كل هذا الرعب من الدستور - وائل قنديل - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 7:06 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كل هذا الرعب من الدستور

نشر فى : الثلاثاء 18 سبتمبر 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 18 سبتمبر 2012 - 8:00 ص

الأمم تكتب دساتيرها لكى تهدأ وتستقر نفسيا، ويشعر الجميع بأنهم محميون بمظلة قانونية تقى المجموع من جنوح وجموح البعض، سواء كانوا أفرادا أم جماعات أم تيارات بعينها.

 

غير أن ما يكتنف عملية وضع دستور مصر بعد ثورة 25 يناير يثير دوائر من الفزع والرعب مما هو قادم، خصوصا فى ظل ما يتسرب من داخل الجمعية التأسيسية بشأن قضايا وحقوق مجتمعية شديدة الأهمية والحساسية.. ولعل أوضح تعبير عن ذلك ما ورد على لسان الدكتور وحيد عبدالمجيد المتحدث باسم الجمعية فى حديثه لـ«الشروق» أمس والذى قال فيه نصا إن السلفيين يمارسون نوعا من التشدد فى مواد الصحافة والفكر والإبداع، وإن هذا الإصرار سيدفع الليبراليين إلى الانسحاب.

 

أما عن كرات الفزع المتطايرة على لسان أعضاء متشددين بالتأسيسية عبر برامج التوك شو والتصريحات الصحفية فحدث ولا حرج، ذلك أنها تأتى أبعد ما تكون عن روح التوافق والشراكة والمواطنة المتساوية بين جميع المصريين، على نحو يشعرك أحيانا بأن مصر بصدد كتابة دستور مفصل خصيصا لتيارات بعينها على إيقاع المغالبة وليس المشاركة.

 

ومن يتابع التراشقات الكلامية بين رفاق وزملاء الجمعية التأسيسية، وتجاذباتهم العنيفة أرضا وجوا، لابد أن يضع يده على قلبه مما هو قادم، خصوصا فى ظل ما يعلن عن أن الجمعية على وشك الانتهاء من المسودة الكاملة للدستور، على الرغم من أن تشكيل الجمعية لم يكتمل حتى هذه اللحظة.

 

والمعروف أن هناك خمسة من الأعضاء الأساسيين فى الجمعية كانوا قد أعلنوا انسحابهم وتعليق عملهم بها، منذ ما قبل إعلان فوز الدكتور محمد مرسى برئاسة الجمهورية اعتراضا على تشكيلها.. وقد كانت هذه القضية حاضرة فى لقاء مرسى بمجموعة من الشخصيات الوطنية من مختلف الاتجاهات، حيث تعهد بالسعى لتحقيق قدر أوسع من التوافق والانفتاح فى تشكيل الجمعية، من خلال عودة المنسحبين الخمسة، وإضافة خمسة جدد من القوى المدنية بحيث يكون التشكيل أكثر توازنا وأوسع تعبيرا عن جميع مكونات المجتمع المصرى.

 

وقد جدد الدكتور مرسى تعهده بهذا الأمر فى لقائه بمجموعة من الفنانين والمثقفين مؤخرا ردا على سؤال من المخرج خالد يوسف.

 

غير أن المسافة بين الكلام والتعهدات وبين التطبيق العملى تبدو بعيدة للغاية، حيث تمضى الجمعية فى فرض أمر واقع بشأن المواد التى تم إنجازها.

 

وإذا كانت الجمعية التأسيسية غير قادرة على تحقيق التوافق والتناغم داخل تشكيلها، فإنه من الطبيعى أن يصاب المتابعون بالقلق على توافقية الدستور وتعبيره الدقيق عن مجموع مكونات الأمة المصرية.

 

ولأن الدستور بالدستور يذكر، فإن ما تناقلته المواقع الإلكترونية عن فتوى شرعية لأحد الأشخاص بحرمانية حزب الدستور والانضمام إليه تبدو نوعا من العبث الكارثى وممارسة ألعاب التكفير السياسى الذى يفاقم حالة الرعب من طغيان هذه الأصوات على صياغة دستور مصر القادم.

 

ولو وضعت هذه الإشارات المخيفة بجوار تصاعد الرغبة فى إعادة البرلمان إلى الوجود رغم إعلان موته إكلينيكيا بحكم الدستورية العليا فإننا نكون فى قلب حالة من إضرام النار فى قواعد الممارسة السياسية المحترمة.

 

 

وائل قنديل كاتب صحفي