ماذا فعلنا لمنع جريمة الغردقة؟! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 9:20 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ماذا فعلنا لمنع جريمة الغردقة؟!

نشر فى : الثلاثاء 18 يوليه 2017 - 8:50 م | آخر تحديث : الثلاثاء 18 يوليه 2017 - 8:50 م

بعد أن سقطت طائرة الركاب الروسية فوق وسط سيناء فى 31 أكتوبر ٢٠١٥ ولقى كل ركابها وعددهم 224 روسيا مصرعهم، تأكدنا أن هناك استهدافا من قوى ظلامية لضرب السياحة، وفى تقديرات غير رسمية فإن قوى إقليمية ودولية ربما كان لها دور فى هذه الجريمة لتوجيه ضربة قاصمة للسياحة، لإجبار الحكومة المصرية على تبنى خيارات سياسية مختلفة، ومنها إعادة جماعة الإخوان للمشهد السياسى مرة أخرى.
هذا الحادث ضرب السياحة المصرية بصورة شاملة خصوصا مدينة شرم الشيخ، التى تحولت لمدينة أشباح، وما تزال تدفع هذا الثمن حتى الآن.
إذا نحن ندرك أن قوى كثيرة تتربص بالسياحة.. وبالتالى فالسؤال البديهى هو: هل اتخذنا كل الإجراءات الصحيحة لمواجهة ذلك؟!.
للموضوعية هناك مؤسسات كثيرة لعبت دورا مهما فى هذا الشأن، ومنها وزارة السياحة ووزيرها يحيى راشد وكبار مساعديه. وهناك سفارات مصرية لعبت دورا مؤثرا فى إقناع هذه الدول باستئناف إرسال سائحيها لمصر، خصوصا سفيرنا المتميز فى برلين الدكتور بدر عبدالعاطى الذى بذل جهودا جبارة فى هذا الصدد. وقبل أسابيع قابلت العديد من المسئولين فى قطاع السياحة وقالوا لى إننا تقريبا بدأنا نعود لمعدلات ما قبل ٢٠١١، وأن الامور مبشرة باستثناء مدينة شرم الشيخ التى تتعرض لاستهداف بريطانى روسى، لاسباب لا تتعلق بمعايير سياحية أو حتى أمنية، لكنه بتوجهات سياسية وصفقات اقتصادية.
هذا هو الجانب الإيجابى، لكن ما حدث فى الغردقة يوم الجمعة الماضى يكشف عن جوانب سلبية كان يفترض أن يتم معالجها بحيث لا يقع مثل هذا الحادث.
هناك تقديرات بأن الحادث إرهابى، وتقديرات أخرى أنه جنائى، خصوصا ان الضحيتين من ألمانيا ليستا سائحتين بل يعملان فى مركز للغطس ويقيمان فى الغردقة منذ عامين.
وبغض النظر عن الدافع، فإن الحادث يكشف ــ طبقا لشهود العيان ــ عن قصور شديد فى الأماكن التى تحرك فيها المتهم.
والسؤال البديهى كيف يمكن للمتهم أن يتسلل من منشأة مهجورة أو تحت الإنشاء ثم يدخل فندق ويقتل ضحيتين، ثم يعبر على قدميه أو سائحا لفندق آخر، ويطعن أربع سائحات أخريات ثم يتصل هاتفيا بأحد شركائه، ويستقل مركبا قبل أن يتم توقيفه؟!.
أين هم الحراس فى الفندقين، وكيف يتجول قاتل بهذه السهولة؟!.
يفترض أن هذه الفنادق تكسب جيدا أو حتى «نص نص»، وتدرك أن الإرهابيين يتربصون بصناعة السياحة شديدة الحساسية، وأن «إصابة ظفر سائح واحد، قد تضرب الموسم أو السيزون بأكمله».
نسأل مرة أخرى: لماذا لا يتم توظيف المزيد من حراس الأمن المدربين على مدى الساعة للتأكد من أن كل الأمور على ما يرام؟!
ألا يستحق الأمر دفع أى مبالغ فى هذا المجال حتى يتم تأمين السائحين؟.
صحيح انه لا يمكن لدولة ان تمنع كل الحوداث الارهابية، وسنفترض أن هناك خلايا نائمة أو ذئاب منفردة، كامنة فى بعض المناطق السياحية، تريد ضرب السياحة، لكن ما كان ينبغى أن يتجول القاتل بمثل هذه الحرية داخل الفندقين!.
المأساة أننا نخسر الكثير من أجل اشياء يمكن أن تتم بملاليم أو أموال قليلة جدا. قبل أيام حكى لى أحد الأصدقاء ويعمل مرشدا سياحيا أن طريق «الهرم ــ سقارة» وطوله 19 كيلو «مكسر ومشلفط» ويمر عليه سائحون كثيرون كل يوم. إصلاح هذا الطريق لا يتكلف كثيرا، لكنه يعطى السائحين انطباعات كارثية عن مدى جديتنا فى خدمتهم.
ما ينقصنا بأمانة هو الجدية، أى أن يؤدى كل واحد منا عمله بجدية وكفاءة وحد أدنى من الأمانة والضمير.
لو أن كل فندق به سائحون اتخذ الإجراءات الكفيلة بحماية السائحين والتدقيق فى كل شخص يدخل ويخرج، فربما أمكن منع الكثير من الجرائم السهلة جدا، لكنها شديدة التأثير على مستقبل هذه الصناعة التى تفتح ملايين البيوت فى مصر.
تخيلوا لو أن أمن أى من الفندقين منع هذا المجرم من ارتكاب جريمته، هل كنا سندفع هذا الثمن الفادح؟
بعد ارتكاب الحادث بقليل فوجئت بفضائية دولية كبرى تتصل وتسألنى عن التفاصيل، وتأثير ذلك على السياحة.
اللهم إنا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي