كابتن مصر - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 3:28 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كابتن مصر

نشر فى : السبت 18 أبريل 2015 - 8:35 ص | آخر تحديث : السبت 18 أبريل 2015 - 8:35 ص
  • الفيلم بسيط، حكايته تروى فى سطرين، تخلو من المفاجآت، واسلوبه مألوف، يبتعد عن استعراض المهارات، متواضع التكاليف، لا يستعين بكبار النجوم، ولا تصحبه ضجة إعلامية أو إعلانية.. ومع هذا، لم يحقق رواجا تجاريا وحسب، بل تجاوب الجمهور معه تماما، وبدا ذلك واضحا على الملامح المنشرحة، لرواد دار العرض.

 

تفسير النجاح، فى تقديرى، يرجع إلى أمرين، أحدهما، تحاشى الانزلاق فى استعراض رقصات الشوارع، بضجيج المطربين، وصخب الإيقاعات العالية، فضلا عن عدم الانغماس فى معارك البلطجية، فى الأزقة، حيث يستخدمون المطاوى والسنج والخراطيش أحيانا، علما بأن الفرصة كانت متاحة أمام صناع الفيلم، بأبطاله، ومعظمهم من المساجين، أرباب السوابق.

أما السبب الثانى، والأهم فى ظنى، فإنه يتمثل فى طاقته الإيحائية، والتى وصلت معانيها، بدرجات متفاوتة، إلى الجمهور الذى أدرك، على نحو ما، أن «كابتن مصر»، أكبر وأعمق من مجرد حدوتة شائقة، قدمتها أفلام أخرى، تتابع، محاولات فريق كرة قدم، لتحقيق الفوز، وإثبات الجدارة.

كاتب السيناريو، عمر طاهر، من المهتمين بالشأن السياسى، مقالاته، فى الصحف، تتسم بالوعى وصفاء الروح الوطنية، وهما، يتوفران فى «كابتن مصر»: محمد عادل إمام، لاعب كرة ينتظره مستقبل كبير، لكن، أثناء قيادته لسيارته، يصدم أمين شرطة.

يحكم عليه بالسجن ثلاثة أعوام.. فى الأروقة، والفناء، وداخل الزنازين، يختار المخرج، معتز التونى، مجموعة ملائمة تماما للنزلاء، متباينة الوجوه، مختلفة الأحجام، مما يعطى تفردا لكل سجين، وفى ذات الوقت، يعبر كل منهم عن قطاع من الناس، فثمة الثرى، صاحب الشركة الكبيرة «إدوارد»، المحكوم عليه فى قضية تشهير بامرأة أحبها وخانته.. وطبيب النساء المزواج «بيومى فؤاد»، المعاقب على تعدد زوجاته.. والصعيدى، ضخم الجثة، الذى فشل فى قتل أحد بلدياته أخذا بالثأر.. والشرس، قوى البنية، الغاضب «خالد سرحان».. والمثقف النحيل، المهاتر، صاحب الصوت المنخفض «على ربيع».. انه مجتمع يتشابه، إلى حد ما، دون أن يتطابق مع المجتمع، خارج السجن.

السلطة، فى السجن، تتمثل فى المأمور «حسن حسنى» ــ، وبلمساته الكوميدية، المذعور من نوبة هياج الشرس، إلى درجة ابتلال بنطاله، وملامح الانتشار الطفولى حين يحدثه محمد عادل عن احتمال ترقيته.. المأمور، الصارم فى مكتبه، بالغ الأدب والتهذيب، أمام وزير الداخلية المنهك عصبيا «ياسر على ماهر».. ميزة مخرجنا، معتز التونى، اهتمامه بالتغيرات النفسية إلى جانب الحركة المادية، مما يمنح الفيلم مزيدا من الحيوية.

لاعب الكرة، يعمل بكل جدية، لتكوين فريق من زملائه، ولا يفوت الكاتب، عمر طاهر، أن يشير إلى سبب موافقة المأمور والوزير على هذا النشاط: الرد على جمعيات حقوق الإنسان التى لا تتوقف عن إدانة الممارسات القمعية للنظام.

«الفلاش باكات» أو العودة للماضى، الموجزة، تلخص تاريخ وطباع معظم الشخصيات، ومن بينها سائق الأتوبيس السياحى، الملتحى، الطيب، الذى يأتيه، عبر الهاتف النقال، خبر ينتظره بفارغ الصبر، يتعلق بحمل زوجته، وما أن يصيح بفرح «الله أكبر»، حتى يصاب السياح بالرعب. يقبض عليه، فالواضح أن ذلك النداء الجميل، أصبح، بسبب ترديده عقب عمليات الذبح والتفجير، مثيرا، على الأقل، للريبة والتوجس. إنه موقف منسوج بمهارة، ينتمى إلى الكوميديا السوداء.

تعاطف الجمهور مع الفريق يصل لذروته فى المباراة أمام الفريق الألمانى، كما لو أن المصريين يتشوقون لأى انتصار، حتى لو جاء على الشاشة.. والأهم، تأكيد فكرة بطولية الجماعة، فالانتصار لن يتحقق إلا بانصهار الجميع فى فريق واحد، لا يُبعد أحد، ولا يُقصى الملتحى الطيب.. وهذه الفكرة، ذات الطابع الإيحائى، السياسى، تفسر ذلك القبول الواسع، العفوى، لكابتن مصر.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات