الرابح والخاسر فى لقاء ترامب وبوتين - علاء الحديدي - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 1:48 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الرابح والخاسر فى لقاء ترامب وبوتين

نشر فى : الإثنين 17 يوليه 2017 - 8:40 م | آخر تحديث : الإثنين 17 يوليه 2017 - 8:40 م
انتظر العالم اللقاء الأول بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ونظيره الروسى فلاديمير بوتين على هامش قمة العشرين التى عقدت بمدينة هامبورج الألمانية الأسبوع الماضى، وما ستسفر عنه من نتائج وتداعيات. ثم حفلت وسائل الإعلام الغربية بالعديد من التعليقات والتحليلات حول من كان الرابح ومن كان الخاسر من هذا اللقاء، خاصة أن الرئيس الأمريكى قد دأب منذ أن بدأ حملته الانتخابية إلى لحظة دخوله البيت الابيض على انتقاد سياسات سلفه باراك أوباما مع روسيا، قائلا إنه الأقدر على التعامل مع الرئيس الروسى. فهل نجح ترامب فعلا فى التعامل مع بوتين واحتوائه؟ 
لا شك أن موسكو قد استقبلت فوز ترامب بالارتياح والترحيب الشديدين، خاصة فى ظل المواقف شديدة العداء التى كانت تكنها المرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون لبوتين. فضلا عن تعهد المرشح ترامب بفتح صفحة جديدة فى العلاقات مع موسكو، حتى تصور البعض أن من أول القرارات التى سيتخذها الرئيس ترامب ستكون رفع العقوبات الأمريكية عن روسيا. وهو ما يذكرنا أيضا ببدايات عهد أوباما حين أوفد وزيرة خارجيته آنذاك هيلارى كلينتون إلى موسكو فى مارس ٢٠٠٩ وشهد العالم الصورة الشهيرة لها مع وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف وهما يضغطان سويا على زر أحمر كبير إيذانا ببدء صفحة جديدة فى العلاقات بينهما. ورغم ذلك ودون الدخول فى كثير من تفاصيل هذه الحقبة فإن التوتر عاد للعلاقات الأمريكية الروسية وخاصة بعد الأحداث التى شهدتها أوكرانيا فى عام ٢٠١٤ والتى أفضت إلى سقوط حكم الرئيس فيكتور يانكوفيتش الموالى لموسكو. وهو ما اعتبرته موسكو تدخلا أمريكيا فى نطاقها الجغرافى وتهديدا مباشرا لأمنها القومى. لذلك كان التدخل الروسى فى أوكرانيا وضم شبه جزيرة القرم كما هو معروف. وقد راهن أوباما على العقوبات الاقتصادية وتأثيرها على الأحوال المعيشية للمواطن الروسى للضغط على بوتين لإثنائه عن سياساته فى أوكرانيا والتراجع عن ضم شبه جزيرة القرم. وبدلا من أن تنخفض شعبية بوتين جراء العقوبات الغربية، ارتفعت شعبيته لأنه استعاد للروس مكانتهم وكبرياءهم المفقودة.
الملف الثانى الذى أدى إلى مزيد من التدهور فى العلاقات الأمريكية الروسية كان التدخل العسكرى الروسى فى سوريا. وقد راهن أوباما أيضا على ارتفاع التكلفة الاقتصادية المرتفعة لهذا التدخل فى ظل تراجع الاقتصاد الروسى وتحول سوريا إلى أفغانستان أخرى للقوات الروسية. إلا أن المتابع للشأن الروسى يدرك مدى أهمية ملف مكافحة الإرهاب لدى صانع القرار فى موسكو باعتباره ملفا أمنيا داخليا وكيف أن شعبية الرئيس بوتين قامت على دحر الإرهاب بعد حرب الشيشان الثانية وتوفير الأمن والأمان للمواطن الروسى. ومن هنا كان التدخل العسكرى الروسى فى سوريا التى لم تتحول إلى افغانستان اخرى، بل إن بوتين عرف كيف يلعب بأوراقه بحرفية بالغة ومهارة شديدة حين أعلن عن انسحاب جزئى لقواته من سوريا.
جاء ترامب مقدما نفسه باعتباره رجل أعمال ناجح يجيد فن التفاوض، يستطيع إبرام صفقة مع بوتين تنهى أسباب التوتر بين البلدين وتوحد جهودهما المشتركة لمكافحة الإرهاب، خاصة فى ظل ما يمثله ذلك الملف من أولوية للرئيس الأمريكى الجديد على ما عداه من ملفات، بما فى ذلك أوكرانيا التى لم يعرها ترامب اهتماما كبيرا. وكان ترامب على استعداد لرفع العقوبات عن روسيا والاعتراف بدورها فى سوريا لتحقيق هذا الهدف، لولا أنه واجه عقبتين رئيسيتين، الأولى كانت العداء التقليدى الذى يكنه اقطاب الحزب الجمهورى والمؤسسات الامريكية الأخرى لروسيا باعتبارها الخصم الاستراتيجى لأمريكا، فضلا عن النظرة شديدة السلبية من قبل العديد من دوائر صنع القرر فى واشنطن لبوتين على خلفية سجله فى مجالى حقوق الانسان والديمقراطية. العقبة الثانية كانت الشكوك التى تحوم حول علاقة ترامب وأعضاء حملته الانتخابية بروسيا، وإقالة ترامب لمدير مكتب التحقيقات الفيدرالى FBI على خلفية التحقيقات الخاصة بهذا الموضوع، ثم تعيين محقق خاص للنظر فى صحة هذه الاتهامات، مما أدى إلى تزعزع مركز ترامب نفسه وانصراف جهوده للدفاع عن إدارته ودحض الاتهامات الموجهة ضده. 
إذن ذهب ترامب لمقابلة بوتين وهو ليس فى أفضل حالاته، بل يمكن القول إن ترامب الذى يفتخر أنه يجيد إبرام الصفقات لم يكن لديه ما يقدمه لبوتين، وخاصة فى مجال رفع العقوبات عن روسيا. وكان الاتفاق الوحيد الذى تم إبرامه يتعلق بالتعاون بين البلدين فى مجال الأمن الإلكترونى واضطر للتراجع عنه بعد عودته من واشنطن فى ضوء الانتقادات الشديدة التى واجهها بسبب هذا الاتفاق. ولم يجد ترامب من إنجاز يقدمه للرأى العام الأمريكى بعد لقائه هذا سوى القول أن بوتين أكد له أن روسيا لم تتدخل فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهو الأمر الذى يتناقض مع تأكيد وكالات الاستخبارات الأمريكية ذاتها أن روسيا تدخلت بالفعل فى هذه الانتخابات.
وفى المقابل، التقى بوتين ترامب من موقع قوة، بعد أن ثبت موقعه فى شرق أوكرانيا واحتفظ بشبه جزيرة القرم وحقق تقدم لا ينكر فى سوريا. حقيقة أن بوتين كان يأمل فى رفع العقوبات، ولكنه عوض ذلك بنجاحه فى أن يجلس على قدم المساواة مع ترامب ــ بعد أن كان سلفه الرئيس أوباما قد وصف روسيا بأنها مجرد قوة إقليمية ــ ويستمع للأخير وهو يطلب منه مساعدته فى ملف كوريا الشمالية. كما أن بوتين حصل على اعتراف واشنطن بدورها فى سوريا بعد أن حصل على تأييدها لاتفاق وقف إطلاق النار فى جنوب سوريا. الخلاصة أن بوتين قد ربح أكثر من ترامب فى لقائهما الأول، ولكن مما لا شك فيه أن هناك لقاءات أخرى قادمة، ولكن سيظل ترامب غير قادر على تحقيق إنجاز فى ملف العلاقات الروسية الأمريكية طالما استمرت سحابة الاتهامات الموجهة ضده بالتواطؤ مع موسكو تلقى بظلالها على البيت الأبيض، وهو الامر الذى ينتظر أن يطول فى ضوء التسريبات الجديدة الخاصة باتصالات أكبر أبناء ترامب مع شخصيات روسية.

 

التعليقات