الإنسان ذلك المعلوم .. مخلوق كسائر المخلوقات - جمال قطب - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 5:59 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإنسان ذلك المعلوم .. مخلوق كسائر المخلوقات

نشر فى : الجمعة 17 يناير 2014 - 12:55 م | آخر تحديث : الجمعة 17 يناير 2014 - 2:06 م

يحتاج الإنسان دائما إلى إطلالة على آته ونفسه، يتأملها ويدقق فى قدراتها ويتعرف على وظائفه فى الحياة، فلو عرف الإنسان نفسه لعرف ما له وما عليه، ولو عرف نفسه لصانها عن الغرور والكبر والفساد والظلم والعدوان، ولو عرف نفسه لأحسن إليها وحافظ عليها وجنبها الشرور، ولو عرف نفسه لعرف قدره وقدر غيره.

فتعال معى نتعرف على أنفسنا:

«1»

الإنسان مخلوق كسائر المخلوقات يخضع لقانون الخلق. فالله سبحانه وتعالى خلق السماوات والأرض وما بينهما، وخلق الليل والنهار، والشمس والقمر والموت والحياة، والأنعام خلقها لكم، وكذلك خلق الجن والإنس، وكل هذه الأجناس قد سبقت خلق آدم فى وجودها. وعلى سبيل التقريب فإن قانون الخلق يشتمل على عشرة أصول هي:

1ــ جميع الأشياء قد خلقها الله وحده: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ)، (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا)

2 ــ جميع الأشياء مخلوقة بيد الله: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا)، (لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ)

3 ــ جميع الأشياء مملوكة لله: (بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ)

4 ــ جميع الأشياء مصدرها التراب والأرض: (السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا)، (خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ)، (وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتً)

5 ــ جميع الأشياء تخضع لقاعدة وسنة التزاوج: (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ)، (وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ۖ)

6 ــ جميع المخلوقات قانتة لله: (وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ)

7 ــ كل المخلوقات قد أتقن الله صنعها وأحسنها: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ)، (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ)

8 ــ كل الأشياء مخلوق بقدر وله قدر معلوم: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)، (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً)

9 ــ جميع المخلوقات قد أحصاه الله ودونها فى سجلات: (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ)، (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا)، (وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا)

10ــ جميع الأشياء هالكة إلا وجه الله: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ)، (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فانٍ)

«2»

كذلك فالإنسان ومعه كل المخلوقات مشمولة بالألوهية المطلقة، وأبرز صفات الألوهية القدرة والعزة والأمر والنهى والإحاطة والعلم. وقد أوضح القرآن تنوع وتعدد تجليات الألوهية على المخلوقات فقال:

• (وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)

• (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا)

• (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا)

• (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا)

• (وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَكِيلٌ)

• (إِنّ رَبّي عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ حَفِيظٌ)

• (إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ)

• (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً)

• (اللهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ)

• (وَكَانَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطاً)

«3»

كذلك فالإنسان ومعه كل المخلوقات مشمولة بربوبية رحيمة، والربوبية هى عطاء المربى لمن يربيه. وقد أشار القرآن إلى أبرز تجليات الربوبية فقال:

• الرحمة: (سَلَامٌ قَوْلاً مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ)، (وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ)، (فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ)، (وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)، (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ)، (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ)، (رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ).

• الرزق: (وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى)، (فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).

• الفضل: (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ)، (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ).

• العطاء: (مَا شَاءَ رَبُّكَ ۖ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ).

«4»

هكذا أيها الإنسان تعلم أنك واحد من مخلوقات كثيرة ولست أنت أكبرها ولا أضخمها، بل فى المخلوقات من هو أكبر وأضخم منك كالسماوات أو الأرض، بل وفى الحيوانات ما هو أكبر منك كالفيلة وأمثالها، وبين الحيوانات أيضا من هو أقوى منك كالأسد والثور، بل إن فى الطيور ما يخيفك كالنسر والصقر. وبين الحشرات والهوام ما يزعجك ويقلقك ويمرضك!!

وكل ذلك جدير أن يدفعك لتسأل نفسك: ما هو الفرق بينك وبين سائر المخلوقات؟ وكيف تحتفظ بمكانك ومكانتك بينها؟ فلابد من التدبر فى الآيات السابق ذكرها فى هذا المقال.

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات