اسخروا قليلًا.. لكن لا تتجاهلوا الواقع - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 5:11 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

اسخروا قليلًا.. لكن لا تتجاهلوا الواقع

نشر فى : الخميس 18 ديسمبر 2014 - 7:40 ص | آخر تحديث : الخميس 18 ديسمبر 2014 - 7:40 ص

مساء الجمعة 28 نوفمبر وما بعدها شهدت مواقع التواصل الاجتماعى فى الفيس بوك وتويتر ثورة من التعليقات الساخرة على فشل جماعة الإخوان فى الحشد لما اسمته هى و«الجبهة السلفية» بـ«انتضافة الشباب المسلم».

التعليقات ركزت على ان هذه هى «أول ثورة سايلنت أو صامتة فى التاريخ الحديث»، أو أن «الإخوان قعدوا فى البيت يتفرجون على ثورتهم فى قناة الجزيرة».

من حق رواد تويتر ان يسخروا كما يشاءون، لكن من الخطأ القاتل ان يتم تعميم هذه النتيجة على الصراع الدائر بين المجتمع والإخوان.

نعم لم يتمكن الإخوان من الحشد يومها مثلما لم يتمكنوا من الحشد طوال الشهور الماضية، وأغلب الظن ــ بالمنطق نفسه ــ انهم لن يتمكنوا من الحشد فى المستقبل إلا إذا حدثت معجزة.

لكن هل الفشل فى الحشد يعنى انهم قد تبخروا أو تلاشوا أو هاجروا إلى كوكب آخر؟!.

الإجابة هى لا، لأن الإخوان موجودون فى المجتمع بغض النظر عن عددهم.

المؤكد ان الاستعدادات الأمنية من الجيش والشرطة كانت كبيرة وربما اكبر مما يتطلب الامر، والمؤكد أكثر أن غالبية الشعب رفضت الانصياع لدعاوى فتنة رفع المصاحف، لكن هناك مظاهرات ومسيرات محدودة خرجت فى العديد من مدن المحافظات وأحياء بالقاهرة.

وبالتالى فإن اسوأ ما يمكن ان يقع فيه المجتمع هو ان يبدأ فى «تقسيم الغنائم» ظنا ان المعركة مع الإخوان وأنصارهم من التنظيمات المتطرفة قد انتهت.

هناك تقريرات ان المتعاطفين مع الجماعة يتناقصون يوما بعد يوم، وهناك تقدير أيضا ان الأخطاء الكارثية التى تقع فيها الجماعة تعزز هذا الأمر، لكن شبه المؤكد ايضا ان غالبية أعضاء وكوادر الجماعة لايزالون على ولائهم لها، وقيادة الجماعة تستخدم «فقه المحنة» بمهارة وكذلك المظلومية، حتى تمنع أى انشقاقات كبرى داخلها، وأغلب الظن أن ذلك التفكك والانشقاق لن يتم إلا عندما تهدأ الأمور وليس الآن.

رغم كل ذلك لاتزال الجماعة قادرة على تحريك بعض أعضائها، رغم كل ما تتعرض له من ضربات، وبالتالى فإن القول ان المعركة انتهت ليس صحيحا أو حتى دقيقا، بل يبدو خطيرا.

من حق مستخدمى تويتر والفيس بوك وبعض الإعلاميين أن يسخروا كما يشاءون من هزال حشد الجماعة، لكن على الباحثين والمفكرين وصانعى القرار ألا يتعاملوا مع هذه السخرية باعتبارها حقائق عى الأرض.

مرة أخرى الجماعة تسعى لإنهاك الدولة عبر مدى زمنى مفتوح، وهى تعتمد على أعضاء يؤمنون بالولاء التام والسمع والطاعة، ومعونات ودعم ومساعدات خارجية، وبالتالى ــ فأغلب الظن ــ ان مظاهرات واحتجاجات الجماعة سوف تستمر لفترة ما، حتى تتمكن الدولة من بلورة نموذج حكم عادل وتقدمى وديمقراطى.

لم يتوقع كثيرون ان تشهد مسيرات الإخوان تغيرا دراماتيكيا وإلا كانوا فعلوا ذلك قبل يوم 28 نوفمبر، لكن ليس معنى ذلك الاستسلام لفكرة نهاية الإخوان.

هى فكرة قد تريح البعض وقد تدغدغ مشاعر البعض الآخر، لكنها قد تتسبب فى كوارث أخرى للمجتمع بأكمله.

تذكروا ان كل جهاز الأمن قبل 25 يناير لم يكن لديه أى علم بما يحدث فى المجتمع ثم استيقظ على كابوس.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي