لماذا رُفض حزب الوسط؟ - ضياء رشوان - بوابة الشروق
الجمعة 3 مايو 2024 8:05 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لماذا رُفض حزب الوسط؟

نشر فى : الأربعاء 19 أغسطس 2009 - 10:19 ص | آخر تحديث : الأربعاء 19 أغسطس 2009 - 10:19 ص

 رفضت لجنة شئون الأحزاب السياسية للمرة الرابعة طلب تأسيس حزب الوسط الذى حمل هذه المرة صفة «الجديد» بعد أن استنفد مؤسسوه صفات أخرى ثلاث فى المرات السابقة منذ أول محاولة لهم عام 1996.

واستخدام صفات مختلفة لاسم الحزب الرئيسى وأيضا صياغة برنامج جديد مختلف فى كل مرة يتم فيها التقدم بطلب التأسيس هو استجابة لنصوص قانون الأحزاب السياسية (القانون رقم 40 لسنة 1977) الذى يشترط أن تتميز أسماء الأحزاب الجديدة وكذلك برامجها عن تلك القائمة.

وفى المرات الأربع التى تقدم فيها هؤلاء الإسلاميون الإصلاحيون المؤسسون لحزب الوسط إلى لجنة الأحزاب السياسية كان لديهم مشروع برنامج جديد يختلف عن سابقه فى عديد من المواد، ومع ذلك ففيها جميعا تم رفض تأسيس الحزب لنفس السبب الذى أعلنته اللجنة قبل يومين وهو أن برنامجه «لا يمثل إضافة للحياة السياسية على نحو ما اشترطه قانون الأحزاب وأنه ليس به تميز يدعو للموافقة عليه».

والحقيقة أن هذا السبب هو الأكثر تكرارا فى قرارات اللجنة لرفض عدد كبير من طلبات تأسيس أحزاب جديدة فى مصر خلال تاريخ عملها الممتد منذ عام 1977 الذى نشأت فيه. والحقيقة أيضا أن لجوء اللجنة لهذا السبب ناتج من سهولة تطبيقه لرفض الأحزاب الجديدة لعدم وجود أى معيار موضوعى للحكم على ما يمكن اعتباره «تميزا» كبرنامج حزب جديد أو «إضافة» له للحياة الحزبية فى البلاد، فكلاهما تعبير غير منضبط المعانى ويخضع للتأويل أكثر مما يخضع للنصوص المحددة التى يمكن أن تلزم اللجنة عند اتخاذ قراراتها. وقبل ذلك فإن شروط تشكيل الأحزاب السياسية فى مصر وتشكيل لجنة شئون الأحزاب وطريقة الطعن على قراراتها، خضعت جميعها لانتقادات كثيرة وحقيقية منذ صدور قانون الأحزاب عام 1977.

وتتركز الانتقادات على تشكيل اللجنة التى تضم كلا من رئيس مجلس الشورى (رئيسا) ووزير الداخلية ووزير شئون مجلس الشعب وثلاثة من بين الرؤساء السابقين للهيئات القضائية أو نوابهم من غير المنتمين إلى أى حزب سياسى وثلاثة من الشخصيات العامة غير المنتمين إلى أى حزب سياسى، فهى بذلك تعبر عن الحزب الوطنى الديمقراطى الحاكم أكثر من كونها لجنة محايدة بين الأحزاب، حيث إن رئيسها هو الأمين العام له وعضويها الرئيسيين هما وزيران من الحزب أحدهما الأمين العام المساعد له وأعضاؤها الآخرون يختارهم رئيس الجمهورية الذى هو رئيس الحزب الحاكم أيضا.

أما عن الرفض الرابع لحزب الوسط ذى الخلفية الإسلامية فهو على الأرجح يقوم على نوعين من الأسباب: أسباب تتعلق باتجاه واضح لدى النظام السياسى المصرى تبلور خلال العامين الأخيرين بعدم السماح فى أى لحظة بقيام أى حزب سياسى على خلفية إسلامية أيا كانت أفكاره ومدى اعتدالها أو جدتها. وقد وضع الحزب الوطنى الحاكم الأساس الدستورى لهذا الرفض فى تعديل المادة الخامسة من الدستور عام 2007 بالنص على أنه «لا تجوز مباشرة أى نشاط سياسى أو قيام أحزاب سياسية على أى مرجعية دينية أو أساس دينى»، وهى صياغة مرنة وغامضة وتسمح بحرية حركة واسعة لرفض أى حزب جديد ترى اللجنة انطباقه عليه. أما الأسباب الأخرى فتنبع من تخوفات أمنية من أن يتحول حزب الوسط الذى يقوم على رأسه المهندس أبوالعلا ماضى وبعض من زملائه الذين كانوا أعضاء سابقين فى جماعة الإخوان المسلمين، إلى حزب للجماعة بعد الموافقة على تأسيسه وهو ما يمثل خطا أحمر لدى النظام السياسى المصرى.

وتقوم تلك التخوفات الأمنية على أحد احتمالين: إما أن تسلم قيادة حزب الوسط حزبها بعد تأسيسه طواعية للإخوان عبر اتفاق معهم، أو أن يخترقه هؤلاء بأعداد كثيفة بعد قيامه فيتحول عمليا إلى حزب لهم. ولا يقوم هذان الاحتمالان فى الحقيقة على أى أسس واقعية، حيث إن الخلافات بين قيادة الوسط والإخوان قد وصلت إلى نقاط لا يمكن العودة بعدها إلى أى علاقات طيبة بينهما، كما أن إمكانية قيام الإخوان باختراق الحزب تبدو ضعيفة للغاية سواء بسبب هذا الخلاف أو بسبب تردد الإخوان المعروف بشأن امتلاك حزب سياسى خاص بهم بعيدا عن الجماعة.

ضياء رشوان  كاتب مصري وباحث في شئون الجماعات الإسلامية
التعليقات