مصطلحات قرآنية - الرشد «هـ»: مقدماته - جمال قطب - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 10:01 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصطلحات قرآنية - الرشد «هـ»: مقدماته

نشر فى : الخميس 19 أكتوبر 2017 - 9:45 م | آخر تحديث : الخميس 19 أكتوبر 2017 - 9:45 م

الرشد هو أرقى درجات التعقل، ويحصل الإنسان مرتبة الرشد بعد تجاوزه لمراحل بلوغ الحلم، وبلوغ السعى، وبلوغ النكاح ثم بلوغ الأشد، فهذه أربع مراحل تسبق الرشد وتؤهل للوصول إليه.
ــ1ــ
بعد أن يولد الإنسان وينتهى من الرضاع ويبدأ الاعتماد على نفسه فى بعض الشئون.. فهو يستطيع أن يمشى بمفرده ليتجاوب مع الأصوات والصور كما أنه يختار طعامه مما يعرفه ويحاول تجريب ما لا يعرفه من الطعام والشراب ويطلب ما أحبه من الملابس التى تعود عليها أو رآها على غيره من الأطفال.. فهو يسمع ويرى ويختار فضلا عن أنه بدأ يعبر عن نفسه ببعض الألفاظ وبدأ فى اختزان قاموسه اللغوى فى ذاكرته، وفى الحضانة يترقى سلوكه الاجتماعى وتزداد معارفه وتتعدد مشاهداته وتتنوع سلوكياته إذ ينتقى ممن حوله من الأطفال من يأنس إليهم، ومن المربين والمدرسين من يحس بحبهم له وهكذا.
ــ2ــ
ومع نمو الجسم والمعارف ينتقل الإنسان إلى مرحلة «بلوغ الحلم» والتى ذكرها القرآن بقوله ((وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ)).. تلك المرحلة التى يستجد فيها على الصبى أو الصبية أول علامات البلوغ.. تغيرات جسمية تطرأ عليه تجعله يحس بأحاسيس جديدة تصاحبها مشاعر ونشوة تدفعه دفعا إلى التفكير والاهتمام بما لم يكن مشغولا به من قبل، فالـ«حلم» هو مرحلة تصور الإنسان لدوره الأسرى والانشغال بكيفية تنظيم تلك الأحاسيس والتفكير كيف يمكن أن يصبح زوجا ذكرا كان أم أنثى وما يتطلبه ذلك من البحث عن المهنة أو الحرفة التى تدر دخلا يبدأ به حياته الزوجية.
ــ3ــ
وتأتى مرحلة «بلوغ السعى» بعد «بلوغ الحلم». ومعنى «بلوغ السعى» أى بلوغ قدرته على الكسب أى ممارسته لحرفة أو مهنة يحتاجها المجتمع يحقق منها دخلا يبنى به قدرته على استئناف رحلة الحياة.. وقد ساق القرآن مرحلة «بلوغ السعى» بعد «بلوغ الحلم» إعلاما وتعليما أن مدة التعليم والتدريب على الحرفة أو المهنة لا يجب أن تتطاول وتمتد، فالسعى والكسب شىء والتقدم والتزود العلمى شىء آخر، إذ يجب على الإنسان أن يحمل مسئولية نفسه على الأقل منذ «بلوغ الحلم» أو قريب منها. أما أن يبقى لشرخ الشباب لا يكتسب معتمدا على غيره فذلك مخالف للفطرة السليمة وللعرف الإنسانى فى البلاد والمتقدمة. ولا تنس أن القرآن الكريم قد وصف إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام بأنه بلغ السعى حينما وصل حافة الـ 12 عاما من عمره، فقد بدأ يسعى بل يسعى مع أبيه فيما يتحمل من نفقات.
ــ4ــ
ويمارس الإنسان سعيه كسبا وتدريبا، فالذكر يسعى تعلما وتدريبا وكسبا يكفى نفقاته ثم يزداد اكتسابا فوق نفقاته ليدخر متطلبات زواجه وتأسيس أسرته.. والأنثى تسعى وتتعلم وتتدرب على مهام الزوجية والأمومة وتتعلم كيف تختار من يسعدها من هؤلاء الذين يتقدمون لها.. فيتعلم كل منهما (الذكر/ الأنثى) كيف يختار شريك حياته وكيف يتوافقان ويتعاونان، فإذا بلغ الفرد «الحلم» واقتدر على الكسب وادخر من كسبه ما يؤسس به بيتا فقد بلغ مرحلة «بلوغ النكاح» أى الزواج أى إن كل منهما (الذكر/ والأنثى) أصبح مستعدا للزواج والاستقلال وتكامل كل منهما مع الآخر. فهذه المراحل «الميلاد/ الرضاع/ الحضانة/ بلوغ الحلم/ بلوغ السعى/ بلوغ النكاح» مراحل متتابعة تؤسس للرشد وتمهد له.
يتبع

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات