إِذا كانَ رَبُ البَيتِ بِالدُفِ مولِــعــا... - امال قرامى - بوابة الشروق
الخميس 2 مايو 2024 5:04 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إِذا كانَ رَبُ البَيتِ بِالدُفِ مولِــعــا...

نشر فى : الإثنين 20 يونيو 2016 - 8:40 م | آخر تحديث : الإثنين 20 يونيو 2016 - 8:40 م

هلَّ شهر رمضان.. وفيه عاينا نشأة ظواهر عديدة لعل أبرزها الانغماس فى ثقافة الاستهلاك حتى بلغنا حد التخمة والإدمان: أكل وشرب ما لذ وطاب ومتابعة يومية للمسلسلات والإشهار أو برامج الطبخ أو الدروس الدينية وبرامج إفتاء... ولئن عرفت عدة دول مشرقية هذه الظاهرة منذ عقود من الزمن فإن تونس لم تواكب هذا 'الانفجار' على مستوى البرامج الدينية إلا بعد أن تحررت وسائل الإعلام من ربقة الرقابة الصارمة.


ومنذ 'انتصاب' القنوات الفضائية وتعدد مشاريع أصحاب القنوات والأموال تحول المشهد البصرى وصار معبرا عن بعد من أبعاد الأزمات التى يمر بها التونسيون. والمتابع لهذه البرامج الدينية يدرك أولا أن «العلماء» لم يتنافسوا فى العلم والسماحة وإبراز دماثة الخلق بقدر تنافسهم فى العناية بمظهرهم. وليس الإفراط فى أناقة الملبس باقتناء آخر «الجبات التونسية' ذات الألوان البهية إلا محاولة للتأثير فى المشاهدين والحفاظ على الأبهة. فالموقع الذى يحتله 'العالم' لابد أن يعكس اقتداره المالى وبذلك يلتقى العلم بالمال وبالسلطة.


أما الملاحظة الثانية فتكمن فى مضمون الخطاب الذى يدور حول الدين. صحيح أن مقدمى البرامج الدينية من علماء وتابعين وغيرهم يجتهدون فى سبيل تقديم مادة دسمة تشد أولى الألباب، وبعضهم غير بعض أدواته فانتبه إلى ضرورة استبدال الفصحى باللهجة التونسية ولكن إلى أى مدى كان مضمون الخطاب معبرا عن السياق التاريخى والاجتماعى الحالى الذى تمر به البلدان الإسلامية، وخاصة منها تلك التى عرفت تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية متعددة؟ ألم يبق الخطاب فى معظمه مشدودا إلى الماضى وفى قطيعة مع الممكن فى العصر الحالى حيث الإكراهات والضغوط المعيشية؟ ولا تتوقف القطيعة الزمنية عند الحاضر بل إن القطيعة حاصلة مع المستقبل إذ إن هذا الخطاب الدينى لا يستشرف المستقبل.


وفى مقابل هذا التغيير البطىء والإصلاح المحدود جدا على مستوى البرامج الدينية المعروضة على الشاشات الفضائية لاحظنا تحويل بعضهم المنابر الإعلامية إلى منابر مسجدية تستغل لمواصلة أو استئناف المعارك وتصفية الحسابات مع القدامى: بنو علمان ومع 'الفئات الضالة الجديدة' من مثقفين ومثقفات يعبرون عن آرائهم وتصوراتهم فيرد عليهم بالثلب والشتم وبتحفيز الجماهير حتى تؤدبهم وتقطع دابرهم فضلا عن المفطرين والمجرمين وخاصة المثليين الذين يجب أن تطهر البلاد من رجسهم.


***


وبدل أن يكون رمضان فى انسجام مع الشروط التى يقتضيها مسار التحول الديمقراطى والإصلاحات المنتظرة حتى تتم بناء الجمهورية، صار هذا الشهر مثله مثل سائر الشهور الأخرى مناسبة لاكتشاف الخيبات وما أكثرها... ولئن كان تمثلنا لهذا الشهر على أساس أنه شهر التقى والتوبة وإصلاح ذات البين... فإنه انقلب لدى أشباه العلماء إلى مناسبة لتأجيج مشاعر الكراهية والحث على التباغض والفتن ووسيلة لشن معارك أيديولوجية وتصفية حسابات مع المهيمنين على الجماهير.


لقد تحركت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعى البصرى «الهايكا» فقررت إيقاف بث برنامج «كلمة الجمعة» الذى يُبث على قناة «الإنسان» لمدة 3 أشهر وتخطئه القناة بمبلغ مالى قدره 30 ألف دينار. وأوضحت «الهايكا»، أن هذا القرار اتخذ على إثر معاينة وحدة الرصد بالهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعى والبصرى لبرنامج «كلمة الجمعة» يوم 20 مايو 2016، والذى تضمن تأييد 'العويلم' للدعوات إلى إعدام مجرم قتل طفلا أمام الأعين دون الإنصات إلى «الأصوات الناعقة» التى تدعو إلى احترام حقوق الإنسان.

وأضاف 'العويلم' أن من أسباب تفشى مثل هذه الجرائم البشعة تحريض بعض المنابر الإعلامية التى أسماها بـ«وسائل النفاق»، وبمساندة النخبة المثقفة التى نعتها بـ«النكبة».


***


هذه عينة من البرنامج القائمة على تعريض حياة البعض للخطر وحث الناس على التطاول على القوانين والتحريض على عدم احترام حقوق الإنسان، وهو أمر يُبين عن فهوم طائفة ممن يعتبرون أنفسهم فى زمرة العلماء للدين والقوانين والضوابط المنظمة للعمل الإعلامى.
وإِذا كانَ رَبُ البَيتِ بِالدُفِ مولِــعــا فَشيمَةُ أَهلِ البَيتِ كُلِهِمِ الرَقصُ

التعليقات