فى نقد نظرية (الاستبن) - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 8:40 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى نقد نظرية (الاستبن)

نشر فى : السبت 19 مايو 2012 - 8:20 ص | آخر تحديث : السبت 19 مايو 2012 - 8:20 ص

هناك اعتقاد شائع لدى غالبية «نخبتنا» من الكتاب والمحللين والمعلقين فى وسائل الإعلام «الليبرالية» أو غير الإسلامية مفاده أن فرص مرشح جماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد مرسى فى انتخابات الرئاسة ضئيلة، ويتكرر هذا الاعتقاد أيضا بالنسبة للمرشح أحمد شفيق.

 

لا أملك معلومات أو استطلاعات موثوقة عن فرص محمد مرسى أو غيره، لكن المشكلة أن الآخرين الذين يعتقدون أن فرص مرسى وغيره ضئيلة لا يملكون معلومات محددة ايضا تعطيهم الحق فى ذلك، بل ــ للأسف ــ يتحدثون فى أحيان كثيرة عما يتمنون له أن يحدث لا كما هو موجود على أرض الواقع.

 

مشكلة هؤلاء الكتاب والمحللين أنهم لا يخدعون أنفسهم فقط، بل يخدعون جانبا من الرأى العام يصدقهم حينا ثم يفاجأ بصدمة فى نهاية المطاف قد تجعله «يكفر» بكل شىء.

 

لا ننسى أن نفس هؤلاء الكتاب تقريبا تحدثوا بإسهاب شديد عن جماعة الإخوان المسلمين، بل ومعها كل تيار الإسلام السياسى لن تحصد أكثر من 25 ــ 30٪ من مقاعد البرلمان، ثم استيقظوا على مفاجأة أن هذا التيار حصد أكثر من ثلثى المقاعد، وهو ما يعنى أن هؤلاء الخبراء أو الكتاب لم يكونوا يعرفون تماما المجتمع الذى كانوا يتحدثون عنه، والأخطر أنهم لم يكلفوا أنفسهم حتى عناء الاعتذار للشعب عما فعلوه، والأكثر خطورة أنهم يكررون نفس الأمر فى انتخابات الرئاسة.

 

هؤلاء يتعاملون مع محمد مرسى أو أى مرشح آخر لا يعجبهم باستخفاف شديد، وكأن هذا الاستخفاف كفيل بإسقاط هذا المرشح أو ذاك.

 

قد يكون مصطلح «الاستبن» صالحا لرسام كاريكاتير، أو لكاتب ساخر، أو يستخدمه جمهور الترسو فى منتديات الانترنت فى الصراع بين أنصار المرشحين، لكن أن يتم اختزال محمد مرسى فقط فى هذا المصطلح فهذه كارثة.

 

معروف للجميع أننى لست إخوانيا، وأغلب الظن أننى لن أصوت لمحمد مرسى، لكن معظم كتابنا ومحللينا وبدلا من مناقشة فكر وآراء المرشح انشغلوا بالقشرة وتركوا الجوهر، مثلما فعلوا بالضبط مع ظاهرة حازم أبوإسماعيل حينما ركزوا على «بوستراته» وليس على أفكاره وأفكار أنصاره حتى لو كنا نختلف معها. هناك الكثير من الافكار والاراء الخطيرة لجماعة الاخوان تستحق المناقشة والنقد والتفنيد وتحذير بسطاء الناس منها.. لكن التفكير بـ«منطق الاستبن» لا يفيد الا مرسى وجماعته.

 

مرسى ليس مرشحا فردا بل مرشح جماعة تعمل فى العمل السياسى منذ عام 1928، ولذلك فهو المرشح الوحيد تقريبا الذى يدخل الانتخابات ضامنا حوالى خمسة ملايين صوت فى جيبه.

 

ذلك ليس رجما بالغيب، لكن لو أن المليون عضو عامل بالإخوان، ذهب كل واحد منهم التزاما بالسمع والطاعة ومعه فقط أفراد أسرته الخمسة باعتبار أنهم لا يؤمنون بتنظيم الأسرة فهذا يعنى 5 ملايين صوت.. قد تقل قليلا لو أن أبوالفتوح حصد جزءا منها، لكنها قد تزيد أيضا حسب قدرة الجماعة على الحشد.

 

تكتفى النخبة بالتريقة على مرسى وجماعته فى الفضائيات، فى حين أن كل أعضاء الإخوان وأنصارهم «يلفون» على البيوت بيتا بيتا ويحاولون استقطاب كل الأصوات الممكنة، ثم إنه لدى الإخوان القدرة على استخدام المساجد وهى غير متوافرة عند كثيرين.

 

بالطبع كل ما سبق ليس دعاية لمرسى الذى أقدره على المستوى الشخصى ولكن دعوة لبعض الكتاب والمحللين للنزول إلى الشارع لمعرفة كيف يفكر الناس، وإقناعهم بالمرشح الذى يرونه صالحا لمصر ديمقراطية ومدنية.

 

يا أيها المحللون اهبطوا من أبراجكم العاجية وتوقفوا عن خداع الناس، حتى لا تفاجأوا أن جولة الإعادة بين محمد مرسى وأحمد شفيق.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي