صناعة التأثير والانتشار للتيار الديمقراطى - مصطفى النجار - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 8:15 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صناعة التأثير والانتشار للتيار الديمقراطى

نشر فى : الجمعة 20 يونيو 2014 - 5:55 ص | آخر تحديث : الجمعة 20 يونيو 2014 - 5:55 ص

إذا استطاع التيار الديمقراطى توحيد مفهوم الديمقراطية وبناء الخطاب وبناء تنظيم يستطيع الحركة بهذه الأفكار فلابد أن يحسن صناعة التأثير فى الجماهير ويتقن فنونه حتى يتحقق الانتشار والتجذر الشعبى المطلوب.

العامل الأول لصناعة التأثير هو خلق الاحتياج لأفكار الديمقراطية وقيمها. ونضرب مثالا حين تقوم أى شركة بالتفكير فى انتاج منتج جديد فإنها تشرع فى خلق الاحتياج لهذا المنتج والتأكيد والمبالغة فى مدى الاحتياج إليه حتى إذا بدأ ظهوره يجد من ينتظره ويتلقفه بحرص، وبنفس المنهجية يجب أن يتعامل دعاة الديمقراطية الذين تبدو مهمتهم أكثر يسرا وسهولة، لأنه لا يوجد أفضل من المستقبل المشرق كاحتياج لدى الناس بشكل عام.

العامل الثانى هو اختيار الوقت المناسب وترتيب الاولويات طبقا لاهتمامات الناس، فلا تحدث الناس عن مشكلة انقراض حيوانات معينة بسبب التلوث البيئى كمثال قبل أن يسمعوا خطابك واهتمامك برغيف الخبز وأنبوبة البوتاجاز وزحام المواصلات مع مراعاة عدم تشخيص المشكلة دون طرح حلول وبدائل واقعية للحل والضغط من أجل تنفيذها.

العامل الثالث انتقاء وسيلة العرض المناسبة من وسائل الاتصال الجماهيرى سواء المقروءة كالصحف والمطبوعات أو المسموعة أو المرئية وكذلك وسائل الاتصال الحديث التى تمنح مرسل الرسالة خيارات متعددة يستطيع أن يصل بها لشرائح مختلفة من الجماهير فى أوقات مختلفة وأماكن مختلفة مع عدم إغفال أهمية الاتصال الشخصى الذى يعتمد نقل الرسالة من فرد لفرد بشكل مباشر.

العامل الرابع هو تأهيل صناع التأثير، حيث إن العنصر الأساسى فى عملية صناعة التأثير هو الفرد الذى يحمل الرسالة ويهدف لنشرها، هذا الفرد يجب أن يكون على قناعة تامة بما يدعو الناس إليه فلا ينقل إليهم أفكارا مشوهة ولا ينفرهم مما يجب أن يعرفوه، فمع مهارات الاتصال اللفظى والمعنوى التى يجب أن يتعلمها كل من ينشط بالعمل العام لا بد من وجود الحد الأدنى من المعرفة الفكرية التى تجعل الشخص مؤهلا للحديث مع الناس والاجابة عن تساؤلاتهم والنقاش معهم حول افتراضاتهم المسبقة وتصحيح الصور النمطية والرد على الشبهات المثارة وتوضيح رأى التيار الديمقراطى والكيان الذى ينتمى إليه فى الأحداث الجارية.

العامل الخامس هو بناء رأس مال اجتماعى يعتمد على المعايشة مع الناس ومشاركتهم همومهم وأفراحهم، ليس من باب التزلف أو الاستغلال بل من باب المشاركة الانسانية والمسئولية الاجتماعية، ولا تعنى المشاركة المجتمعية تقديم رشاوى عينية أو معنوية للجماهير بل تعنى الانغماس فى مشاكلهم على المستوى المحلى الذى يبدأ بمشاكل الشارع ثم المربع السكنى ثم الحى نفسه وكذلك المدينة بشكل عام، يريد الناس أن يروا من أهل السياسة مبادرات تنموية ومشاركة فى تخفيف مشاكلهم عبر تفعيل العمل التطوعى وتحفيز الجهات الحكومية للقيام بدورها عبر تحقيق الرقابة الشعبية والتكامل المجتمعى بين أبناء الحى الواحد، بناء رأس مال اجتماعى لدى الجماهير لا يرتبط بوقت الانتخابات بل هو عملية مستمرة وتراكمية إذا تحققت تجعل قابلية الجماهير لقبول الأفكار أكثر يسرا وسهولة لأن الناس تسمع أكثر لمن تجده بينهم ولمن تمازج معهم بعيدا عن منزلقات الاستعلاء النخبوى والانفصال الشعورى.

العامل السادس هو صناعة الرموز وهذه عملية لا تأتى بالمصادفة أو مجرد الرغبة الشخصية بل هى خطوات متدرجة يحددها إطار علمى يقوم عليه مختصون تكون مهمتهم صناعة الرموز وتقديمها للناس، هناك ملكات فطرية ومزايا فردية اختص الله بها بعض الأفراد النابغين، وهذه تسهل بناء الرمزية لكن هذا لا ينفى أبدا إمكانية تعويض ذلك عبر بذل الجهد والتركيز فى الهدف، وكلما كان تيارك السياسى يعج بالرموز الشعبية التى يألفها الناس وترتاح لها كلما زادت فرص تأثيرك وترسيخ أفكارك وقيمك، مع ضرورة الاهتمام بتكوين رموز فى كل الصفوف الاولى والثانية والثالثة وإعطاء المرأة نصيبا وافيا من الاهتمام لتكون شريكا فاعلا فى صناعة الوعى العام.

العامل السابع هو القدرة على استثمار الحدث، واستثمار الأحداث يعنى التفاعل معها فى وقتها، وفعل ما ينتظره الناس منك كفاعل فى المجال العام، فلا يعقل أن تكون هناك مشكلة أو حدث على المستوى القومى أو المحلى وتغيب عنه ولا تتفاعل بالقدر المطلوب وحتى يسهل عليك تحديد معنى الحدث واتساعه عليك أن تدرك أنه قد يبدأ من انفجار ماسورة مياه فى الشارع ويصل إلى كل مشكلة أو طارئ يؤثر على المواطنين بشكل جمعى، وكلما كنت حاضرا فى الأحداث ومؤثرا وملبيا لتطلعات الناس كلما زادت قدرتك على التأثير.

العامل الثامن هو المناصرة والمدافعة، فكل يوم تحدث مظالم وانتهاكات لبسطاء من الناس لا يجدون من يعيد إليهم حقوقهم، وعلى مستوى القضايا الاجتماعية تتعدد المشاكل التى تحتاج إلى تدشين حملات مجتمعية تخاطب الرأى العام والسلطات لتغيير تشريع ما أو إزالة ضرر ما أو الحصول على حق مسلوب سواء لفرد أو مجموعة، لذا فتضامنك مع الناس ليس متاجرة بآلامهم ولا توظيفا سياسيا لمشاكلهم بل هو واجب عليك طالما ولجت بقدميك فى فضاء العمل العام والسياسة التى تعنى خدمة الناس.

كل عامل من هذه العوامل يحتاج لمزيد من التفصيل ولكن يجب النظر للصورة بشكل متكامل إذا كنا نبحث عن صناعة التأثير للتيار الديمقراطى.

مصطفى النجار عضو مجلس الشعب السابق
التعليقات