تجفيف المنابع - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأربعاء 1 مايو 2024 5:01 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تجفيف المنابع

نشر فى : السبت 18 فبراير 2012 - 10:45 ص | آخر تحديث : السبت 18 فبراير 2012 - 10:45 ص

حادث طرد أسرة مسلسل «ذات» من إحدى الكليات، وإلغاء الموافقة على التصوير، أعاد إلى الذاكرة ما جرى، داخل جامعاتنا، مع نهاية الثمانينيات، من القرن المنصرم، حيث الأفول السريع للنشاط المسرحى الذى كان مزدهرا، على نحو بديع، فى سنوات سابقة، شهدت دأبا جادا، من جميع جامعات الجمهورية، للدخول فى مسابقة العروض المسرحية التى تنظمها «وزارة الشباب». لم تتخل أى جامعة عن التسابق، بما فى ذلك جامعة الأزهر التى قدمت، باقتدار، أكثر من مرة، «مأساة الحلاج» لصلاح عبدالصبور.

 

 

تنظيم المسابقة اتسم بشكل هرمى راسخ، يبدأ بقاعدة عريضة: يندلع التنافس بين كليات الجامعة الواحدة. تفوز واحدة منها أو يتم اختيار أفضل العناصر لتكوين منتخب يمثل الجامعة. وتقسم الجامعات إلى مجموعتين: جامعات الشمال، وجامعات الجنوب.. ويجرى التسابق بين كل مجموعة على حدة، بهدف تصعيد فريق ينافس الفريق الفائز من المجموعة الأخرى، فيما يسمى بـ«اللقاء القممى».. اعتمدت الفرق على نصوص عالمية ومصرية، وأسندت الإخراج إلى أسماء ذات شأن، مثل هانى مطاوع، عبدالغفار عودة، حسين جمعة الذى كان يتفوق عليه ابنه هشام جمعة.. ولعدة أعوام، دارت المنافسة، فى بُعد من أبعادها، بين فهمى الخولى، مدعما بـ«تاجر البندقية» لوليم شكسبير و«باب الفتوح» لمحمود دياب.. وحسين عبدالقادر مدججا بـ«كوميونة باريس» لبرتولد بريخت و«شرف الله» لجان آنوى.. وسط هذا التنافس الشريف، المتحضر، أصبحت مسابقة شباب الجامعات من المنابع الفنية الثرية، أمدت خشبة المسرح، والشاشتين، الكبيرة والصغيرة، بطابور من نجوم جدد، مثل سامى مغاورى، وعبلة كامل، وفاروق الفيشاوى.. فضلا عن نشر ثقافة مسرحية رفيعة، خلال مناقشات وندوات أعضاء لجان التحكيم التى تضم، عادة، قامات عالية: عبدالرحيم الزرقانى، فؤاد دوارة، سامى خشبة، حسن عطية، الشريف خاطر.. و...

 


لكن، حدث فى الواقع ما عرقل المسيرة: بدأت جماعات منغلقة على أفكارها، ذات طابع متطرف، فى تحويل ظنهم أن «التشخيص» حرام إلى سلوك وتصرفات، فتوالت التحرشات بالفرق المسرحية، تعمدت الاستيلاء على خشبات مسارح الكليات، بزعم الصلاة وإقامة الندوات. وبعد عرقلة البروفات جاء التهديد بإفشال عرض الكلية، والجامعة. وفى أجواء قاتمة، اضطرت بعض الفرق إلى تقديم عروضها سرا، من دون جمهور، داخل قاعات غير مجهزة.. وشيئا فشيئا، تعثرت المسابقة، وتوقفت أو كادت، مما يعنى نضوب أحد ينابيع الفن.

 


دار الزمان دورة، وأخرى، وجاءت الأخبار المقبضة بطرد فريق تمثيل مسلسل «ذات» ومن أين؟ من كلية هندسة عين شمس التى كانت ـ فى السبعينيات ـ من قلاع المطالبة بالحرية.. لماذا؟ لأن بطلة المسلسل، وزميلاتها، يرتدين جونلات قصيرة، على طريقة الطالبات فى تلك الأيام، مما أدى إلى انزعاج بعض الطلبة وذعر وكيل الكلية الذى أدلى بتصريحات مرتعشة، ووعد برد إيجار التصوير للشركة المنتجة.. لكن القضية، أكبر من هذا بكثير.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات