتافه «لبيك يا سوريا».



يوليو 2013 وإطلاق العنان للراديكاليين:
يشير الباحث هنا إلى تحول جماعة أنصار بيت المقدس إلى تكفير الجيش والشرطة بوضوح والبدء تدريجيا باستهدافهم، وذلك عقب عزل محمد مرسى من رئاسة الجمهورية. بعد ذلك جاء إعلان ولائها وبيعتها إلى تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام «داعش» فى نوفمبر 2014 وإطلاق مسمى «ولاية سيناء».

ومع إطلاق الجيش لحملاته العسكرية فى شمال سيناء، قامت «ولاية سيناء» بنشر أفلام توثيقية لتوثق الانتهاكات التى تقع من قبل الجيش وقوات الأمن المصرية بحق المدنيين؛ لتؤكد فى خطابها الإعلامى أنها تقوم بالرد العسكرى على تلك الانتهاكات من منطلق الجهاد والمقاومة.

وظلت الجماعة على مدى ثلاث سنوات تتبنى عمليات يسقط فيها أعداد كبيرة من الضحايا. كما شهدت عملياتها تطورا نوعيا مستمرا لم تقتصر على قوات الأمن المصرية، بل امتدت إلى اطراف دولية؛ وخاصة فى 2015، إذ قامت بتبنى تفجير مبنى القنصلية الإيطالية والإعلان عن خطف المهندس الكرواتى Tomislav Salopek، وأخيرا تبنى إسقاط الطائرة الروسية فى أكتوبر 2015.



يُصنف الباحث هنا –وفقا لمقابلة قام بها فى مارس 2016 مع أحد سكان قرى جنوب الشيخ زويد، من انضموا لولاية سيناء إلى ثلاثة أقسام:


● من تضرروا من عمليات الجيش هناك، حيث تم قصف المنازل عشوائيا.


● أفراد فى أدنى السلم الاجتماعى بحكم وضع عائلاتهم أو القبائل الصغيرة التى ينتمون إليها، لذا يتخذون من الانضمام للجماعة الجهادية المسلحة وسيلة لكسب مكانة اجتماعية.


● المستفيدون ماديا، كمن يقومون بعمليات تهريب البضائع عبر الحدود، فيحصلون على مزيد من التأمين لوصولهم للموارد ونقلها من خلال انضمامهم للجماعة.


المقتنعون بالراديكالية لكن يترددون فى حمل السلاح:
بافتراض صحة التقسيمات والدوافع السابقة لتفسير حالات المنضمين إلى ولاية سيناء؛ فإنها تطرح المزيد من الأسئلة، حيث يتضاءل التركيز على أثر الدافع الإيديولوجى، وتظهر الدوافع الاجتماعية والانتقامية المحلية على رأس القائمة، وهنا لا يمكن الجزم أن للدوافع الإيديولوجية تأثير أقل إلا باستعراض حالات للمقتنعين فكريا بحتمية الراديكالية لكنهم ترددوا فى اللجوء إليها وذلك فيما يلى:


يتطرق الباحث إلى حالة الداعية الشاب «أحمد عادل» الذى كان يحاول الدمج بين أساليب التنمية البشرية، وإلقاء الدروس الدينية على الشباب. وعقب إعلان الإطاحة بمرسى عبر «أحمد» عن تأييده لما وصفه بالشرعية، وتردد فى حمل السلاح ضد النظام الجديد عقب سيل دماء المئات من المتظاهرين المؤيدين للرئيس المعزول على يد قوات الأمن.

ورغم إيمانه بضرورة اللجوء للعنف لم يجرؤ على حمل السلاح فى وجه إخوانه من جنود الجيش المصرى وفضَل الذهاب لسوريا والانضمام إلى إحدى الكتائب المسلحة التى تخوض حربا ضد نظام بشار الأسد.

كما يشير «محيى الدين» إلى حالة أخرى وهى حالة «وليد» 21عاما، والذى كان يدرس فى جامعة الأزهر وكانت ميوله يغلب عليها الطابع السلفى المحافظ المناهض للثورات، وابتعد دائما عن الانخراط فى السياسة. ولذلك لم يشارك فى النزول للشوارع فى 25 يناير 2011.

لكن قناعاته تغيرت وبدأ بالاهتمام بالسياسة مع توالى الأحداث. ومع انسداد المجال العام وازدياد قمع التظاهرات بأساليب دموية، حدث تغير كبير فى قناعات وليد، وقام بفك الارتباط شيئا فشيئا مع الدعوة السلفية لما رآه فيها انخراط فى العملية السياسية الشكلية، دون تغييرات جذرية ترسخ مقاصد الشريعة الإسلامية.

ويوضح أنه على الرغم من ميل «وليد» لتأييد جبهة النصرة فى سوريا، ورفضه ممارسات داعش؛ فإنه فى آخر مقابلة سأله عن رأيه بخصوص هجمات باريس الأخيرة التى قامت بها داعش، وعن رأيه بإعلان تبنى إسقاط الطائرة الروسية فى قلب سيناء؛ عبر«وليد» عن تأييد تلك الأفعال، باعتبار أنه «طالما تقوم تلك الدول بقصف المدنيين فى سوريا فإنه ينبغى استباحة المدنيين التابعين لهم أيضا كما يفعلون بنا».

ورغم اقتناعه بالجهادية والتفكير بالسفر إلى سوريا إلا أنه لم يفكر فى حمل السلاح ضد الجيش المصرى حتى إذا تعاطف مع ما يحدث فى شمال سيناء.


كما ينوه إلى انخفاض ظاهرة السفر للقتال فى سوريا بشكل كبير،لأسباب عديدة كزيادة تعقد المشهد، بالإضافة إلى الصعوبة الشديدة فى السفر سواء من مصر لتزايد القيود التى وضعتها السلطات المصرية على من ينوون القتال هناك عبر تركيا، كما أن تركيا نفسها شددت من إجراءاتها فأصبح من الصعب العبور منها.


ويختتم «محيى الدين» بأن الراديكالية المصرية تشهد تراجعا كبيرا. ومن ثم قد يكون أجدى للسلطات المصرية استغلال لحظة التراجع هذه لعمل مراجعات بدلا من استمرار التنكيل الذى يؤدى للجوء المزيد من الجهاديين إلى تكفير الدولة ورفع السلاح ضدها ولو بعد حين.

التعليقات