الإنذار - تميم البرغوثى - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 1:21 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإنذار

نشر فى : الثلاثاء 20 ديسمبر 2011 - 9:10 ص | آخر تحديث : الأربعاء 21 ديسمبر 2011 - 2:52 م

لا بد للمجلس أن يرحل، لا بد من رحيله لا من رئاسة البلاد فحسب بل من قيادة الجيش أيضاً، لقد رأينا جنود الجيش باللباس العسكري يهتكون عرض امرأة في ميدان التحرير، يعرونها من ملابسها، ويتركونها مرمية في الشارع، ، ولقد رأينا جنود الجيش باللباس العسكري يتبولون على رؤوس العباد من على سطوح البنايات في شارع القصر العيني، ولقد رأينا جنود الجيش يشيرون بأصابعهم إشارات بذيئة لا تختلف عما فعله ضباط الأمن المركزي يوم هجم على أهالي الشهداء في يونيو الماضي، وهذا كله مسجل بالصوت والصورة ونشرته وسائل الإعلام في أنحاء العالم، وهذا كله بعد أن نقبل بزعم الحكومة أن من أطلق النار على الناس كان طرفاً ثالثاً مجهولاً كأن في مصر جيوشاً من الأشباح والجن يظهرون ويختفون ولا يعثر لهم على أثر. 

 

أقول إن هذه الأفعال إن كانت صادرة عن أوامر من الضباط فهي جرائم، وإن لم تكن صادرة عن أوامر منهم فهم إذن لا يسيطرون على جنودهم، وإن كانوا لا يسيطرون عليهم في ميدان التحرير وهم يهاجمون المدنيين العزل، فكيف يسيطرون عليهم غداً في ميدان الحرب وهم يواجهون أهوال البر والبحر؟ وبصراحة فإن تجمع ثلاثة جنود أو أكثر على امرأة واحدة عزلاء ليخلعوا ملابسها لا يشي بالكثير من الشجاعة، فإن كان مستوى شجاعة هؤلاء أنهم يرون في فتاة عزلاء تهديداً لهم، ثم يحتاجون أن يتكاثرواعليها ليغلبوها، فكيف بهم غداً إذا واجهو الميركافا والإف ١٦؟ 

 

أما إن كانت هذه الأفعال صادرة عن رجال مجهولين لبسوا لباس الجيش زوراً ليشوهوا سمعته، فما هو مستوى التنظيم والانضباط في الجيش الذي يسمح بمثل هذا الاختراق؟

 

إنني هنا لا أقلل من قدر الجيش الذي قاتل إسرائيل قديماً،ولا من شأن مئات الآلاف من المجندين القادمين من كل بيت في مصر، إنما من حقي وحق كل من رأى هذه الأفعال أن يتساءل، كيف صدر هذا عن جنودنا؟ هل المسألة محصورة في فرع ما من فروع القوات المسلحة دون غيره؟ هل المسؤول عنها ضابط بعينه دون غيره من الضباط؟ إن المحاكمات العسكرية التي عرض عليها علاء عبد الفتاح إنما خُلقت لكي يحاكم أمامها هؤلاء الجنود المذكورون وضباطهم واحداً واحداً من أدنى رتبة إلى أعلى رتبة في الدولة.

 

إن هذه الأفعال لا تقتصر على تهديد المواطنين الأفراد، بل هي أيضاً تهدد أمن مصر القومي. كل جيش في الدنيا يحتاج أن يترك انطباعاً لدي الناس في الداخل والخارج أنه قوي، مثل هذا الانطباع من ضرورات الردع الاستراتيجي ومن أعمدة سياسات الدفاع في العالم، فحين يظهر جيش ما بمظهر الضعيف فإنه يخسر منطق وجوده كرادع للأعداء وحارس لأهله. وما فعله هؤلاء الجنود والضباط المسؤولون عنهم هو أنهم أظهروا الجيش بمظهر الضعف، فالبذاءة ضعف، والاعتداء على النساء العزلاوات ضعف، أما التبول أمام الكاميرات على رؤوس الناس فلا أجد له وصفاً.

 

ويحسن الحاكمون صنعاً أن لا يغتروا بالهدوء النسبي للبلاد، وأنها لم تنتفض هذه الأيام لأحداث القصر العيني كما انتفضت لأحداث محمد محمود، فهو هدوء لن يعجب الحاكمين معناه. لقد انفجرت أزمة شارع محمد محمود قبل الانتخابات، فنادى الناس برحيل المجلس العسكري من الحكم، وما منعهم من النجاح إلا تخاذل مرشحي الرئاسة والقوى السياسية وتأخرهم عن تشكيل مجلس قيادة يخيم في الميدان ويحمي الناس فيحمونه. ثم بدأت الانتخابات، فأصبح أمام الشعب المصري طريقان لتغيير نظام الحكم، الأول هو الميدان والثاني هو الصندوق، ولما كان الأول مرتبكاً بسبب ما ذكرناه من جبن القادة وتخاذلهم، فقد اختار الناس الصندوق. هذا يعني أن الناس إنما اختاروا الانتخابات ليتخلصوا من الحكم الحالي لا ليبقوا عليه، وهذا يعني أن على الناجحين في الانتخابات أن يطالبوا بحقوق الناس، وأولها أن تنتقل كافة صلاحيات رئيس الجمهورية وعلى رأسها الصلاحيات الأمنية والدفاعية إليهم فوراً وأن يقيلوا قادة العسكر من مناصبهم فهم لا يصلحون سياسيين ولا عسكريين. والناس صابرون على فقء العيون وقتل الأولاد وهتك الأعراض أملاً في مجلس الشعب أن يأخذ لهم حقهم، فإن خذلهم ممثلوهم، فالله وحده يعلم أي غضب سيتولد عن خيبة أملهم.

 

لذلك لا يحسبن الحاكمون أن صمت الناس علامة رضا، فلا يوجد شعب يرضى بهتك أعراض بناته، فما بالك بالمصريين، إنما صمتهم انتظار وإنذار، فاحذروا غضب الحليم، فيا مجلس الشعب المنتظر، انتبه، ويا مجلس العسكر، خف ما وسعك الخوف، خف من الله وخف من الناس، خف حتى من الناس الذين في بيوتهم، ويا أيها الثوار المصريون، اطمئنوا، ستنتصرون طال الزمن أو قصر، ومن له عينان فلينظر ومن له أذنان فليسمع، وإن غداً لناظره قريب.

 

اقتباس

 

الناس صابرون على فقء العيون وقتل الأولاد وهتك الأعراض أملاً في مجلس الشعب أن يأخذ لهم حقهم، فإن خذلهم ممثلوهم، فالله وحده يعلم أي غضب سيتولد عن خيبة أملهم.

تميم البرغوثى استشاري بالأمم المتحدة
التعليقات