الأمية مشكلة مستعصية فى العالم العربى - قضايا تعليمية - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 4:41 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأمية مشكلة مستعصية فى العالم العربى

نشر فى : الإثنين 19 يناير 2015 - 8:50 ص | آخر تحديث : الإثنين 19 يناير 2015 - 8:50 ص

فى البلاد التى تواجه ضائقة اقتصادية بعد الاضطراب السياسى الذى طال أمده، يواجه المصريون عقبة مزمنة أخرى تعيق التنمية وتتمثل فى انتشار الأمية.

فبحسب أحدث البيانات الصادرة عن الجهاز المركزى المصرى للتعبئة العامة والإحصاء، فإن 25.9 فى المئة من السكان ــ من فوق عمر العشر سنوات ــ لا يستطيعون القراءة والكتابة. لا يعانى المصريون وحدهم، ففى العديد من الدول العربية الأخرى بما فيها اليمن، والمغرب، وجنوب السودان أكثر من ربع السكان أميون.

فى مصر، 17.2 مليون شخص أمى ــ غالبيتهم تجاوز الستين من العمر و10.9 مليون منهم من النساء ــ بحسب احصاءات الجهاز المركزى.

قال محمد رزق الله، أستاذ مساعد فى الجامعة الأمريكية فى القاهرة وباحث فى مجال الأمية، «إنه لأمر محزن أننا نتحدث عن مستوى أساسى جدا، هو الأمية، فى حين أن لدينا الكثير من القضايا للتركيز عليها فى مجال التعليم التدريجى وبيئات التعلم المناسبة وطرق التدريس التى تركز على الطالب ومختلف نظريات التعلم المختلفة. لكننا مازلنا بعيدين عن ذلك». وأضاف رزق الله «لا يمكننا حتى الشروع فى التفكير بها الآن لأننا نفتقر التعليم الأساسى».

•••

ارتفع معدل انتشار الأمية فى مصر نسبة مئوية واحدة من 24.9 فى المئة فى عام 2012، بحسب احصاءات الجهاز المركزى المصرى، فى إشارة واضحة لحجم تفاقم المشكلة.

لا يبدو واضحا السبب وراء ارتفاع النسبة. قالت رانيا رشدى، مدير برامج الفقر والنوع بمجلس السكان الدولى لغرب آسيا وشمال أفريقيا إن الاختلاف فى النسبة قد يكون بسبب خطأ فى إجراء المسح أو فى الطرق المستخدمة لقياس النسبة أو لعوامل أخرى.

بينما أرجع محمود فاروق، مدير المركز المصرى لدراسة السياسات العامة، السبب إلى التدهور الاقتصادى فى مصر منذ الثورة التى أطاحت بالرئيس حسنى مبارك قبل أكثر من ثلاث سنوات.

فبحسب فاروق، تراجع النمو الاقتصادى منذ ذلك الحين بشكل كبير وأغلق أكثر من 5000 مصنع. كما تقلصت قدرة الحكومة على بناء المدارس اللازمة ومعها تقلصت ميزانيات الأسرة المخصصة للنفقات التعليمية مثل الرسوم المدرسية والكتب. قال «تسبب ذلك فى زيادة عدد الناس غير القادرين على القراءة والكتابة، هذا تأثير الاقتصاد».

مصدر غالبية البيانات الإسكوا لعام 2012 (خريطة جوجل تصميم طارق عويدات)

بدورها، تعتقد سلمى عفيفى مدير الشراكة والعلاقات العامة فى منظمة علمنى فى مصر أن نسبة عدد الطلاب لعدد الأساتذة تلعب دورا حاسما أيضا فى زيادة معدلات الأمية. ففى مصر كل 80 طالبا لديه أستاذ. كما يسهم الفقر ونفقات التعليم أيضا فى ارتفاع معدلات الأمية.

بالطبع، الأمية ليست مشكلة مصر فقط. إذ إن 33 فى المئة من سكان العالم العربى لا يستطيعون القراءة أو الكتابة مقارنة مع 18.8 فى المئة على مستوى العالم خلال الفترة 2005-2012، وفقا لوكالة الإحصاءات فى مصر.

•••

فى المغرب، بلغت نسبة الأمية 30 فى المئة قبل عامين، أى نحو 10 ملايين شخص، وفقا لمنظمة اليونسكو.

كما أن للأمية تكلفة باهظة. إذ إن كل نقطة مئوية تزيد معدل الأمية فى المغرب، تتسبب فى فقدان المملكة ما يقدر بنحو 1.34 فى المئة من نمو الناتج المحلى الإجمالى، أى نحو 13 مليار دولار، بحسب دراسة قام بها مكتب محاربة الأمية التابع لوزارة التربية الوطنية والتعليم العالى وتكوين الأطر والبحث العلمى. من جهة أخرى، فإن متوسط أجر الشخص الأمى يقل بحوالى 14.6 فى المئة عن معدل متوسط الأجور.

أما أسباب تفاقم الأمية فى المغرب فتتمثل بانخفاض مستويات الالتحاق بالمدارس وارتفاع معدلات التسرب وعدم التوافق بين المناهج التدريسية واحتياجات سوق العمل. كما يعانى التعليم المغربى من أساليب التدريس قديمة وغير فعالة مما يتسبب فى زيادة نسبة الرسوب فى الامتحانات الموحدة بحسب دراسة مجلة العلوم التربوية المحكمة.

خطورة المشكلة دفعت الحكومة المغربية للتحرك ببعض الفاعلية. إذ انخفضت نسبة الأمية إلى 30 فى المئة عوضا عن 43 فى المئة فى عام 2004، وفقا لمنظمة اليونسكو. واستفاد أكثر من 6 ملايين شخص من برامج محو الأمية على الصعيد الوطنى على مدى العقد الماضى.

قال الحبيب ندير، مديرا للوكالة الوطنية لمحاربة الامية، إن المملكة تسعى لخفض معدل الأمية إلى 20 فى المئة فى عام 2015 قبل القضاء عليه تماما بحلول عام 2020. مع ذلك، قال الباحث المغربى محمد ديرا إن برامج التوعية والتشريعات الداعمة مازالت غير كافية كما أن معظم برامج محو الأمية تعتمد على المتطوعين. «لا يوجد عدد كاف من المدرسين المدربين على هذه النوعية من البرامج، والتى تركز فى على سكان المناطق الحضرية بدلا عن الأرياف».

•••

يتسبب عدم وجود معلمين مدربين فى زيادة انتشار الأمية فى جنوب السودان، والتى تعانى من أدنى معدلات محو الأمية فى العالم، وفقا لليونسكو. إذ إن 60 فى المئة فقط من المعلمين مؤهلين بحسب اليونيسف. فى حين يلتحق واحد فقط من كل ثلاثة أطفال فى سن الدراسة فى المدارس، كما انقطع نحو 400 ألف طالب وطالبة عن المدارس منذ اندلاع الحرب الأهلية فى ديسمبرالماضى.

فى اليمن، أكثر من 47 فى المئة من الناس أميون وغالبيتهم من النساء، بحسب آخر إحصاء حكومى فى عام 2004. قال أحمد عبدالله، رئيس جهاز محو الامية وتعليم الكبار التابع لوزارة التربية والتعليم «لا تتجاوز نسبة التحاق الفتيات 50 فى المئة فى بعض المناطق».

يُرجع عبدالله أسباب ارتفاع معدلات الأمية فى البلاد إلى الاضطرابات السياسية وندرة الاستقرار السياسى والاقتصادى. مضيفا أن قلة الوعى وضعف تضافر الجهود وغياب التخطيط السليم فى مجال التعليم يسهمون جميعا فى تفاقم المشكلة.

لكن عبدالله أكد أن عدد الأميين يتناقص مع ارتفاع معدلات الانخراط فى التعليم النظامى. كما تمتلك الحكومة خطة وطنية للحد من الأمية خلال السنوات الخمس المقبلة. «الجميع يعرف الآن أهمية مكافحة الأمية. نحن بحاجة فقط إلى تكثيف وتوحيد الجهود».

ما تحتاجه اليمن، يسعى لتنفيذه مناصرو التعليم فى مصر التى تسعى للقضاء على الأمية منذ عقود.

•••

ففى خطوة لتعزيز الجهود، أطلقت شركة فودافون حملة العلم قوة فى عام 2011. تستهدف الحملة الأميين من عمر 15 سنة وكبار السن من خلال برنامج وطنى. تخرج من فصول محو الأمية التى ينفذها شركاء فودافون 240 ألف شخص حتى الآن، كما تستهدف الحملة الوصول إلى مليون شخص هذا العام.

قال حمد حنة، رئيس مجلس أمناء مؤسسة فودافون مصر «إذا أردنا التقدم نحو المستقبل بسرعة جيدة يتوجب علينا الاعتماد على التعليم. علينا تحسين التعليم لكن الخطوة الأولى تعنى عدم وجود أميين فى مصر».

يشكك البعض بفعالية هذه المبادرة.

قال رزق الله من الجامعة الأمريكية فى القاهرة «أعتقد أنها فشلت فشلا ذريعا. إذ لم تظهر نتائج الجهود على أرض الواقع. لم يتم اختبارها. لم يسمع أحد عنهم. فى حال عملوا وحصلوا على بعض النتائج، فإننا لم نشعر بها».

لكن حنة يؤمن بالمبادرة. قال "إذا كان لديك مشكلة، لديك خياران: إما تجاهلها وتركها تنمو، أو محاولة تقديم أفضل ما لديك وحشد الآخرين للانضمام إليك والإيمان بأن هذه مشكلة أساسية ومستعصية جدا فى البلاد».

التعليقات