قبل أن تضيع الجامعات - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 3:43 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قبل أن تضيع الجامعات

نشر فى : السبت 18 أكتوبر 2014 - 12:15 م | آخر تحديث : السبت 18 أكتوبر 2014 - 12:15 م

مرة أخرى الفرصة ماتزال قائمة أمام الحكومة وجميع أجهزتها حتى لا تخسر الجامعات بالكامل. المسألة باختصار أن تصور الحكومة قدرتها على تأميم حركة الطلاب تماما وأن يفكروا ويتحركوا ويتنفسوا كما تريد الحكومة لن يتحقق لأن الزمن تغير ولا يمكن إعادته للوراء بأى وسيلة.

تقول الحكومة إنها ضد العنف لكنها مع حرية التعبير عن الرأى، وإذا كانت صادقة فى ذلك فعليها أن تترجم ذلك على الأرض عبر ممارسات وليست فقط كلمات وبيانات. نتفق مع الحكومة فى أنها تواجه إرهابا داخل بعض الجامعات من قبل مجموعة من الإرهابيين ينفذون سياسة محددة شعارها أن تظل الأوضاع مشتعلة. هذه الفئة الضالة ينبغى التعامل معها بكل الوسائل القانونية الرادعة التى تجعل منها عبرة لكل من يفكر فى تكرار أفعالهم الإجرامية.

لكن ماذا عن طلاب الفئة الثانية العاديين الذين ليسوا إخوانا وليسوا إرهابيين، ويريدون التعبير عن آرائهم وأفكارهم فى إطار القانون والدستور؟!

المسألة سياسية وليست «فرد عضلات»، وعلى الحكومة أن تدرك أن كل عملية قمع أو تنكيل أو تشريعات استثنائية أو عنف ضد طلاب الفئة الثانية يصب تماما فى مصلحة الإخوان، بل ليس مستبعدا أن الإخوان يهدفون إلى هذا الأمر وهو الوقيعة بين الطرفين، بل إن الجماعة دعت قبل أيام إلى استمرار التصعيد فى الجامعات.

إذن الاستراتيجية السليمة التى ينبغى أن تتبعها الحكومة هى عدم تقديم الطلاب العاديين هدية على طبق من ذهب إلى جماعة الاخوان التى خسرت كل شىء ولا تملك الآن إلا التحرك وسط الطلاب.

شىء من هذا الأمر حدث فى منتصف العام الجامعى الماضى حينما انفض غالبية الطلاب عن طلاب جماعة الإخوان عندما اكتشفوا أن هدفهم هو إشعال الجامعة فقط. لكن مقتل طالب هندسة القاهرة محمد رضا قلب كل الحسابات، ومكن طلاب الجامعة من استقطاب العديد من الطلاب إلى صفوفهم وهو نفس ما يتكرر الآن.

مرة أخرى من حق الجامعة وأفراد الأمن فيها التأكد من هوية الطلاب على بوابات الدخول، وأنهم لا يحملون أسلحة أو مواد محظورة، وعليها أن تبحث عن سبل وآليات مختلفة حتى لا تتحول عمليات فحص الكارنيهات للتأكد من الهويات إلى طابور تعذيب الطلاب، يمكنها مثلا زيادة الموظفين أو فتح أبواب إضافية، حتى لا تقدم أى ذريعة لغضب طلابى يتنامى يوميا.

يوم الخميس الماضى أعلن عدد من الطلاب المنتمين إلى قوى وأحزاب سياسية مختلفة عن تشكيل كيان طلابى جديد لا يضم بين أطراف جماعة الإخوان.

لو كنت مكان الحكومة والجامعة وإدارتها المختلفة لجلست إلى هؤلاء الطلاب وتفاهمت معهم، بل وسمحت لهم بالتعبير عن آرائهم مادامت فى إطار اللوائح والقوانين.

أسوأ رد تتخذه الحكومة أن تتجاهل هذا الأمر وتتعامل مع أعضاء هذا التحالف باعتبارهم رديفا أو واجهات للإخوان، حتى لو كان بعضهم كذلك فعلا.

ما قالته هذه القوى فى بيان الإعلان عن نفسها يوم الخميس يلخص جانبا كبيرا من الأزمة الراهنة التى تضرب العلاقة بين الحكومة والجامعات.

هناك إرهاب نعم، وينبغى مواجتهته بكل الشدة والحسم، لكن هناك آراء سياسية للطلاب مختلفة مع الحكومة، ينبغى التعامل معها فى إطار السياسة وليس عصا الأمن وإلا فمن المحتمل أن تتحول الجامعات إلى كعب أخيل التى تعود عبرها جماعة الاخوان.

طلاب الجامعات لا يفكرون بالحسابات السياسية المعقدة أو التوازنات الموجودة فى أذهان السياسيين الكبار، طريقة الحكومة الراهنة قد تقودهم إلى أحضان الإخوان المسمومة.. فاحذروا.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي