حدود كلام المذيع - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 3:35 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حدود كلام المذيع

نشر فى : الأحد 20 يوليه 2014 - 6:00 ص | آخر تحديث : الأحد 20 يوليه 2014 - 6:00 ص

أخطأت الزميلة الأستاذة أمانى الخياط خطئا كبيرا حينما قالت فى برنامجها الصباحى إن الاقتصاد المغربى قائم على الدعارة.

أولا المعلومة ليست صحيحة، وثانيا ــ وهذا هو الأهم ــ أنه لا ينبغى لنا أن نعمم صفة واحدة على شعب بأكمله، حتى لو كان اسرائيل، فهناك إسرائيليون يرفضون الاحتلال وينددون بجرائمه مثل جدعون ليفى واميرة هاس.

وأحسنت أمانى الخياط حينما اعتذرت بشجاعة، وكذلك فعلت إدارة قناة «أون تى فى».

أعرف أمانى الخياط، وأدرك تماما انها لم تكن تقصد ذلك، لكن وكما يقولون: «غلطة الشاطر بألف».

ما فعلته أمانى بحسن نية يذكرنا بما فعله اعلاميون كثيرون بجهل او بسوء نية بعد مباراة أم درمان الشهيرة بين مصر والجزائر فى نوفمبر 2009. حينما تنافسوا فى الاساءة للشعب الجزائرى بصورة تركت جرحا غائرا لم يندمل إلا مؤخرا.

ما حدث ينبغى أن يذكرنا بأصل الحكاية ويجعلنا نسأل: ما هى طبيعة مهنة ودور المذيع أو مقدم البرامج وكيف يؤديها؟!. يفترض ان مذيع الأخبار يقرأ الخبر فقط كما هو مكتوب أمامه فى ورقة أو على «الأوتوكيو»، بصورة حيادية تخلو من اى مشاعر او انطباعات.

وهناك مقدم البرامج الاخبارية أو الحوارية، والشائع فى غالبية الدنيا انه يناقش قضية محددة عبر ضيف واحد أو ضيوف متنوعين أو حتى بدون ضيوف، ويعرض كل الآراء بطريقة عادلة، ولدينا أمثلة محترمة لهذه الفئة أبرزها شريف عامر وعمرو خفاجى ويسرى فودة وليليان داود، ومنتهى نجاح هؤلاء ان معظم المشاهدين لا يعرفون آراءهم الشخصية، لكن من سوء الحظ ان هذه الفئة قلة تكاد تنقرض،

وهناك نوعية برامج يكون مقدمها هو البطل بآرائه الخاصة، مثل إبراهيم عيسى وعمرو أديب، ويوسف الحسينى وتزدهر هذه النوعية فى أوقات الأزمات، حيث يحتاج الجمهور أحيانا إلى من يشرح له ويحلل ويفسر لكى يقرر اى موقف يتبناه.

قد لا يكون هناك خلاف مع النماذج الثلاثة السابقة، المشكلة تبدأ عندما يحاول بعض الإعلاميين ان يلعبوا كل الأدوار، والنتيجة المأساوية اننا نكون أمام منتج يشبه «الكنافة» والتعبير الأخير للناقد الرياضى الكبير حسن المستكاوى.

فى حالة الاستقطاب البائسة التى نعيشها، وفى ظل عدم وجود أحزاب وقوى سياسية حقيقية على الأرض، تحولت البرامج الحوارية ومقدميها لتحل محل الأحزاب، وصار مقدم البرنامج أقرب إلى دور رئيس الحزب، وهذا سبب كثير من الكوراث التى نعيشها.

نتمنى أن يعود الإعلامى ليؤدى دوره فقط ليقدم الموضوع ويترك الضيوف يدلون بآرائهم، لكن وبما ان ذلك قد لا يتحقق قريبا، فإننى أقترح على القنوات الفضائية أن تخصص دورات محددة لكل مذيعيها بمن فيهم النجوم تركز على موضوع واحد هو: كيف تتكلم عندما تكون هناك أزمة كبرى مشتعلة مثل العدوان على غزة مثلا، فيها يقال للمذيع هذه سياسة القناة ويمكنك ان تتحرك فى إطار هذا الهامش وتلك المصطلحات.

لدينا بعض الإعلاميين المثقفين فعلا، لكن عدد كبير منهم ليس كذلك. ليس مطلوبا من مقدم البرامج ان يكون نيتشه أو كيسنجر. لكن فى المقابل عليه ألا يفتى فى كل شىء ومن غير علم، وبما قد يهدد الامن القومى فعلا

ما يقوله المذيع لم يعد يعبر عن رأيه فقط، أو حتى عن رأى قناته حتى لو كانت خاصة، فى النهاية تُختزل القصة ويقال إنها تعبر عن رأى مصر.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي