إسماعيل ياسين - كمال رمزي - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 10:05 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إسماعيل ياسين

نشر فى : الأربعاء 15 سبتمبر 2010 - 9:53 ص | آخر تحديث : الأربعاء 15 سبتمبر 2010 - 9:53 ص
اليوم، عيد ميلاد إسماعيل ياسين «1912 ــ 1972»، الفنان الذى أعيد اكتشافه أكثر من مرة. أثناء حياته، تعرض لحملات نقدية قاسية، تهاجم أسلوبه المكرر، تصف أعماله التى تبدأ عناوينها باسمه، بأنها سلاسل رخيصة.. لكن بعد رحيله، ومع انتشار التلفاز الذى درج على تقديم أحد أفلامه يوم الأحد، صباحا، من كل أسبوع، لوحظ أن الأطفال، يتابعونه بشغف، يندمجون معه، يعتبرونه واحدا منهم، وكان من المنطقى أن يحاول المهتم بالسينما معرفة سبب تعلق الأطفال به هو تحديدا. ما الشفرة التى جعلته مألوفا ومحبوبا للأطفال؟

تلمست الإجابة وتنبهت إلى أن وجهه أقرب للكاريكاتير، فكل ملمح من ملامحه يتسم بالمغالاة، كما لو كانت قد رسمته ريشة فنان كاريكاتير، يتميز بالجرأة وسعة الخيال.. الكاريكاتير، بالنسبة للأطفال، أقوى وأعمق جذبا من الرسوم الجمالية، لذا فإن جمهور إسماعيل ياسين، يعجب بأنور وجدى، أو كمال الشناوى، لكن يتعايش مع إسماعيل ياسين.. الأهم، أن خلف هذا الوجه الكاريكاتورى تكمن روح عذبة، طيبة، لا تعرف شيئا عن شرور الدنيا، ويبدو صاحبها «مدهوشا» من عالم الكبار الذى يجد نفسه فيه.. إنه ضعيف البنية، لا يعرف كيف يدافع عن نفسه، يخاف من الظلام، يتجنب الدخول فى معارك بدنية، يولى الإدبار عندما تحتدم المعارك، يغمض عينيه حين يرى موقفا عنيفا. وإلى جانب قيم الصداقة التى يجسدها، على نحو عفوى، تأتى ردود الأفعال عنده مطابقة لردود أفعال الأطفال. أحيانا، عندما يداهمه الفزع، تسيب مفاصله ولا يكاد يقوى على الجرى، ينكمش على نفسه تارة، ويستنجد قائلا «يا ماما» تارة أخرى.. إنه نجم الأطفال بامتياز.

شارك إسماعيل ياسين فى أكثر من ثلاثمائة فيلم، قدم خلالها مئات المونولوجات والاسكتشات الجميلة، التى لا تزال قادرة، ببهائها، على إثارة البهجة.. إسماعيل ياسين، متعدد المواهب، فهو صاحب صوت يجمع بين العذوبة والقدرة على التعبير عن المشاعر المتباينة، ولولا وجهه الكاريكاتورى، لكان من مطربينا الكبار.. وهو أيضا من أنبغ ممثلى «البانتوميم» أو الأداء الصامت فى تاريخنا التمثيلى. فى فيلم «دهب» لأنور وجدى 1953، يندمج فى أكل «المكرونة» الوهمية، وشرب الشوربة التى لا وجود لها، وبلع حبة دواء خيالية، فيثبت جدارته كممثل صامت.

معظم نجوم الكوميديا عندنا، تقمصوا أدوار النساء، لكن إسماعيل ياسين كان الأفضل، كما وكيفا. معظم هذه الأدوار تأتى كنوع من التخفى، باستثناء «الآنسة حنفى» لفطين عبدالوهاب 1954، حيث يتحول إسماعيل ياسين، إثر عملية جراحية، إلى امرأة.. وهنا تتجلى براعة نجمنا وهو يعبر، بانطلاقاته، عن حق المرأة فى أن تعامل ككائن له حرية الاختيار. إنه فيلم مهم، تم التعامل معه باستخفاف حتى كاد يدخل دوائر النسيان، وحين عرضه التلفاز، فى برنامج «ذاكرة السينما» سلطت عليه أضواء جعلته من فاكهة القنوات.
إسماعيل ياسين، الذى ملأ حياتنا فرحا ومرحا، ومنح أطفالنا بهجة متجددة، يستحق أن نشعل له شمعة.
كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات