سيجارة بـ 2250 جنيهًا - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 7:52 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سيجارة بـ 2250 جنيهًا

نشر فى : الجمعة 17 أكتوبر 2014 - 8:05 ص | آخر تحديث : الجمعة 17 أكتوبر 2014 - 8:05 ص

قبل حوالى ثلاثة أسابيع وقف رئيس تحرير صحيفة كبيرة يتشاجر بأعلى صوته مع موظفى فندق شهير فى نيويورك. السبب أن الصحفى أشعل سيجارة فى غرفته، والفندق بدوره قرر تطبيق اللائحة التى تقول إن هذا الفعل غير المسئول يعنى دفع غرامة فورية قيمتها مائتان وخمسون دولارا إضافة إلى حوالى سبعين دولارا رسوما وضرائب يتم تحميلها على فاتورة الغرفة، أى ما يساوى أكثر من 2250 جنيها مصريا، بالسعر الرسمى.

الصحفى استند إلى أن الفندق لم يبلغه مسبقا بأن التدخين ممنوع، والفندق استند إلى أن منع التدخين بالداخل معروف للجميع، وأن لافتة «ممنوع التدخين» موجودة فى كل ركن بالفندق، وليس ذنب الفندق أن الصحفى لم ير الإشارة.

وبعد المشادة الطويلة والأخذ والرد أخبر الفندق الصحفى المصرى بأنه سيبحث الأمر مرة أخرى وقد يعيد مبلغ الغرامة أو جزءا منه له بعد مغادرته وعودته إلى بلده.

ومن أمريكا إلى الخليج وقبل حوالى عام ونصف العام كنا فى أحد فنادق الخليج وفى الرابعة فجرا ضرب جرس إنذار الحريق وتم إبلاغ كل النزلاء بأنه ينبغى إخلاء كل الغرف فورا.

قام الجميع من نومهم مفزوعين ونزلوا جميعا على السلالم. هذه المأساة سببها أن صحفيا مصريا أشعل سيجارة، واشتغل جرس الإنذار آليا، هذا الصحفى وبالفهلوة المصرية المعتادة لم يتصور أن الأمر جاد وأن جرس الإنذار سوف يفضحه.

التدخين صار ممنوعا تماما على كل الطائرات، ورغم ذلك فإن اثنين من الصحفيين المصريين أحضرا كيسا كبيرا قبل أسابيع وكانا ينفثان الدخان داخله ثم يغلقانه حتى يخدعا جرس الإنذار الموجود فى حمامات الطائرة.

وذات يوم رق قلب أحد الطيارين لحال صحفى مصرى «خرمان» وأدخله الكابينة وجعله يدخن سيجارة على السريع!!.

حال الصحفيين المصريين الذين لا يستطيعون الصبر على التوقف عن التدخين هو عينة عشوائية طبيعية لانتشار وباء التدخين فى مصر، لدرجة تجعلنا ربما رقم واحد عالميا فى الإصابة بهذا لمرض اللعين. والتعبير الأخير ليس مجازيا بعدما قال خبراء صحة عامة كثيرون إن التدخين صار مرضا وليس مجرد عادة سيئة.

المدخنون بالخارج يواجهون مأساة كبرى لتدخين سيجارة واحدة. إذا كنت موظفا فى أى مكان فإنه غير مسموح لك بالتدخين، فقط يمكنك أن تغادر المؤسسة بالكامل وتقف منبوذا فى ركب بالشارع، وهناك عدد مرات محدد حتى لا يقضى الموظف نصف يومه بالشارع بحجة التدخين. وفى بعض المناطق محظور التدخين فى المنزل.

التدخين يتراجع فى كل مكان، ويتزايد للأسف الشديد فى مصر، والأسباب متنوعة وفى مقدمتها تراخى الدولة عن تطبيق القوانين، وضعف الرقابة المجتمعية.

من قبيل التكرار الحديث عن أضرار التدخين، وتأثيره ليس فقط على الصحة العامة للشخص وكونه سببا رئيسيا لسرطان الرئة، بل لأنه يكلف موازنة الدولة الكثير فى صورة إنفاق على أمراض متعددة فى الكبر، وضعف إنتاجية الموظف. الحكومة ليست وحدها المذنبة، معظم الهيئات والمؤسسات الخاصة لا تطبق منع التدخين بفاعلية فى الأماكن المغلقة والمسئولون هم أسوأ قدوة فى هذا الأمر، والتدخين فى المواصلات العامة يمارسه الجميع وكأنهم يشربون الماء.

هيبة الدولة ليست فقط بقوتها الأمنية، بل بتطبيق القانون على الجميع وحفاظها على صحة مواطنيها، بل إجبار المواطنين على التقليل من إيذاء أنفسهم.

ما تحتاجه إليه مصر كى تتقدم إلى الأمام كثير، ومن بينه محاربة التدخين بجد وليس بحملات إعلامية مكررة وبلا فاعلية، والمجتمع المدنى يتحمل قسطا كبيرا من المسئولية فى هذه المهمة.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي