النداء الأخير على البرادعى - وائل قنديل - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 8:59 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

النداء الأخير على البرادعى

نشر فى : الإثنين 20 فبراير 2012 - 9:05 ص | آخر تحديث : الإثنين 20 فبراير 2012 - 9:05 ص

فى حلوق الملايين من المصريين غصة من الحال الذى أصبح عليه الدكتور محمد البرادعى.. فى كل مكان يطاردنى السؤال: لماذا ترجل البرادعى وترك حصان الأحلام وحيدا، بتعبير الرائع محمود درويش مخاطبا ياسر عرفات فى يوم من أيام التسعينيات؟

 

إننى لم أجد ما أرد به على مواطنين مغتربين فى الداخل والخارج وهم يسألون بأسى يمتزج بالغضب: أهكذا بهذه السهولة يترك الرجل موقعه كلاعب رئيسى فى كل ما جرى ويجرى، ويكتفى بدور المعلق أو المشجع لهذا المرشح أو ذاك؟

 

حقيقة لم أجد الإجابة لأننى شخصيا أشعر بالحيرة عندما أنظر إلى أداء هذا الرجل وأذكر أننى قبل اندلاع الثورة بشهرين و21 يوما كنت قد قررت الإقلاع عن الحلم وكتبت فى هذا المكان ما يلى:

 

كان الدكتور محمد البرادعى مثل شجرة ضخمة ارتفعت فجأة فى سماء السياسة المصرية، فأوت إليها عصافير التغيير من كل حدب وصوب، عصافير شابة تبحث عن فرصة للتحليق، وعصافير عجوز أرهقها الطيران بأجنحة أنهكتها الضربات.

 

ومن المؤسف أن أستخدم كلمة «كان» وهى كما تعلمون فعل ماض ناقص، ذلك أن البرادعى صار بعيدا جدا، بعد أن اقترب كثيرا حتى تصورنا أنه رسول التغيير الذى انتظرناه طويلا ولما لم يأت اخترعه البعض منا.

 

لقد كتبت فى 21 فبراير الماضى تحت عنوان «لا تبردعوا الموضوع أكثر من اللازم» فى أعقاب فورة الاستقبال الحاشد له فى مطار القاهرة وقلت بالحرف «أزعم أن البرادعى عبر منتصف البحيرة، ودخل مرحلة اللاعودة بعد أن أيقظ حلم التغيير فى نفوس تخيلنا أنها نامت نومة أهل الكهف، ومن ثم فإن الموقف الأخلاقى يحتم عليه أن يعلن بكل وضوح أنه لن يتخلى عن أحلام الجماهير ولن يخذلها، مهما بلغ ثمن هذا الاختيار الصعب».

 

وفى المقابل على النخب السياسية الفاعلة فى المجتمع ألا تضع البيض كله فى سلة البرادعى فقط، تحسبا لأى مستجدات قد تطرأ، ومن ثم من المهم ألا «تبردع» قضايانا على هذا النحو المفرط، وتعتبر أنها فعلت كل ما عليها بأن منحت توكيلا على بياض للدكتور البرادعى ليقود المسيرة، و«كفى الله السياسيين النضال».

 

وأذكر فى ذلك الوقت أن كثيرين من مريدى البرادعى غضبوا وأطلقوا سهام الاتهامات وقالوا كلاما كثيرا مؤداه إن البرادعى فعل ما عليه والدور على الشعب لكى يتحرك وكتبت بعدها «لا خلاف على أن أمام البرادعى وأمام المصريين فرصة ذهبية لتحريك عجلة التغيير، بشرط أن يكون البرادعى شريكا فاعلا، ولا يكتفى بدور الأب الروحى أو المنظر الذى يراقب من بعيد، ففى مجتمع أنهكته الأمية والفقر والطوارئ ليس مطلوبا الإفراط فى صياغة المعانى الكلية، بقدر ما هو لازم وحتمى أن نتحدث عن آليات وخطوات على الأرض».

 

لقد تمنيت كثيرا أن أكون مخطئا ومتجنيا على الرجل، غير أن الأيام أثبتت أن ضوء سطوع البرادعى بدأ يخفت ويبتعد رويدا رويدا حتى كاد يتلاشى كلية، فيما اكتشف الذين علقوا أحلامهم على فروع الشجرة فجأة أن الشجرة طارت إلى البعيد، أو أن الأرض تحركت من تحتها، فتناثرت أشلاء الأحلام فى الهواء وسقطت على الأرض لتدهسها سنابك الواقع بكل قتامته وعبثيته.

 

هذا ما كتبته يوم 4 نوفمبر 2010 وتبينت أننى كنت مغرقا فى التشاؤم عندما سطعت شمس 25 يناير 2011، فهل يخيب البرادعى ظنون المتشائمين ويفاجئهم بجديد مرة أخرى؟

وائل قنديل كاتب صحفي