2012 - خالد الخميسي - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 7:30 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

2012

نشر فى : الأحد 16 يناير 2011 - 10:28 ص | آخر تحديث : الأحد 16 يناير 2011 - 10:28 ص

 تجمع حول مائدة الغداء يوم الجمعة الماضى عدد كبير من شباب العائلة جميعهم فى المرحلتين الجامعية والثانوية. أولاد وبنات فى عمر الزهور تهتز البناية من وقع أقدامهم ومن شدة فوران الدماء فى عروقهم. وقبل أن يبدأ الجميع فى تناول الطعام قال أحدهم ببساطة: «يقال إن العام القادم 2012 سوف يكون نهاية العالم».

فرد يحيى ابن أختى بحماسة فائقة: يا ليت يكون ذلك حقيقيا. وتتالت التعليقات من شباب العائلة وقد جاءت جميعها دون استثناء مرحبة بالفكرة، متمنية أن ينتهى العالم الذى نعيشه العام القادم. ترحيبهم أفزعنى لأنه بدا تلقائيا وعاديا وحقيقيا. لم يعترض أحد منهم على محو مستقبلهم جميعا. طغت الحالة الضبابية التى نعيشها جميعا على قدرة هؤلاء الشباب على استشراف آفاق لمستقبلهم. وبصوت مبهج حكت واحدة من بنات العائلة أنها شاهدت فى التليفزيون تقريرا علميا أكد فيه العلماء أنهم يتوقعون أن تصل العواصف الشمسية إلى مجال الكرة الأرضية بين عامى 2012 و2013. لماذا؟ لأن الشمس نجم يمر بدورة نشاط كل 11 أو 13 عاما تتعرض خلاله الأرض للعواصف الشمسية.

لكن مستوى النشاط الشمسى الحالى والبقع الشمسية الناتجة عن المجال المغناطيسى حول الشمس تفوق بمراحل ما اعتدنا قياسه. تعالت الأصوات بلماذا جديدة؟ لأن الشمس تتموضع كل 26 ألف عام فى مركز المجرة. ويأتى تاريخ تموضع الشمس فى مركز المجرة فى نهاية عام 2012. ومن المتوقع علميا أن تختلف طبيعة وأثر هذه العواصف الشمسية التى تتكرر كل 11 ــ 13 عاما عندما تكون الشمس فى مركز المجرة. وبالتالى فمن المرجح أن تتعرض الأرض لأكبر عاصفة شمسية تعرضت لها منذ 26 ألف عام. وهناك ترجيحات أن هذه العاصفة الأخيرة أدت إلى انقراض الكثير من الكائنات الحية كما أدت إلى زلازل وأعاصير مدمرة.

لكن هذه المرة وفى 2012 سوف يختلف الأمر كلية لأننا باختصار فى عصر أنظمة الاتصال. فهذه الكارثة المحتملة يمكن أن تعيد عصرنا الإلكترونى إلى العصر الحجرى بسبب اعتماد العالم على الأجهزة الإلكترونية فى الحياة اليومية.

كما يمكن أن تؤدى الموجة الكهرومغناطيسية المتولدة عن ألسنة العواصف الشمسية إلى الإطاحة بأنظمة الاتصالات بكل أنواعها بسبب تكهرب الأجواء الفضائية بالإضافة لانقطاع عام وعالمى فى شبكات الكهرباء. فقد أعلن «دانيال بيكر» عالم الفضاء من جامعة كولورادو إن الضرر الأكبر من العواصف الشمسية سيلحق بمولدات الطاقة وخاصة الطاقة الكهربائية إذ إن العاصفة الشمسية الكبيرة قد تؤدى إلى انقطاع الكهرباء عن العالم لمدة أسابيع أو حتى أشهر.

بدأنا فى تناول الطعام، وبدا للكبار أن رغبة الشباب فى نهاية العالم لم تؤثر كثيرا فى شهيتهم فقد انقضوا كوحوش الميناء على الغذاء. وبنفس الحماسة أعلن أحد الشباب فرحته أن توقعاتهم جميعا أن الدولة والصحافة سوف تعلن رسميا وبالوثائق الدامغة أن قاتل المنيا، أو شرطى سمالوط مختل أو مجنون قد أصابت، وأنه ضرب النار بصورة عشوائية لأنه مجنون أو مريض نفسيا وكان جميع القتلى والمصابين بالصدفة من الأقباط. باعتبار أن 90% من الشعب المصرى من الأقباط. تساءلت ابنة احد الأقرباء هل من المفروض فى هذه الأيام أن نكذب جميعنا كما تفعل الدولة والصحافة ونضع رءوسنا فى الرمال كما النعام ونقول إنه لا مشكلة لدينا ولكنهم الأعداء من خارجنا يهاجموننا وذلك حماية لأنفسنا؟ أم أن علينا مواجهة الحقائق ومواجهة أنفسنا لكى لا تتفشى الأزمة وتتفشى الشائعات كما كتبت أنا فى الأسبوع الماضى؟ وجاء الرد عليها ساخرا: فكرة النعام فكرة عظيمة لأنه لو وضعنا رءوسنا فى الرمال سوف نفقد نتيجة للعواصف الشمسية أجسادنا فقط لا غير وننقذ رءوسنا ونصبح رءوسا هائمة فى الكون. فرد آخر أنه ليست رءوسنا فقط التى سوف يتم إنقاذها من جراء هذه العواصف ولكن سوف تنقذ العواصف الشمسية أيضا الحكومة من مأزق كبير وهو مأزق أنه لا مستقبل ممكن لها.

ورد آخر أن بن على أثبت أنه فى منتهى الحكمة بقوله إنه لن يرشح نفسه فى الانتخابات الرئاسية القادمة فى 2014 لأنه لن تكون هناك انتخابات فالجميع سوف يكون مشغولا باكتشاف النار.

وعندما بدأنا نأكل البسبوسة تبادل الجميع أخبار الشائعات عن هجوم مسلح فى أسوان على صراف قبطى فى صرافة بجانب مديرية أمن أسوان وسرقة أموال محل الصرافة ولم تذكر الصحافة شيئا عن هذا الخبر، وعن أخبار فوران عائلة ومعارف سيد بلال وعن مظاهرات أغلقت منطقة فى القاهرة إلى آخره من حقائق أو شائعات لا أحد يعلم مدى صحتها.

وانتهى الغداء على أمنية من جميع الشباب: يا ليت ينتهى هذا العالم العام المقبل.

خالد الخميسي  كاتب مصري