حادثة وطن - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الثلاثاء 9 ديسمبر 2025 1:39 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

كمشجع زملكاوي.. برأيك في الأنسب للإدارة الفنية للفريق؟

حادثة وطن

نشر فى : الأربعاء 16 يناير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 16 يناير 2013 - 8:00 ص

كتبت صباح الخميس الماضى (١٠ يناير) تحت عنوان «تقرير الدكتور يونس» ما نصه: «فى ذات اللحظة التى نهنئ فيها السيد الأستاذ الدكتور وزير النقل الجديد بتوليه هذا المنصب الرفيع، ندعو له الله ان يخرجه بالسلامة مما ابتلاه به ربه من هذه المسئولية الجسيمة بحق، ندعو له أن يخرج سالما من كل شر ونيابة وتحقيق، مما سيحدث بالتأكيد فى قادم الأيام ولن يكون هو مسئولا عما حدث بالتأكيد، ولكن، وكالعادة سيجد الجميع فيه الضحية الواجب نحرها عندما نجد الكارثة أمامنا وجها لوجه، مثلما تفعل قطاراته أحيانا، ويرغب الجميع فى الفكاك من المسئولية، والتى هى بالضرورة مسئوليتنا جميعا».

 

وأشرت فى ذات المقال إلى أنه لا يوجد أفضل من: «تقرير لجنة حادثة أسيوط الأخيرة، لنفهم ماذا يمكن أن يحدث فى هذا الوطن بعلم الجميع، رئيسا وحكومة وشعبا، لكن تذكر أنك ستكون الضحية وحدك (مع ضحايا الحادث بالطبع).. التقرير الذى أعدته اللجنة برئاسة الدكتور حسن يونس أستاذ هندسة الطرق بجامعة أسيوط والذى سلمه للنيابة، كفاك الله المثول أمامها، انتهى إلى «أن جميع مسئولى السكك الحديدية مشاركون فى سبب وقوع الحادثة بدءا من عامل المزلقان وعامل البلوك الذى وقعت عنده الحادثة، وحتى وزير النقل، مرورا برئيس هيئة السكك الحديدية وجميع المسئولين والمشرفين عن متابعة ورصد حركة سير القطارات» كما كتبت صراحة فى هذا المقال أن: «الجزء الأخطر فى التقرير، والذى يمكن تعميمه على حال الكثير من هيئاتنا ومرافقنا يكشف انه «لا يوجد جهاز أو إشارة أو سيمافور يعمل بطريقة طبيعية أو بكفاءته العادية، أو حتى أقل من العادية، كما أن القضبان فى مكان الحادث لم تتغير منذ أكثر من نصف قرن من الزمان رغم تعرضها للتآكل وتأثرها بعوامل التعرية». هنا تماما نفهم ما يحدث فى بلادنا: لا شىء يعمل كما ينبغى أن يعمل، فالكفاءة العادية وغير العادية ليست موجودة. والمصيبة أن الملايين يركبون هذه القطارات كل يوم، ونحن مشغولون رئاسة وجماعة وأحزابا وإعلاما بعدم جواز تهنئة المسيحيين بأعيادهم ثم نصرخ جميعا أن وزير النقل هو المسئول.. أقيلوه».. هذا ما كتبته نصا قبل أقل من أسبوع.

 

وها هى الحادثة التى توقعتها، يا سيادة الوزير جاءت أسرع مما توقعت، حيث استقبلت البدرشين الكارثة الجديدة (١٩ شهيدا و١٠٧ مصابين حتى كتابة هذا السطور صباح أمس الثلاثاء) ووقعت الكارثة قبل مضى ٢٤ ساعة من قرار النائب العام بإحالة اثنين من العمال للمحاكمة كمسئولين عن حادث قطار أسيوط، وربما جاء الحادث قبل أن تقرأ بنفسك تقرير الدكتور يونس، وأعلم أنك لست مسئولا لا أنت ولا أى من زملائك فى الوزارة، لكن أعلم جيدا ان هذه الحادثة مسئوليتنا جميعا، وفى المقدمة منا الدكتور مرسى (رأس الدولة) وحكومته برئاسة الدكتور قنديل وبمشاركة الحرية والعدالة، فحادثة البدرشين، لا تعكس عطبا فى قضبان أو حتى فى مرفق من مرافق الدولة، بل عطب شديد فى إدارة الدولة كلها، وفى منهجها وفى كيفية مواجهة مشاكلها، إلى جانب الاستهتار المتعمد بحياة المواطنين الذين تاجر الجميع بحقوقهم (بحثا عن أصواتهم من أجل الصناديق) ثم تركوهم يموتون، بلا ذنب، على قضبان باردة دون أن يهرعوا لإنقاذهم، أو يجزعوا مما جرى لهم (ثم يستعدون للسير خلفهم وهم فى صناديق الرحلة الأخيرة)، وربما يذرفون عليهم الدموع بما يليق بالمشهد المأساوى الذى فاجأهم أن حادثة البدرشين هذه المرة، ليست حادثة قطار، بل حادثة وطن.. والأوطان لا تستقبل العزاء، إلا بعد الأخذ بثأرها.. فانتبهوا.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات