ملاحظات غير عابرة - أحمد مجاهد - بوابة الشروق
الإثنين 20 مايو 2024 1:24 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ملاحظات غير عابرة

نشر فى : الإثنين 21 فبراير 2011 - 10:29 ص | آخر تحديث : الإثنين 21 فبراير 2011 - 10:29 ص

 وصل مكتبى بصورة رسمية ظهر الأربعاء 16/2/ 2008 خطابا مدهشا هذا نصه: «السيد الدكتور أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، بعد التحية برجاء من سيادتكم التكرم بتجميد نشاط الفنون الشعبية بالهيئة وبجميع فرق الفنون الشعبية، حيث إننا فى فترة حُكم عسكرى وحُكم انتقالى سوف يطول لمدة سنة على الأقل، ووجود مثل هذا النشاط فى هذه الفترة ليس له دليل ونحن فى أشد الحاجة لتوفير الميزانيات على مستوى الهيئات ليستفيد منها المواطن. وهذه الفرق تنفق ميزانيات كبيرة جدا فى السفر الداخلى والخارجى وفى هذه المرحلة ليس لها أى دور غير إهدار المال العام.

لذا نرجو من سيادتكم أن تتعاونوا معنا فى تقدم مسيرة النمو والتطور حتى لا يتعرض أحد للمساءلة القانونية فى إهدار المال العام، لأن وجود هذه الفرق بدون نشاط ليس له دليل فى الفترة المقبلة، ونحن نعلم أنكم من خيرة الشباب المثقف الواعى ولكم خبرات كثيرة فى القصة والأدب وهذا هو المطلوب فى المرحلة القادمة.

نأمل تجميد نشاط فرق الفنون الشعبية على مستوى الجمهورية لأن ليس لهم دور فى الفترة الحالية. مع وافر الشكر والاحترام». التوقيع: ائتلاف شباب ثورة 25 يناير.

وقد أدهشنى الخطاب لأكثر من سبب: الأول أنه يقرر أن الحكم العسكرى سوف يطول لمدة سنة على الأقل، فى حين تقول بيانات المجلس الأعلى للقوات المسلحة ذاتها غير ذلك.
والثانى أن الخطاب الذى دعا إلى «تجميد نشاط الفنون الشعبية بالهيئة» صراحة فى أوله، دعا إلى حلها ضمنيا فى سياقه، حيث قال: «لأن وجود هذه الفرق بدون نشاط ليس له دليل فى الفترة المقبلة».

والثالث نبرة التهديد المتمثلة فى عبارة «حتى لا يتعرض أحد للمساءلة القانونية فى إهدار المال العام».

والرابع محاولة الاستمالة وفقا لسياسة العصا والجزرة المتمثلة فى قولهم «ونحن نعلم أنكم من خيرة الشباب المثقف الواعى ولكم خبرات كثيرة فى القصة والأدب وهذا هو المطلوب فى المرحلة القادمة».

والخامس أن الفاكس الذى تم إرسال الخطاب منه تمت معالجته فنيا بحيث ظهرت نمرة المرِسل مكونة من الرقم 1 مكررا عشر مرات.

كل هذا دفعنى للشك فى أن ائتلاف شباب ثورة 25 يناير هو المرسل الحقيقى لهذه الرسالة، فقررت رفع الخطاب على موقعى بالفيس بوك مساء الخميس متسائلا عن حقيقة الأمر، وقد نقله أصدقاء آخرون على مواقعهم، وجاءت التعليقات فى جميع المواقع تؤكد أن شباب ثورة 25 يناير لا علاقة لهم بهذا البيان الذى يرى أن الفنون الشعبية التراثية حرام وإهدار للمال العام. وكنت قد قررت أن أكتب عن هذا الموضوع وما ورد عليه من تعليقات فى مساء الجمعة، فاكتشفت أنا وأصدقائى جميعا أن هذا «اللِنكِ» قد تم تدميره بالكامل لدينا كلنا ولم يستطع المتخصصون الوصول إليه مرة أخرى؟!

أما الملاحظة الثانية فتتمثل فى نشر جريدة الأخبار يوم الجمعة 18 فبراير خبرا عن عودة برنامجى «حديث الشيخ الشعراوى» و«العلم والإيمان» للدكتور مصطفى محمود للعرض مرة أخرى على شاشة التليفزيون، وهذا أمر طيب ولكن ماذا عن برامج «مع الموسيقى العربية» و«أمسية ثقافية» و«فن الباليه» و«عالم البحار» وغيرها من البرامج الثقافية المدنية؟
والملاحظة الثالثة أنه عند مراجعتى للموقع الإلكترونى لجريدة الأهرام صباح السبت 19 فبراير وجدت استفتاء حول سؤال: هل تريد بقاء مادة «الشريعة الإسلامية» فى الدستور؟
والطريف فى الأمر أنه على الرغم من مطالبة السلفيين فى مظاهرات حاشدة بمزيد من التشدد فى صياغة هذه المادة، ومطالبة المثقفين فى بيانات هادئة بحذفها وتخوفهم من أن لجنة تعديل الدستور تضم عضوا فى جماعة الإخوان المسلمين، فقد غفل الجميع عن شيئين: الأول أن سيادة المستشار طارق البشرى نفسه رئيس اللجنة قد صرح أثناء التعديلات الدستورية السابقة عام 2007 بأن المادة الثانية من الدستور الحالى لازمة بصيغتها الحاضرة. أما الثانى فيتمثل فى أن موضوع المادة الثانية من الدستور غير مطروح للمناقشة أساسا لأن ما يتم الآن هو تعديل مواد محددة وليس تغيير الدستور.

والملاحظة الرابعة تتمثل فى خطاب الشيخ القرضاوى الذى انطوى من وجهة نظرى على بعض التناقضات، وأبرزها شيئان: الأول أنه أظهر تسامحا دينيا مع المسيحيين ثم طالبهم بالسجود مع المسلمين وهم مازالوا يذكرون الفتوى التى نشرت على موقع إسلام أون لاين الذى يشرف عليه يوم 6/1/2011 فى أعقاب تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية ورفع الشعب المصرى أعلاما تضم الهلال والصليب ونصها: «يحرم على المسلم أن يرفع علما فيه صليب، لأنه رفع لشعار الكفر، وكل ما أدى إلى الكفر فهو حرام».

والثانى أنه دعا المصريين للذهاب إلى العمل الآن والتوقف عن المطالب الفئوية المستحقة حتى تستتب أوضاع الثورة، لكنه فى الوقت نفسه لم يفعل ما نهى المصريين عن فعله، حيث انبرى فورا بالمطالبة بتحرير القدس والصلاة فيها قبل أن تستتب أوضاع الثورة أيضا ويهدأ أعداؤها فى الخارج والداخل.

هذا رأيى الشخصى فى ظل ثورة تنادى بحرية الرأى، فأرجو ألا يغضب منه الصديق سمير فريد الذى جاء عنوان مقاله فى المصرى اليوم صباح السبت 19 فبراير على النحو التالى «القرضاوى فى أعظم خطب العصر الحديث يؤكد استمرار الثورة»، الذى قال خلاله إن «القرضاوى عاد ليعبر عن ثورة الشعب المصرى بمسلميه ومسيحييه من أجل إقامة دولة مدنية للدين والدنيا»، وربما تشى تركيبة «دولة مدنية للدين» بأن بعض التناقض الذى زعمته قد انتقل من الخطاب إلى التعليق عليه.

التعليقات