في البحث عن المشترك (٢) - أيمن الصياد - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 3:53 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

في البحث عن المشترك (٢)

نشر فى : الأحد 15 سبتمبر 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 15 سبتمبر 2013 - 3:39 م

«لا مشترك بيننا وبينكم»، هكذا كان رد «أحدهم» القاطع والمختصر على ما كتبته هنا قبل أسبوعين تحت عنوان «في البحث عن المشترك»، والذي أشرت فيه الى ما تعلمته من طارق البشري صاحب تعبير «التيار الأساسي» عن المساحة المشتركة الرحبة بين أبناء وطن انصهر فى بوتقة حضارة تمتد بتاريخه «المركب» آلاف السنين. وذهبت يومها الى أنه إذا كان «المشترك» تعريفا هو ما يتفق عليه الجميع (بعد أن نطرح ما اختلفوا عليه جانبا) فدعونا نجرب أن نضع جانبا الاختلافات غير القابلة واقعيا للاتفاق حولها. ونمضى للأمام بما يمكن أن يكون «إن أردنا الحفاظ على هذا الوطن» محلا لاتفاقنا جميعًا. أو بالأحرى ما لا يمكن أن يختلف عليه اثنان. وأستأذن القارئ الكريم في أن أدع هذه المساحة للتذكير ببنود مبادرة، ربما نُسيت. وكنت قد أشرت اليها ولم تسمح المساحة يومها بتفاصيلها، راجيا المولى عز وجل أن يكون هناك من مازال بإمكانه أن يعيد قراءتها «بصدر يتسع وعقل يتفهم»

●●●

1- التزام جميع الأطراف الراغبة في الانضمام إلى المبادرة بنبذ العنف والتحريض عليه دون تحفظ أو شروط.

2- وقف التعرض فورًا لدور العبادة واحترام حق جميع المواطنين في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية وأمان.

3- استكمال خارطة الطريق وفقًا لما جاء في الإعلان الدستوري بما يضمن مشاركة «كل القوى السياسية» وبحيث يتم الاستفتاء على دستور جديد وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية حرة ونزيهة في المواعيد المقررة ومع توافر جميع الضوابط القانونية والفعلية لذلك.

4- الالتزام برفض العزل أو «الإقصاء» لأي تيار سياسي أو فكري من الساحة السياسية ومن المشاركة في التنافس الديمقراطي طالما كان ملتزمًا بالقانون وبخارطة الطريق وبنبذ العنف أو التحريض عليه وبالسلمية في المنافسة السياسية وبرفض جميع أشكال التمييز بين المواطنين.

5- التزام أجهزة الدولة بالحقوق القانونية لكل المواطنين بما في ذلك حق المتهم في محاكمة عادلة أمام قاضيه الطبيعي واحتجاز المتهمين في أماكن آمنة ومناسبة ومعلومة لذويهم، وعدم ملاحقة أي شخص في عمله الوظيفي أو حياته الشخصية تبعًا لانتمائه الفكري أو السياسي طالما لم يكن مرتكبًا لجريمة يعاقب عليها القانون.

6- ضمان حق التظاهر السلمي لكل المواطنين مع قبول حق قوات الأمن في التصدي لمن يخالف سلمية الاعتصامات أو يقطع الطريق أو يهدد أرواح الناس أو ممتلكاتهم بالقوة أو يحرض على ذلك، مع التزام الدولة بأقصى درجات ضبط النفس الممكنة في تحقيق ذلك.

7- التزام الحكومة، بالتشاور مع القوى السياسية والمجتمع الأهلي، باستكمال الإطار القانوني والإداري والتنفيذي الذي يضمن اكتمال ونزاهة العملية الديمقراطية، بما في ذلك إلغاء حالة الطوارئ في أقرب وقت ممكن، وصدور تشريعات جديدة تسمح بحرية العمل الأهلي، وحرية تداول المعلومات، وحرية التظاهر السلمي، وتنظيم تمويل الانتخابات، وحظر استخدام الشعارات والمؤسسات الدينية في الانتخابات، وضمان استقلال اللجنة العليا للانتخابات وإشرافها على العملية الانتخابية بأكملها، والإشراف الأهلي والدولي على الانتخابات.

8- التزام الحكومة باستكمال بناء المؤسسات التي تساهم في دعم المسار الديمقراطي، بما في ذلك إعادة تشكيل وتفعيل المجلس القومي لحقوق الإنسان، والمجلس القومي للمرأة، والمجلس القومي للعدالة والمساواة، وتمكينها جميعًا من القيام بأدوارها كاملة في الدفع بالديمقراطية والمساواة بين المواطنين والتصدي الفعال للفتنة الطائفية وحماية حقوق ومكتسبات المرأة في المجتمع.

9- التزام الحكومة بوضع الإطار القانوني والمهني الذي يحمي حرية الرأي والتعبير وتفعيل مواثيق الشرف الصحفي والرقابة الذاتية على الإعلام واستقلاله.

10- التزام الحكومة بتبني قضية العدالة الاجتماعية باعتبارها واحدًا من أهم مطالب ثورة ٢٥ يناير وتقديم برنامج وطني لكيفية تحقيقها بشكل مستدام وضمان الحماية الاجتماعية لمن يستحقونها.

11- تأسيس ثقافة وممارسات عدم التمييز بين المواطنين وإصدار التشريعات التي تحمي المواطنة والمساواة بين كل فئات المجتمع المصري.

