رمضان بطعم الدم - رابحة سيف علام - بوابة الشروق
الأربعاء 22 مايو 2024 5:46 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رمضان بطعم الدم

نشر فى : الإثنين 15 أغسطس 2011 - 9:22 ص | آخر تحديث : الإثنين 15 أغسطس 2011 - 9:22 ص

 راهن النظام السورى على مزاحمة أخبار الإصلاحات الهزلية التى قدمها لشعبه لأخبار سقوط الشهداء على أجندة وكالات الأنباء العالمية، ومضى فى تسجيل رقم قياسى جديد فى حصد أرواح المطالبين بالحرية ضمن حملة عسكرية موسعة أعدت خصيصا للعرض فى رمضان!

فأثمر التصعيد الرمضانى تنديدا خليجيا غير مسبوق، ولكنه لم يزل تحت سقف الإبقاء على الأسد، فيما ارسلت تركيا وزير خارجيتها برسالة حازمة إلى دمشق ليعود إلى بلاده بعد ان فاز الأسد بمهلة أسبوعين إضافيين.

معضلة الثورة السورية أنها تتحدى نظاما يمسك بأوراق إقليمية كثيرة ويعنى الإطاحة به بعثرة هذه الأوراق دفعة واحدة، وهو ما لا تريده أى دولة لها مصالح فى المنطقة، فالربيع العربى الذى انتقل مؤخرا إلى داخل اسرائيل أيضا قد بعثر ما يكفى من أوراق. ولذا فمناصرة الثورة السورية يبدو كواجب ثقيل الظل تسعى الدول كافة إلى تجنبه.

ومن جانبه، أكمل النظام السورى دوره فى هذه التمثيلية الإقليمية واستجاب «مشكورا» لهذه «الضغوط الجدية» ليخفض عدد ضحاياه اليومى من 150 إلى 20، وهو مجهود لا يستهان به فى ظل نظام قمعى من الطراز الأسدى.

واللافت أن النظام كان يستهدف من قبل محافظة تلو الأخرى بشكل غير متزامن، وهو ما فسر فى حينه باعتماده على فرق ماهر الأسد فقط والتى تتكون أساسا من العلويين.

مما فتح المجال للتكهن بوجود معارضة لدى قادة الفرق الأخرى ضد حملات تصفية المدنيين. غير ان الحملات المتزامنة أثبتت أن هذه الممانعة لم تطل أو ربما لم تكن موجودة من الأصل. وحتى إقالة وزير الدفاع وهو علوى وتنصيب رئيس الاركان المسيحى محله، لا يعنى بالضرورة وجود أى ممانعة بل ربما هى محاولة من النظام لتوسيع الغطاء الطائفى لعملية القتل الجماعى التى يرتكبها الجيش بحق شعبه.

من شأن توسيع الحملة العسكرية المتزامنة لتشمل كل المحافظات الثائرة فى نفس الوقت، أن تعرض الجيش السورى لخطر الانشقاق الواسع، خاصة مع الدفع بمزيد من الفرق المختلطة طائفيا. وهو ما تحققت بوادره مؤخرا مع انشقاق ضابط برتبة عقيد وهى الرتبة الأرفع بين المنشقين ليشكل مع جنوده الذين يعدون بالمئات «الجيش السورى الحر» معلنا استهداف عناصر الجيش والأمن التى تقتل الأهالى.

ومن هنا يبرز تحد جديد امام الثورة وهو التزام السلمية وعدم الوقوع فى فخ العنف المضاد رغم تزايد وحشية النظام وتزايد انشقاق العسكريين المسلحين بالعتاد والآليات. ولذا فقد دعا الشباب السورى المنشقين إلى ترك السلاح والانضمام للأهالى لعدم الإمعان فى شق الجيش أو الوقوع فى حرب أهلية.

أما التحدى الثانى والبارز فى رمضان خاصة هو الحفاظ على الخطاب الوطنى الجامع واللاطائفى، على نحو لا يقصى الطوائف غير المسلمة. إذ سعى النظام بارتكابه لمجازر مستفزة عشية رمضان وبالتحديد فى حماة إلى شحذ العصبيات الطائفية واستدراج السنة إلى الانسلاخ على اساس طائفى عن بقية المكونات الوطنية.

أما التحدى الثالث فهو التشبث بمبدأ عدم التدخل العسكرى الخارجى، وهو أمر دقيق، خاصة مع تصاعد التنديد الدولى بالقمع العنيف للثورة. فقسم كبير من المحتجين لا يعول كثيرا على الضغوط الخارجية بل يسخر منها فى مظاهراته، ويضع رهانه الأساسى على انهيار النظام من داخله بعد تحلل أسباب قوته.

وانشقاقات الجيش لها مردود معنوى كبير وإن لم يكن لها مردود عسكرى مباشر. وبالمثل فحملة المقاطعة التجارية ضد التجار والصناعيين الداعمين للنظام، من شأنها أن تدفع كبار التجار فى مدن كدمشق وحلب إلى وقف دعم النظام، الأمر الذى قد ينقل الثورة نقلة نوعية إلى طبقة الأغنياء والميسورين. بينما تأكدت نفعية جنود النظام وعناصره الأمنية بظاهرة بيع المقاطع المصورة التى تبرز وحشية القمع العنيف للنشطاء مقابل مبالغ طائلة، بما يعنى انفضاضهم عنه عاجلا أو آجلا.

بينما أعطت مبادرة وزير الإعلام السابق دلالة إضافية، فالحرس القديم بشقيه المدنى والعسكرى على السواء والذى تم إقصاؤه لصالح مجموعة الأسد الابن، يتبرم مما آلت اليه اوضاع البلاد.

والأمر هنا ليس بالضرورة مسألة مبدأ بقدر ما هو تضرر مصالح أو ربما رغبة فى ابتزاز الحرس الجديد حال استشعار ضعفه وتخبطه فى خيارات قمعية فاضحة دون حتى أن تؤتى ثمارها. وكأن لسان حالهم يقول ليس هكذا تقمع الشعوب على الملأ.

رابحة سيف علام باحثة بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام
التعليقات