كوارث التحرش الجنسي مع السائحين - خالد الخميسي - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 10:28 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كوارث التحرش الجنسي مع السائحين

نشر فى : السبت 15 أغسطس 2009 - 6:14 م | آخر تحديث : السبت 15 أغسطس 2009 - 6:14 م

 ما يحدث للسائحين فى مصر من تحرشات جنسية، أمر تخطى الخط الأحمر بمسافات شاسعة. والجميع لا يرى ولا يتكلم ولا يسمع. الكارثة أن التحرشات فى كل مكان هى من السلوكيات الكريهة المسكوت عنها تماما. يصمت المتحرش به خجلا مما حدث له ليضمه إلى سلسلة جروحه النفسية الدفينة. أما لو تكلم وأعلن وقص ما حدث له من تحرش، فحفاظا على سمعة مصر يتكتم الجميع على الخبر، ولو لم يكن سبب الكتمان هو سمعة بلدنا فسوف يكون حفاظا على السياحة نفسها وعلى لقمة عيشهم، بدءا من مدير فندق وصعودا إلى وزير السياحة نفسه.

حكت لى سائحة بريطانية أنها دخلت أحد المحال المطلة على كورنيش شاطئ نعمة فى شرم الشيخ، فوجدت البائع، وهو شاب أسمر كحيل العين، ينظر إليها بتمعن ثم توجه إلى باب المحل وأغلقه وتركها تنظر فى البضاعة، ثم اقترب منها وسألها: هل هى متزوجة، وعندما أجابت بالإيجاب، خلع حزامه ثم فك أزرار بنطلونه وأسقطه على الأرض. لا داع لوصف حالة الهلع التى انتابتها، ففى البداية لم تصدق ما يحدث أمامها، وعندما أدركت ما يفعل توجهت من فورها إلى باب المحل فوجدته مغلقا، حاولت مرة أخرى بكل قوتها أن تفتح الباب أو أن تجد له مفتاحا، ولكنها فشلت فى فتحه. وصرخت، فهدأ من روعها وفتح لها المحل فخرجت تجرجر رعبها.

عندما حكيت هذه القصة إلى صديقة تعمل مرشدة سياحية ابتسمت قائلة: إن هذا يحدث بشكل يومى والجميع يعرف، فالتحرش الجنسى بجميع أشكاله من لمس أو قبض على نهد أو دعك مؤخرة أثناء تجريب لبس جلابية أو غيرها هى أمور اعتيادية لا يتوقف عندها أحد. هل نتساءل عن تفاصيل الشهيق والزفير، فالتحرش الجنسى فى مجال السياحة مثله مثل التنفس. وبدأت تحكى لى قصة حدثت لها فى صباح نفس اليوم أبطالها سائحة فرنسية وواحد من الجمالين فى منطقة أهرامات خوفو وخفرع ومنقرع والتى انتهت ببكاء السائحة من هول شعورها بالإهانة مما تعرضت له من الجمال.

ولكن هذه التحرشات التى يجدها أصحاب المهنة عادية جدا، تواكبها جرائم حقيقية يتم التكتم عليها حفاظا على لقمة العيش. حكت لى صديقتى المرشدة السياحية أنه فى فندق عائم يتحرك جيئة وذهابا من الأقصر إلى أسوان، كانت سائحة فى حمام غرفة نومها تأخذ دشا باردا فلمحت عينين تبرقان خلف الشفاط على يمينها. لم تصدق عينيها فى البداية ونظرت ثانية فلم تر شيئا. أكملت حمامها ولكنها نتيجة لشعورها بالتوتر بدأت تتابع باهتمام ما يحدث خلف مراوح الشفاط من خلف انهمار المياه فوق وجهها حتى لا تلاحظ العيون المختلسة مراقبتها لهم. وعندما تأكدت أن هناك من يقف خلف الحائط للفرجة كان عرقها ينسال من جسدها فى سرعة نزول المياه من الدش رعبا من إتيان أى حركة قد تؤدى إلى تعرض حياتها للخطر. دار فى ذهنها أن المتلصص لو عرف أنها شاهدته قد يتعرض لها. خرجت من الحمام فى هدوء. وبعد مداولات مع العائلة والأصدقاء قرروا إبلاغ مدير الفندق العائم. قام بتحقيقات داخلية واكتشف أن هناك فتحات ضيقة بين بعض الغرف للكابلات ومرور المواسير تسمح بتسلل شخص حتى يمكنه الوقوف خلف شفاط الحمام. واكفى على الخبر ماجور.

وفى فندق عائم آخر يقوم هو الآخر برحلات نيلية بين الأقصر وأسوان، اكتشفت مرشدة سياحية فى سقف الغرفة سلكا رفيعا ينتهى برأس زجاجى صغير. لم تفهم فى البداية ما هذا السلك الذى يبرز بالكاد من زاوية الغرفة بين الحائط والسقف. سألت زميلتها فى الغرفة فلم تتبين هى الأخرى طبيعة هذا الشىء، حتى اكتشفوا فى النهاية أن هذا السلك الرفيع ما هو إلا كاميرا صغيرة مرتبطة بكومبيوتر عند أحد العاملين. يقوم بمشاهدة ما يحدث داخل الغرفة ويمكنه تسجيل ما يريد من مشاهد ساخنة. عرف مدير الفندق وقام بتحقيقات داخلية. واكفى على الخبر ماجور.

جرائم حقيقية تتم على مرأى ومسمع من صناع العملية السياحية ولكن الجميع يتكتم، وعندما يتحدث فهو يعدد مزايا شعبنا، وطبيعة الشعب المصرى المضيافة الطيبة وهو يفتح ذراعيه لاستقبال ضيوفه الكرام من السائحين.

خالد الخميسي  كاتب مصري