12- تطبيق برنامج قومى للعدالة الانتقالية من خلال لجان قومية مستقلة وتحت الإشراف التنفيذي لوزارة العدالة الانتقالية يكون غرضها إعادة التوافق والوحدة والوئام للمجتمع المصري عن طريق آليات المكاشفة والمحاسبة والمصالحة وعن طريق متابعة واستكمال أعمال لجان تقصي الحقائق عن مختلف الجرائم المصاحبة للثورة أو التالية عليها، وإصدار قانون العدالة الانتقالية لتطبيق ذلك.

انتهى النص .. ولمن نسي، أو تجاهل، أو لا يعلم، فهذه هي مبادرة زياد بهاء الدين (نائب رئيس الوزراء)، لا غيره.  والتي اعتمدها مجلس الوزراء بكامل هيئته في اجتماعه المنعقد في ٢١ أغسطس ٢٠١٣ وأعلن بنودها رئيس الحكومة بنفسه على الملأ بعد الاجتماع. ولمن نسي فهذه أيضا هي «إحدى» المبادرات التي رفضها الإخوان المسلمون…. والأمر غني عن التعليق.  

●●●

«من كان يسير نحو حتفه بدأب وإصرار لن تستطيع أبدا مساعدته». هذا ملخص ما كان بيني وبين الإخوان المسلمين، منذ أن جمعتني جلسة هادئة في حديقة نادي الرحاب مع واحد من أهم قياداتهم وأكثرهم حكمة واتزانا قبيل الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة، وحتى هذا الهاتف الأخير صبيحة الأول من يوليو مع أخفضهم صوتا وأرقهم معشرا. ثم مع أحد عقلائهم (٤ سبتمبر ٢٠١٣) والذي فشلت كل محاولاته، التي أعرف بعض تفاصيلها في إخراجهم وإخراجنا من هذا النفق المظلم الذي أدخلونا اليه؛ بعد أن نجح بعضهم في أن يُغرق الحقائقَ بدماءٍ بدا الآن جليًا أنه سعى اليها لتُعبِّد طريقه نحو ما يتصوره ممكنًا من «استعادة سلطة أو على الأقل مكانة ضاعت». 

فشلت كل المحاولات بداية من الاتصال الهاتفي الذي أجراه عبد المنعم أبو الفتوح مع أحمد فهمي رئيس الشورى وصهر الرئيس (ظهيرة ٣ يوليو ٢٠١٣)، والذي حكى قصته في حواره مع «الشرق الأوسط: ٤أغسطس ٢٠١٣» ثم الاجتماع الأول لعدلي منصور والذي ضم أبو الفتوح وآخرين وتخلف عنه الإخوان رغم وعدهم لرفيق دربهم السابق بالحضور (٦ يوليو ٢٠١٣)، وليس نهاية بمقال «حذِر» لأحد قيادييهم (حمزة زوبع: الحرية والعدالة ٣٠ أغسطس ٢٠١٣) سرعان ما إعتذر عن ما بدا فيه من بارقة حلٍ ببيان توضيحي (٩سبتمبر ٢٠١٣).

ففضلا عن أنني وغيري كنا شهودا «مباشرين» على ما هو غير معلن من جهود مبكرة للخروج من الأزمة (قبل أن تسقط نقطة دم واحدة) فهناك كثير من الجهود التي ربما نسيناها. منها مبادرة شيخ الأزهر الأولى بنقاطها الست (٨ يوليو ٢٠١٣) والذي أخذ الرفض المعلن والقاطع لها أشكالا متعددة تبدت في التصريحات والبيانات الرسمية للإخوان فضلا عن المحسوبين عليهم. ثم ما كان من اتصالات لرسميين بياسر علي (حكى مصطفى حجازي عن بعضها في «الشروق» ٢٣ يوليو ٢٠١٣

ثم فضلا عن عدم التجاوب المؤثر مع محاولات البرادعي «الذي لطالما هاجموه وسبوه» لتوسيط أطراف دولية بداية من آشتون وحتى وزير الخارجية القطري، فقد كرر الإخوان رفضهم لمبادرة الأزهر الثانية ووساطة شيخه (١٠ أغسطس ٢٠١٣)، مما أجهضها عمليا، علما بأن قائمة المدعوين لطاولة حواره كانت يومها تشمل العوا والبشري وحسان بالإضافة الى الإخوان، إلا أن رفضهم المبكر والقاطع أوقف كل شيء. 

●●●

وبعد..

أخشى أن أقول أن ما كان ممكنًا بالأمس، تزداد صعوبته، بما يجرى على الأرض يوما بعد يوم (وارجعوا الى مبادرة الأزهر الأولى) فقد جرت في النهر مياه ودماء. ولكن الله سيحاسب، والتاريخ سيكتب أن أحدًا لم يدخر جهدًا. فالمحاولات تكررت، بما فيها بنود بهاء الدين الإثنا عشر؛ التي توارت للأسف خلف جدران العناد، وحمق الهتافات والتصريحات، واصطياد الآخرين في الماء العكر.  

سيكتب التاريخ أن كل الجهود للأسف فشلت، رغم أن بعضها كان قبل إراقة الدماء (!). لماذا؟ أرجو ألا يكون السبب أن البعض يعتقد حقًا أن «لا مشترك بيننا وبينكم».

والله وحده ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾. 

أيمن الصياد  كاتب صحفى
التعليقات